اليوم وفي هذه البقعة من الأرض كُتب لوائل أحد أبناء الريف الدمشقي أن يزف عروسته، بعد أن شردته قوات النظام وجعلته لاجئاً في العاصمة الأردنية عمّان، فملأت الدموع وجوه الحاضرين بالرغم من قلتهم بدلاً من أن تكون أجواء الفرح هي الطاغية في ليلةٍ كان مقرراً أن تكون ليلة الفرح الأولى والأخيرة لصاحب العلاقة.
يقول وائل الذي قَدِم إلى الأردن منذ ما يقارب العام: "لم أكن أتخيل في يومٍ من الأيام أن أزّف خطيبتي بهذه الطريقة، لقد اتفقنا على الزواج منذ أكثر من سنتين، ورسمنا سيناريوهات عديدة لهذه الليلة إلا هذه الخاتمة، التي تترك غصة كبيرة في القلب".
الفرح وبرغم قلّة الحاضرين فيه تحوّل إلى مظاهرةٍ تنادي بإسقاط النظام، بعد أن بدأت الفرقة القادمة للإنشاد للعريس بترديد بعض الأغاني الثورية، التي أشعلت الحماس في نفوس الحاضرين السوريين المهجرين سواءً من حمص ودمشق ودرعا وحماة.
وتكلّم أحد أصدقاء العريس القدامى عن الطريقة المأساوية التي تمّ فيها الفرح: "لقد أتت الفرقة السورية المكوّنة من عدة مناطق سورية على شكل (فزعة للعريس) ولم تطلب أجرة حضورها، كما أنّنا قمنا بجمع أكبر قدرٍ من أصدقائنا بسبب قلة التواصل بين السوريين في الأردن، نظراً لبحث كلٍّ منهم عن لقمة عيشه، لو حدث الفرح في سوريا لاكتظت صالة الأفراح بالحضور، ولكن هذا ما حدث وما باليد حيلة".
ويؤكّد صاحب الفرح أنّ خطيبته تمّ تهريبها إلى لبنان ثم إلى الأردن منذ قرابة الأسبوعين ولعل أكثر ما ساعد على عدم انهيار هذا الزفاف هو القرابة التي تجمعهما كونها ابنة خالته، مضيفاً بأنّها تمكّنت من الهرب بأعجوبة، إلا أنّ والدتها لم تستطع اللحاق بها بسبب القصف الهمجي على الريف الدمشقي.
ويختتم أحد أقارب العريس بالتوضيح بأنّ فكرة تأجيل الفرح لعدة أيام بسبب المجزرة التي سقط فيها أكثر من500 شهيد يوم الأحد الماضي كانت مطروحة بقوة، إلا أنّ أحد رجال الدين المقربين من العائلة نصحهم بالإسراع بالزواج بسبب عدم جدوى التأجيل في ظلّ المجازر اليومية التي يقوم بها النظام أمام هذا الصمت الدولي.
جورج خوري - عمان (الأردن) - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية