صحيح أن النظام يلقّن العالم دروساً في القبح من خلال ما يفعله بالسوريين، إلا أن ذلك لا يمنع من استحضار الجمال، ربما لأن الشيء يذكّر بضده.
ومن معايير الجمال الشهيرة مقاييس فينوس كبيرة آلهة الرومان المرتبطة مع الحب والجمال والخصوبة، وكان قرينها البركان، الأسطورة الرومانية تلك تذكرنا بالأسطورة السورية لماذا؟
ليس لأن نيرون سوريا يحرق البلد، وليس لأن في الثورة السورية ما يذكّر بالبركان قرين آلهة الجمال.
القصة وما فيها أن مقاييس فينوس المعتمدة في بعض مسابقات الجمال في العالم تحدد مقياس كتفي الأنثى ب36 إنشاً بالتناسق مع ردفيها اللذين يجب أن يتمتعا بالمقياس نفسه 36 إنشاً، فيما يجب أن يتوسطها خصر ضامر لا يتجاوز 24 إنشاً.
ومن الممكن أن نجد إناثاً تحمل تلك المقاييس لكن ليس بالضرورة أن تكون بالترتيب نفسه، فقد ترى الأكتاف بمقياس الخصر وهذا الأخير بمقياس الأرداف وهلم جرا...!
أعذر من يلوم تطرّقنا لحديث أقل ما يُقال فيه أنه ترف ورفاهية في وقت نرى القبح بكل أنواعه يخيم على سوريتنا، لكن عذري أن مقاييس فينوس الرومان تذكر بمعايير سورية الأسد تماماً ولكن كيف يجتمع الضدان؟!
على مدى نصف قرن تقريباً تجد أن مقاييس الحياة بمراحلها المختلفة تشبه مقاييس فينوس المقلوبة "فوقاني تحتاني" فقد تجد طفلاً أكبر من عمره لهول ما رأى وواجه، ويمكن أن تصادف شباناً أو شيباً يفكرون كأطفال وتلك نتيجة طبيعية لما تلقنوه من عبارات طالما حفظوها عن ظهر قلب، أو عن عمى قلب رغماً لكي ينجحوا في امتحانات "القومية العربية" و"التربية الوطنية" من قبيل "انصهار الأجيال من خلال المنظمات الشعبية في بوتقة واحدة" وأرجو ألا يسألني أحد تفسير تلك الجملة و"خلي الطابق مستور".
لكن هؤلاء ليسوا أخطر ما تعاني منه بقايا بلدنا في الداخل أو الخارج، وإنما هناك ثلاثة مقاييس يمكن اعتبارها عناوين عريضة لما يجري في سوريا أولها ولدنة السياسيين لدى النظام ممن يعطي الأوامر بإطلاق الصواريخ العابرة للأخلاق، أو القنابل المفجّرة للضمير، أو البراميل المحملة بعناقيد اليتم والثكل والترمل!
وثانيها مراهقة بعض سياسيي المعارضة بما لم يسمح لها الاتفاق حتى على توصيف النار التي لم تُبقِ يابساً ولا أخضر، وثالثها حكمة شيوخ المهنية الإعلامية التي تجيد وصف النار الحارقة الخارقة في سوريا، لكنها لا بد وأن تثبت مهنيتها وحياديتها أمام مشهد الحريق عندما تختم بلازمة"ولم يتسنَّ لنا التأكد من المشهد من مصدر مستقل"...!!!
عاصي بن الميماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية