لحمص قصة طويلة مع الحصار، بدأ فصلها الأول في الشهر السابع من العام 2011 الذي حمل بين أيامه أول تقسيم بين الأحياء الثائرة وجيرانها المؤيدة، لحقتها محاولات عديدة لفصل الأحياء الثائرة فيما بينها بالحواجز العسكرية، إلا أن اقتحام جيش النظام لباباعمرو في آذار 2012 شهد شكلاً آخر للحصار تمثل بإقامة الجدار الإسمنتي العازل بين باباعمرو والإنشاءات.
وجاء حصار حمص القديمة والخالدية والقصور وجورة الشياح منذ ما يزيد عن 300 يوم ليكون علامة فارقة سوداء اللون، لا في جبين النظام فقط بل العالم أجمع.
ولم يكتفِ النظام بذلك بل يحاول يوماً بعد يوم ترهيب الناس بفرض هيمنته وسطوته بحصار أحياء جديدة والتضييق على أهلها كما يحدث هذه الأيام مع الإنشاءات والوعر.
سجن الإنشاءات
السير على الأقدام كاستخدام السيارة الآن، في الحالتين لا مجال أمامك للخروج من حي الإنشاءات إلا المرور من أحد الحواجز الأمنية وإبراز بطاقتك الشخصية، إن كنت مطلوباً فمكانك المعتقل وتعذيب السجّان وإلا فالبقاء ضمن الحي، المعتقل الآخر، الحل الوحيد، مع ميزة وحيدة رضي بها السجّان مرغماً، هي أن هذا السجن في الهواء الطلق، هذا هو حال حي الإنشاءات هذه الأيام.
فصمتُ الحي قسراً منذ أشهر طويلة حَوَّله رويداً رويداً إلى معتقل، بدءاً من الحواجز التي خنقت الحي إلى الجدران الإسمنتية العالية التي وضعت منذ يومين، والتي تفوق في ارتفاعها المترين، قَاطعة بذلك الإنشاءات عن طريق طرابلس، منفذ الحيْ الوحيد نحو بقية أنحاء حمص دون رقابة مراقب.
الفصل بالحواجز الإسمنيتة له ما يبرره حسب أحد الناشطين، فالحواجز الإسمنتية توفر الكثير من الجهد والأشخاص في ظل فقدان النظام للعنصر البشري وعدم مقدرته على وضع الحواجز عند كل شارع ومفرق طرق.
تضييق على خزان حمص البشري
في الوعر، خزان حمص البشري، أغلق النظام حاجزين أمنيين من ثلاثة أمام السيارات، أما السير على الأقدام هو أمر أقرب إلى المستحيل في الظروف العادية للمسافة الطويلة أولاً ووجود البساتين ثانياً بين الحي وبين صِلتيْه، الحَمْرا والغوطة، مع أحياء حمص الأخرى.
والحاجز الثالث الذي بقي مفتوحاً أمام السيارات هو حاجز المزرعة، الأخطر على الإطلاق في المدينة، ليس للخطورة الكامنة في الحاجز بذاته، إنما في الطريق الواصل إليه. فقد يصادفك في هذا الطريق، مفاجأة ليست بالحسبان، مفاجأة قد يعدها شبيحة قرية المزرعة الموالية التي يقع الحاجز على أطرافها، هذه القرية التي أرّق شبيحتها أهالي حمص طويلاً بعمليات الخطف الكثيرة عدا عن عمليات القتل والاقتحام التي كلفوا بها من قبل النظام.
العبء الآخر الذي سببه إغلاق الحاجزين هو الكلفة المادية العالية للتنقل بين الوعر وأي حي آخر لبعد الحاجز الوحيد المتبقي عن مناطق العمران، ويكفي أن نقول أن تكلفة سيارة الأجرة من الوعر إلى الحَمْرا على سبيل المثال، زادت على350 ليرة سورية حالياً.
عمر نجم الدين - حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية