أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طفل استشهد خوفاً... جبلة دخلت التاريخ الثوري رغم جغرافيا الطائفية

لا يكاد يخلو يوم جمعة سوري من لافتة جبلاوية وإن كان عدد المتظاهرين خلفها بالعشرات، هي جبلة المدينة الساحلية الصغيرة التي كانت من أولى المدن الملبية لنداء الثورة، وهي الخاضعة لأصعب حالة سلطوية في الجغرافية السورية حيث ينتشر الشبيحة واللجان الشعبية فيها بطريقة هيستيرية تكاد تملأ كل أزقتها.

مواجهة عاتية
في جبلة كانت المواجهة مع قوات النظام عاتية للغاية ويعود ذلك لانتماء الكثير من سكان المدينة والريف عضوياً لجيش وأمن النظام بحيث أن القمع قد يأتي من تلك اللجان الشعبية المنتشرة في شوارع المدينة، فمنذ أن خرجت أولى مظاهراتها من جامع أبي بكر الصديق في حي الجركس بهتاف "يا درعا نحنا معاكي للموت" في مرحلة مبكرة تمت مهاجمة المتظاهرين بالرصاص الحي في دوار العمارة بمنتصف المدينة من قبل بعض الموالين للنظام، حتى كان أول اقتحام للمدينة بتاريخ 24 نيسان 2011 استشهد جراءه العشرات واحتل جيش النظام المدرسة الشرعية.

إلا أن حي الدريبة بقي صامداً في وجه الجيش أشهراً حتى تم احتلاله في رمضان 2011 وتتالت بعده الاقتحامات فكان الاقتحام الثاني في الخامس من أيار 2011 بهدف اعتقال الناشطين وفي مقدمتهم "حسين كوبش" والذي ما زال مصيره مجهولاً حتى الآن.

وكانت نتيجة تلك الاقتحامات التي لم تنتهِ حتى تاريخه وبقيت مقتصرة على مداهمات أمنية واعتقالات، حتى تم تغييب جبلة عن خارطة العمل الميداني ليبقى العمل سرياً وفق المتاح، خاصة بعد اعتقال أغلب شبان المدينة.

وكانت من أهم ممارسات النظام في المدينة هو الشحن الطائفي وهو ما مارسه أيضاً في بانياس واللاذقية وما توضح بصورة أكبر في حمص بحشد أتباعه المدنيين ضد الثوار بتهمة السلفية والجهادية، وكانت أوقح تصرفات النظام متجليّة في جبلة حين هدد محافظ اللاذقية شبانها في اجتماعه معهم منتصف نيسان 2011 بجامع الإيمان باستقدام شبيحة الساحل إلى داخل المدينة إن لم يوقفوا المظاهرات، وهو ما حصل وما تبعه من نهب لحي الجركس والبيوت الثائرة.

وساطة إعلامية
ومع مرور عامين على اقتحامات جبلة وتكرارها بين شهر وآخر كانت المدينة مثالاً للصمود وما زالت نشاطاتها المدنية قائمة ولو على نطاق بسيط إضافة إلى ابتداعاتها الكوميدية الحاضرة في شوارع المدينة في أغلب الصباحات من خلال الشعارات واللافتات التي بات شغل عناصر الأمن اليومي هو تغطيتها وشطبها وتحويرها.

تغيب جبلة اليوم عن الإعلام ويعقب على ذلك الناشط الميداني "محمود ج" بالقول: إن جبلة وما حصل بها كفيلة أن تدخل التاريخ الثوري وأن تضاف إلى قائمة المدن السورية الثائرة، إلا أن تغييبها إعلامياً ما هو إلا بفعل النظام أولاً حيث لم يُبقِ فيها أي امكانية قادرة على نقل الأخبار أو التصوير، إضافة إلى حصارها الخانق، كما أن المدن الكبرى التي تحتل الواجهة غطت على هذه المدن الصغيرة التي ما زالت تحمل لواء الثورة عالياً.

تقول الدكتورة "إيمان": ما حصل في جبلة لن ينساه أحد خاصة الأطفال الذين تعرضوا للأذية في المدارس وأذكر هنا الطفل "مؤمن ناجي الصعيدي" الذي أصيب بنوبة قلبية واستشهد خوفاً، إلا أن ذلك لن يُركع جبلة أبداً ولن يجرنا إلى الطائفية التي يمارسها النظام ضدنا، ورغم الاعتقالات الكثيفة في المدينة لم يسكت صوت جبلة أبداً ويمكنك أن تلاحظ ذلك من خلال أخبار تنسيقيتها ومظاهراتها المتكررة.

من الجدير بالذكر أن معتقلي جبلة تعرضوا كغيرهم من معتقلي الثورة لإهانات كبيرة إلا أن نسبة الموت تحت التعذيب فاقت غيرها في جبلة فقد سجلت عشرات الحالات وما زالت بعض الجثث مجهولة المصير حيث لم تسلمها فروع الأمن لأهلها.

ومن اللافت للنظر في الفترة الحالية هو الدور الذي تلعبه جبلة في نقل أخبار جبل التركمان وجبل الأكراد والمواجهات الكبيرة بين الجيش الحر وجيش النظام حيث تقوم تنسيقيتها ونشطاؤها بالتواصل مع مناطق النار في اللاذقية وتقديم الأخبار السريعة والواقعية.

بكر هلال - اللاذقية - زمان الوصل - خاص
(128)    هل أعجبتك المقالة (141)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي