النصرة بين"القاعدة" والمخابرات الجوية ومخاوف الأقليات

أثار إعلان جبهة النصرة الذي صدر مؤخراً حول مبايعتها لزعيم القاعدة أيمن الظواهري عاصفة من التخوفات عند الشعب السوري عامة والأقليات منه خاصة، وقد تبع هذا الإعلان مجموعة من المواقف والتصريحات لرافضة له.

فإذا كانت في البداية بعض القوى المعارضة الداخلية والخارجية تعمل بجهد مع ناشطي الأقليات لتطمئن الشارع السوري رغم هواجسه بأن جبهة النصرة حزء من الجيش الحر وهي تقاتل من أجل حرية البلد وكسر نير الاستبداد، إلا أن جهدهم ضاع سدىً بعد إعلان قائد التنظيم السوري المسلح (محمد جولاني) بأنهم يبايعون زعيم القاعدة الشيخ أيمن الظواهري، نافياً ما أعلنه أبو بكر بغدادي زعيم دولة العراق الإسلامية عن اندماج جبهة النصرة وتنظيم القاعدة في العراق من أجل إنشاء دولة إسلامية في العراق والشام محاولاً أن يطمئن السوريين بأن مبايعتهم للقاعدة لن تؤثر على سلوك جبهة النصرة وبأنهم سيضلون أوفياء لما عرفهم عليه السوريون.

انقلاب على النصرة
وبعد هذا الإعلان سارعت القوى المعارضة إلى تغيير موقفها الداعم لجبهة النصرة وعلى رأسهم رئيس الائتلاف الوطني الشيخ معاذ الخطيب ونائبه جورج صبرا فبعد أن انتقدا في كانون الأول 2012 واشنطن حين وضعت جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية انقلبت آراؤهم الآن حيث صرح الخطيب (بأنّ فكر القاعدة لايناسبنا وعلى الثوار في سوريا اتخاذ قرار واضح في هذا الأمر) في حين أعلن المتحدث باسم الجيش الحر لؤي مقداد (بأنّ جبهة النصرة لاتتبع للجيش الحر ولايوجد قرار على مستوى القيادة للتنسيق معها ولكن هناك واقع ميداني يفرض نفسه فتلجأ بعض الفصائل على الأرض إلى التعاون معها في بعض العمليات).

إنّ ما سبق من تصريحات جبهة النصرة والقوى المعارضة زاد مخاوف الأقليات على مصير سوريا ومصيرهم في ظل هذا المد الإسلامي المتطرف فكان للناشط السيايسي (جبر الشوفي) وهو من الأقلية الدرزية رأيٌ مفاده بأن كل ماتقوم به جبهة النصرة منذ لحظة تواجدها في سوريا إلى الآن هو خطفٌ لمسار الثورة واستبدادٌ بإرادتها، ولو نهض الشعب السوري أجمع في مواجهة الاستبداد في كل المناطق السورية لما أفسح المجال للنصرة وغيرها من المتشددين دينياً أن يملؤوا الفراغ الذي فرضه نداء الدم.

وإن كلام الناشط السياسي جبر الشوفي أثبتته سلوكيات جبهة النصرة في المناطق المشتعلة المجاورة للأقليات حيث قامت عدة مرات بعمليات خطف لامسؤولة في السويداء وكان معظم من تخطفهم من الناشطين المؤيدين للثورة فضلاً عن اختطاف 17 شاباً درزياً من المدنيين على طريق الثعلة السويداء منذ أكثر من 7 شهور ولم ترجعهم على الرغم من كل الوساطات ولايعرف مصيرهم حتى الاّن.

صنيعة المخابرات
في حين يخبرنا الناشط (روجيه .بطرس) بأن تواجد المتطرفين في سوريا والتابعين لجبهة النصرة وغيرهم من الجماعات الجهادية، وما اقترفه بعضهم من حماقات وسلوكيات غير مقبولة دفعت بالمسيحيين المتواجدين في أحياء من حمص ودير الزور وحماه إلى هجرة بيوتهم خوفاً على حياتهم وحياة أبنائهم، كما زادت من مخاوف الرماديين كونها أعطت الصبغة الإسلامية المتطرفة للثورة السورية.

في حين كان للناشط (خ.د ) وهو من الطائفة العلوية رأيٌ مغاير بعض الشيء حيث قال بأن جبهة النصرة هي من صنيعة المخابرات السورية الجوية وهي التي أشرفت على دخولها وتدريبها وتجنيدها في خدمتها وقد بدأ النظام السوري في استثمارهم منذ بداية شهر أيار عام (2003)حيث كان يدخلهم ويدربهم ويرسلهم إلى العراق حتى أن السيارات المفخخة التي تتبناها جبهة النصرة يتم تجهيزها في مرآبات فروع الأمن وتعيين مواقع تفجيرها كما أن البيان الذي وزعته جبهة النصرة البارحة تم صياغته وإذاعته من قبل المخابرات الجوية.

وسواء كانت النصرة هي نصرة النظام وإحدى تجاراته الإعلامية ليقدم نفسه ضحية الإرهاب الإسلامي أو كانت صنيعة القاعدة نفسها التي تحلم بنشر تعاليمها بأساليبها فإن هذا أثار مخاوف وقلق الشعب السوري عامة والأقليات منه خاصة فهل أصبح عليهم مواجهة عدوّين على أرض الوطن، وتطهير ثورتهم من ما لحق بها من انحرافات أمام السوريين الرماديين وأمام الرأي العالمي ثانياً؟