أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الرهان على التفسخ

لو سألنا أنفسنا ما هو الرهان الأساسي للنظام في كسب معركته ضد شعبه؟ هناك من يقول إن علاقاته الخارجية والحلف المنضوي فيه "حلف الممانعة" هو رهانه الأكبر، فعلاقته بروسيا وإيران وحزب الله الذين يمدونه بالسلاح والعتاد، وأحياناً بالرجال، تعطيه ضمانات الاستمرارية، وكلٌ لأسبابه الخاصة. وربما يرى آخرون أنه يراهن على تردّد من يسمون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري، إذ لم يقدموا طوال عامين إلا الفتات، بخاصة أنهم لم يحسموا موقفهم بعد من الوضع السوري أو لا يريدون أن يحسموا استناداً لاعتبارات تتعلق بإسرائيل من جهة، وبالأوضاع الهشة في دول جوار سورية، أي العراق ولبنان والأردن، من جهة ثانية. 

وقد يكون رهانه على التنوع الديني والمذهبي والعرقي في سورية الذي يستطيع إدارته واللعب فيه بحيث يخلق التخوف من الفوضى داخل سورية وفي الجوار، وهو ما لا يحبذه الجميع، سواء الدول والجهات التي تقف ضد النظام أو معه. فيما يرى آخرون أن تماسك نواته الأساسية، العائلية والأمنية، هي رهانه الأكبر في البقاء والاستمرار، وهي النواة التي لم تصب بشروخ حتى الآن، على الرغم من كل الانشقاقات التي حصلت في كل مؤسساته.

كل هذا صحيح. لكن باعتقادي لا تكفي جميع هذه العناصر للاستمرار، والنظام يعرف ذلك جيداً بحكم خبرته ومعرفته بموازين القوى الدولية وتبدلاتها ومساوماتها ومقايضاتها الممكنة، إلى جانب معرفته أن خطاب التخويف يلعب دوراً في ظل تفوقه عسكرياً فحسب، فإذا ما تغير في غير صالحه، فإن الكثير من الذين يبدون مقتنعين بدعاية النظام سوف يغيرون آراءهم ومواقعهم.

يراهن النظام بالطبع على كل ما ذكرناه، لكن رهانه الأكبر هو على التفسخ، تفسخ المعارضة والثورة. فمع الزمن تتجه معظم الكتل السياسية والحركات الشعبية إلى التفسخ إذا لم تتوافر فيها بعض العناصر الأساسية، أو عوامل النمو والبقاء والاستمرارية. ويأتي في طليعة هذه العوامل وجود مركز ناظم أو بوصلة لتوجيه الحركة والخطاب والفعل.

يتمظهر هذا التفسخ في مظاهر عدة. قلائل هي الأعمال الجماعية، على مستوى المعارضة والثورة، التي نجحت في الاستمرار حتى اللحظة، على الرغم من أن المطلوب هو النمو والتطور وليس البقاء فحسب. نعم بقيت اللافتات أو الأسماء لكن من دون فاعلية تذكر. والغريب أن الأفراد الذين يشكلون خميرة عملية التفسخ الجارية هم ذاتهم من يعيد الكرة ويذهب نحو تشكيل الأطر الجديدة التي تحوي منذ البداية بذور التفسخ.

ليس هناك تشكيل سياسي، أو جمعية أو حزب أو أو تحالف أو مجلس، استمر حتى اللحظة فاعلاً أو مؤثراً. عملية التفسخ ستصبح أسوأ وآثارها أشد إذا قلنا إن هناك مهاماً مستقبلية تلوح في الأفق وتنتظر الثورة والمعارضة، بخاصة مسألة التفاوض مع النظام، فمسار الأحداث وتوازنات القوى الإقليمية والدولية تسير في هذا الاتجاه، على الرغم من كل الضجيج الإعلامي الذي نسمعه هنا وهناك. إذا لم تكن المعارضة، على الأقل، جاهزة للقيام بالدور المطلوب لتحقيق أهداف الثورة من خلال عملية التفاوض المرجحة، فإن مصيرها هو المزيد من التفسخ.

قد يقال ببساطة ما البديل؟ النقد دائماً يحتوي بين ظهرانيه بديلاً للحالة القائمة، لكن يمكن تحديده بوضوح بالقول إن المهام الراهنة والمستقبلية، وعلى رأسها إيقاف عملية التفسخ، تتطلب إيجاد تشكيل سياسي متوازن ومتماسك، ذي رؤية سياسية واضحة في كل القضايا، ويقوم على أساس تنظيمي وقانوني مبتكر، يحقق إدارة صائبة لمسألة الاختلاف في الرأي، بدلاً من الحالة السائدة التي ينتهي فيها كل اختلاف إلى حالة من الشقاق أو الانشقاق، ويمتلك خططاً مرحلية ومستقبلية عملية، ولديه أجوبة موحدة ومحددة تجاه كل الإشكالات المطروحة، ويصدر خطاباً سياسياً وإعلامياً وطنياً رزيناً يضع في اعتباره كل السوريين، ويستبعد من صفوفه "مؤقتاً" على الأقل، كل الشخصيات المثيرة للجدل والضحلة التي ساهمت بشكل أو بآخر في عملية التفسخ الجارية. 

أخذت المعارضة، خلال العامين الماضيين، فرصاً كافية ولم تنجح، بل على العكس إنها خلقت كل ما من شأنه دفع عملية التفسخ نحو الأمام، ونقلت إلى المجتمع السوري أمراضها وخلافاتها وتنافساتها، وقدمت حالة غير مطمئنة للسوريين والمجتمع الدولي حول مستقبل البلد. 

إما أن يقوم المرء بالعمل المطلوب في الوقت الملائم أو سيدفع غرامة التأخير، فالواقع والتاريخ لا يرحمان الكسالى، ولا ينخدعان بمن يمارس "الفهلوية" و"الشطارة" ضد القوانين الواضحة والصارمة لهما. هذا التأجيل المستمر للمهمة المركزية للمعارضة خلال عمر الثورة ساهم بلا شك في إطالة عمر النظام ومعاناة السوريين. إنها فاتورة التأخير، ولذلك قالوا منذ القدم "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد".

(118)    هل أعجبتك المقالة (113)

علاء الخطيب

2013-04-23

شكرا كلام جوهري رغم عموميته... واضيف للحل في ازمة تفسخ المعارضة هو السؤال ما هي اسباب تفسخها؟؟؟؟ هل هي فقط الامراض الشخصية للاشخاص؟؟ هل فقط كما اشاع المساكين ان لا خبرة سياسية لديهم؟؟؟ هناك سبب اهم من كل ذلك.... وهو ارتهان هذه المعارضة لارادة الدول ذات العلاقة وبالذات الثلاثي الشرير حكام "قطر والسعودية وتركيا"...واي محاولة لمعالجة هذا التفسخ تحت غطاء الدوحة او اسطنبول ايضا هو مضيعة للوقت......


نيزك سماوي

2013-04-23

ما زال الدكتور حازم يجمل اللغة التي يستخدمها في كتابة المقال ويصف العصابة المجرمة الدموية السفاحة بالنظام ؟ ويقول النظام الذي يقتل شعبه ؟ لا يوجد نظام على وجه الارض يقتل شعبه بهذه الطرق الهمجية البربرية ولكن لنسمي الاشياء بمسمياتها فهذه العصابة المجرمة لم يكون الشعب السوري يوما شعبها ولكنه تعامله كعدو لها في وقت السلم والخرب ففي وقت السلم سرقت ونهبت واعتقلت وسجنت وعذبن وافسدت هذه العصابة كل شيء في سوريا وفي زمن الثورة بدات بالقتل الممنهج للشعب السوري فهل هذا نظام يقتل شعبه ؟ لا انها عصابة مجرمة سفاحة خائنة عميلة لإسرائيل وهي تقوم بعمل اجرامي ضد الشعب السوري حتى اسرائيل نفسها لو كانت محتلة سوريا احتلال مباشر فهي كانت لا تستطيع ان تقتل وتدمر كما يدمر عميلها المجرم الخائن السفاح فلن تجد اسرائيل افضل من هذه العصابة لقتل الشعب السوري فهي اي اسرائيل تغطي فقط على الجرائم التي تقوم بها هذه العصابة المجرمة اليوم هناك عدوان ثلاثي على الشعب السوري من كل قوى الاجرام والارهاب في العالم متمثلة في ايران واسرائيل وروسيا وعصابة الاسد العميلة الخائنة وارهابي ايران في لبنان ولكن مهما فعلتم ايها المجرمين فلن تفلتوا من وجه العدالة ابدا من كان ورائكم ومها كان دعمكم سوف نكون كلنا جنود الوطن جنود سوريا للزود عنها في وجهكم ايها المجرمين الاوغاد يام بعتم سوريا الى الاعداء ؟ يامن دمرتم سوريا يامن شردتم شعهبا ولكننا قادمون اليكم لتطهير سوريا منكم ايها الدمويون القتلة.


عبدالرحمن

2013-04-23

السيد حازم مللنا من تحميل اللوم لعدم توحد رؤية المعارضة او عدم توحد صفوفها الى آخره نرجو توضيح أكثر او اعادة توجيه السؤال : لماذا لم تتوحد المعارضة و بما انك واحد من المعارضة فما انجازاتك الشخصية لتوحيد كلمة المعارضة.


يونس قاسم

2013-04-25

المعارضة السورية والزواج العرفي لا لأننا عرب قلوبنا شتى ،ولا لأنه تمّ تغيبنا عن السياسة قسرياً مدة خمسين عاماً بسياسة اشتراكية هجينة ،بدءاً بعبد الناصر وانتهاءاً ببشار ،ولاإننا طلاب زعامة تقودنا أهواؤنا للبحث عن الموقع الفعال ضمن أي عمل جماعي ،لا لهذا ولا لذاك نحن متفرقون ولانثق إلا بأنفسنا. فقط لأننا أصحاب تجربة تاريخية طويلة في الحكم ،تربينا على فكرة الكبير الذي بيده الحل والعقد ،وعنده مجامع الأمور يتحلى بالحكمة والشجاعة ’والرحمة والعدل ،وهو مزيج بين الخليفة العادل و شيخ القبيلة الذي يحمل في نفسه هموم الجميع،ويسعى لحلها.من أجل هذا كنا ما إن نرى أو نسمع مدعياً البطولة ومتشدقاً بقيم الخير والحق والعدل ،ومواجهة الطامعين ،وراعياً لحقوق الأمة والشعب ومحافظاً عليهما حتى نحمله على أكتافنا ،محتضين أقواله ومشاريعه وأحلامه وأوهامه ،منادين بها ،منافحين عنها ،ولعمق المعاناة ،والرغبة بتجاوز مانحن فيه من بلايا ،نحمل أنفسنا على الإعتقاد بأن مشاريع هذا الفذ ستتحقق غداً .ويقودنا هذا الإيمان والإعتقاد، لتجاوز أخطاءه ،وتبرير منزلقاته ،بل وتسويغ تخاذله أو غبائه.منذ الشريف حسين في العصر الحديث مروراً بفيصل ،وقادة الأحزاب الوطنية والقومية إلى قادة الإنقلابات العسكرية مدعي الشرعية إلى عبد الناصر ومتفرعاته حتى يومنا هذا ،وزكي لأرسوزي وعفلق وماتفرع عنهم من مفرطين بحقوق الأمة والشعب حتى نصل بشار الذي لم يسجل التاريخ من هو أشد منه إجراماً بحق شعبه . بسبب ذلك ،ولخلو تجربتنا التاريخية في الحكم من مفهوم الديمقراطية ،فكراً ،وثقافة ،وممارسة ،والتي يستعاض بها عن مفهوم الزعيم العادل ،ولما عانيناه من خذلانات من الزعماء ،تطور لدينا مفهوم ماحك جلدك مثل ظفرك ليأخذ منحىً سياسياً ،متمظهراً بروح فردية في العمل السياسي معبراً عن عمق المرارة التي حصدناها من تجارب مخيبة للأمال وطنياً وقومياً. هذا حالنا اليوم نحن السوريين ،وهذا حال معارضتنا الخارجية والداخلية في أعظم ثورة خاضها شعب ضد طغاة لم يسجل التاريخ مثيلاً لهم في الإجرام .إفراط في الروح الفردية لدرجة قادت المعارضة أوالمعارضات الخارجية لمدارات ومسارات بعيدة عن الفعل الثوري الخلاق داخل الوطن،-إلاّ من رحم ربي- بحيث لم تقم بين الثوار وقادتهم في الداخل من جهة وبين المعارضة وقادتها في الخارج من جهة أخرى أية وحدة تجسد عظمة هذه الثورة ،وتعبر عن قوتها وتماسكها وأصالتها في مخاطبتها للخارج ،لتفرض عليه تغيراً في مواقفه المتأرجحة بين الإدانة والإستنكار ،وتقوده لاتخاذ مواقف تساهم في إسقاط هذا النظام وإيقاف حمامات الدم والدمار التي ينفذها نظام أجاد ترتيب أوراقه بإرضاء جميع أصحاب القرار على الصعيد العالمي ،من إسرائيل إلى إيران مروراً بمن تبقى من جوقة الخذلان العالمي،وذلك على حساب الدم السوري. لقد توهم معارضوا الخارج بأن رفع اللافتات المجلس الوطني يمثلني – الإئتلاف يمثلني في المظاهرات ،أوالترحيب الإحتفالي ببعض قادة المعارضة الخارجية عندما تدب أقدامهم عل أطراف المناطق المحررة ؛يعطيهم أحقية بقيادة هذه الثورة أو التعبير عن مطامحها أوتمثيلها في مخاطبة القوى الخارجية الفاعلة والعارفة بحقييقة عقد الزواج العرفي بين ثوار الداخل وهذه المعارضة التي أخطأت كثيراً عندما اعتقدت بأن ظهورها على وسائل الإعلام يكفي لإعطائها شرعية التحدث باسم الثورة بل قيادتها. نعم لقد أخطأت المعارضة الخارجية عندما وقفت بعيداُ عن الفعل الثوري في أرض الوطن ،وحرمت ثوار الداخل مماتمتلكه من الحكمة والحنكة ،في تنظيم أمورهم ،وإعداد تشكيلاتهم الثورية ،السلمية منها والقتالية ،لحمايتهم من التشرزم والإنزلاق لمهاوي الغيّ والفساد فيما نرى ونسمع عن بعض الفصائل .،بل والأنكى من ذلك ،أصبح كلما لمع نجم مناضل من ثوار الداخل بعد أن تكونت لديه خبرة عملية بفضل قيامه بالفعل الثوري في الداخل،أغرته معارضة الخارج ببهرجها واستدرجته لتصنع منه مناضلاً خارج أرض الوطن محبطة إمكانية تشكل قيادة ثورية ناضجة في الداخل بحسن أوسوء نية،و لتزين صفوقها بمناضلين حقيقين لاكتساب شيئاً من المشروعية ،وفي ذلك تأكيد على استمرار عقد الزواج العرفي بين الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج،وقد سبق وطالبنا المجلس الوطني بالإنتقال للداخل ،وإبقاء ممثلين له في الخارج ،ولكن أبى هذا المجلس ألاّ يسمع صوت من ينادي من بعيد ،ولوكان في ندائه جانب من صواب.وكررنا النداء في مخاطبة الشيخ أحمدمعاذ الخطيب برسالة الكترونية ،نطالب فيها بانتقال جميع قادة الإئتلاف للداخل ،مع الإبقاء على ممثلين له في الخارج ،عمّمت على نطاق واسع الكترونياً ،آملين بتحول الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من معارضة خارجية إلى قائد لثورة شعب ،وذلك بإبرام عقد شرعي بينه وبين ثوار الداخل يؤهله ويمكنه من مخاطبة أصحاب القرار على الصعيد العالمي بثقة ومشروعية . نقول هذا لأن شعبنا وبعد مضي مايقارب العامين على ثورته العظيمة ،وبعد تشريد الملايين منه داخلياً وخارجياً،وتقديم مايناهز المئة ألف شهيد ،ومئات ألاف المفقودين والموقوفين والجرحى والمعوقين،وتدمير مئات الألاف من المنازل والمنشآت ،وشعبنا مصر على مطالبه ،وماض في ثورته حتى ينال حريته بإذن الله ،والعالم ماض في غيه وبهتانه ولايقدم إلا كلام ممجوجاً متأرجحاً بين الإدانة والإستنكار ،ومعارضتنا الخارجية لازالت تتخبط في الأوهام ،فلاهي تحولت لقيادة ثورية تحرج الخارج وتفرض عليه التفكير في مصالحه إن هي صعدت في مواقفها الثورية ،ولاهي استطاعت أن تحقق إنجازاً في نشاطها الخارجي يؤهلها أن تقنع ثوار الداخل بأهميتها في إنجاح ثورتنا ضد الطاغية ومن والاه من عرب وعجم.وكأنها استمرأت ،أولم تتمكن من تجاوز عقد زواجها العرفي لامع الداخل ولامع الخارج ..


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي