أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شعب لا ذيل له .. د/ميمونة جنيدات

من أمثالنا القديمه (اذا أنت أمير وأنا أمير فمن سيرعى الحمير؟)...وعلى ما يبدو هذا هو حالنا منذ اندلاع االثورة إلى أن تفاقمت أوضاعنا في عامها الثالث....
فبعد الشهور الأولى لانطلاق الثوره انطلقت عبارات التنديد وصدحت حناجر النقد بأهل حلب ودمشق ....واليوم هبت دمشق وهبت حلب ..خربت حلب ودمرت وعلى خطاها تسير دمشق فهل أخمدت سهام النقد ؟ فبعضهم ما زال يردد لو أنهم هبو لانتصرت الثوره في ساعاتهاالأولى ، وآخرون رَمَوْا هَم َّالثورة وراء ظهورهم وجلسوا يتنازعون حول الأسبقية في الثورة والأفضلية في تقاسم مكاسب مازالت هلامية ، ويتراشقون التخطيئ والاتهامات والتنظير والمزايدات...
الكل بات محلل سياسي وخبير عسكري ومخطط استراتيجي ...
الكل لديه روح القيادة ونزعة الترأس والسيادة ..من خالفه الرأي فهو خائن .. وفي أحسن الأحوال منغلق وناقص الخبرة وقصير النظر .
تعبنا ياقوم ....
انا أعلم أن في الثورة رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه .. وفيها رجال لو اقسمو على الله لأبرهم .. فيهم قال رسول الله (ص):- لَا تَزَالُ عِصابَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلونَ علَى أبوابِ دِمَشْقَ ومَا حَوْلَهُ، وعلَى أبوابِ بيتِ المَقْدِسِ ومَا حَوْلَهُ، لَا يَضُرُّهُم خِذْلانُ مَن خذَلهم، ظَاهِرِين علَى الحَقِّ إلى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ". أخرجه أبو يعلى ، والطبراني في الأوسط-وبهؤلاء نستمطر نصر الله .
وهناك أقوام تطفلوا على الثورة بدون هدف متبلور أو رؤيا واضحة ، وجدوا أنفسهم في سفينة الثورة إذا كسبوا منها رضوا وامتدحوها وإذا سارت بغير ما تشتهي أنفسهم انقلبوا وسخطوا.
وآخرون غوغاء يسوقهم بعض من خَبُثَتْ سريرته ذات اليمين وذات الشمال..
وهناك أقوام لا يؤمنون بالتضحية والعمل الجماعي إلا بما يعود عليهم بنفع أعظم،الثورة صارت عندهم مطية ،والمبادئ والأخلاق ثوب يلبسونه متى احتاجوا إليه، إذا خرج أحدهم من -المولد بلا حُمُّصْ- أمطر الثورة نقدا ورجالها تخوينا وتسفيها..
وآخرون من الطابور الخامس ..أوتوا مواهب في النقد فصقلوها وطوروها حتى صارت هي الغاية والوسيلة معا ،.فلما سطع نجم بعض العلمانيين في قيادة المعارضة أشبعوه همزا ولمزا،وعندما آلت الراية لإسلاميٍّ أمطروه هزءا وانتقاصا وأوغلو في عيوبه نكشا ... إن لم تكن ذواتهم محط التقديس والتعظيم فلن تتسع صدورهم للغير...في البداية قالوا نودُّ إيقاف حمام الدم والخلاص من آل الأسد و إن كان البديل خدام أو طلاس ،واليوم بعد أن ظهر البديل شخص مناسب أجمع على نزاهته وتجرده وإخلاصه معظم أطياف الشعب تركوا -عدوهم الأول –بشار وراء ظهورهم وناصبوا الأخيرالعداء ورفضوا السير في ركابه وترصدو له الأخطاء وقذفوه بجحيم ألسنتهم حمماً تنضح بما في قلوبهم من غل ، ولسان حال كل منهم يقول انا الأجدر بهذاالمنصب ...
يا قوم كيف تحملتم ان تبقوا ذيولا لرأس واحد عشرات السنين والآن تريدون سوريا كيانا بآلاف الرؤوس لا ذيل له ؟.
ساندتم آل الأسد أربعين عاما أليس بمقدوركم أن تساندوا معاذ الخطيب شهورا من أجل وحدة الصف والكلمة ولتقطعوا الطريق على كل من يبحث عن الذرائع والحجج لإخماد ثورتكم والتنصل من دعمها.
التفوا حوله شهورا أو عاما حتى ينقل البلاد لشاطئ الحرية وبعدها فليرحل بعيدا ..ويترك لكم الساحة تتنافسوا فيها وتتناطحوا كما تشاؤون....
أنا لن أتشاءم ، فالنور يسطع في آخر النفق .. ولكن دربنا طويل ومفروش بالشوك والآلام ..فثورتنا بدأت على بشار ولن تنتهي بسقوطه ، إنها ثورة على كل الآفات الاجتماعية والسياسية والمفاهيم الخاطئة في كل مضمار ، والتي زُرِعت فينا على مدى نصف قرن وأنجبت جيلا يقتات على الأنانية وحب الظهور ..وستبقى ثورتنا مستمرة إلى أن أن ينقرض هذا الجيل أو تندثرأفكاره ويولد جيل جديد يؤمن بالإيثار والتجرد وعمل الجندي المجهول ، هدفه الأول نهوض البلاد وليس الشهرة والأضواء والمنفعة الشخصية والعائلية والعشائرية ،ولتحقيق هذا الهدف علينا كمثقفين العزف على وتر كبرياء الشعب السوري وحبه للتميز والتفوق والإنتاج بأننا وإن هُدمت بلدنا لسنا أقل إرادة وذكاء ونشاطا من الألمان واليابانيين الذين أنشأوا من تحت انقاض الدمار حضارة عملا قة حينما ذابوا جميعا في حب الوطن وانصهروا بكل أطيافهم في بوتقته ،وأضحى بناؤه هو المجد الشخصي لكل فرد فيهم .

16/4/ 2013م

د/ميمونة جنيدات
(113)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي