أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مواقف الطوائف من الثورة ... محمد حسن عدلان

عاش السويون بكل طوائفهم وأعراقهم متآلفين ولم يحدث قبل الأسد ما يعكر صفو التآلف الاجتماعي ،ولكن الآن نكون كمن يدفن رأسه بالرمال إن تجاهلنا ذلك الاحتقان الطائفي وأسبابه، فمعرفة المرض ضرورية للعلاج
مع الثورة السورية برز لكل طائفة موقفها بشكل عام ، ولكن هذا لا يعني أن فيها من لا يغرد خارج سربها . فهناك من أهل السنة من يساند النظام ولكن ينعته سوادهم الأعظم بالخيانة ، وبالمثل فهناك من العلويين من يقف ضد النظام ولكن ينعته عامتهم بالخائن . ويتأكد ذلك من الحاضنة الشعبية، ففي حمص مثلا هل الجيش الحر وجد ملجأ احتضنه عند أهالي حي الزهرا أم عند أهالي حي بابا عمرو؟ . وفي دمشق هل احتضنه الميدان أم مزة 86 ؟
وأنا هنا لا أقيم الحالة بل أصفها .
فإذا تجاوزنا العلمانيين و قلة من النخب، ونظرنا للمكونات الشعبية من العامة سنرى :
1- الأغلبية (وهم العرب السنة) الذين يشكلون تقريبا ثلاثة أرباع السوريين ،وهناك من يضم لهم الأكراد ليكون التجمع الإسلامي السني بأكثر من بضع وثمانين بالمئة
ـ العرب السنة يرون أنهم قد تم تهميشهم بالحكم ،ولحق بهم ظلم كبير منذ استلام الأسد الأب ، فقد تم إقصاؤهم عن الجيش والأمن والمراكز الحساسة ، فأصبحوا قلة تابعة رغم أنهم الأكثرية ،أما الوزراء والنواب وإن كانت نسبتهم عادلة ولكنهم دمى مطيعة لنفوذ الجيش (العلوي) وهذا يلمسه الجميع وخاصة من أدى الخدمة الإلزامية فإنه يدرك صحة قول(العقيد د.عبد الحميد زكريا أن دورة تخريج الضباط يكون فيها 1200 خريج منهم 1100 علوي ومئة من بقية الطوائف.
ويظهر ترسخ التذمر بقولهم : إن الأعمى يعرف أن سجون المخابرات يكون فيها معظم المساجين من السنة أما الجلادين فمن العلويين
هذه النظرة عامة حاليا ولم تكن شاملة قبل الثورة ، فدرعا مثلا كان لها خصوصية باستلام المراكز ، ولذلك قال حوراني لحمصي مرة :
احمد ربك ، فلو لم تساهم حماقة النظام وغطرسته بانطلاق الثورة من درعا لرأيت معظم الحوارنة يشبحون مع النظام في المدن السورية كما حدث أثناء مجزرة حماة.
وهذا ينطبق على كثر من قبائل الفرات وعرب الجزيرة وأكرادها وعند هؤلاء لا يتعلق الأمر بمناصب نالوها ولكن بسسب التجهيل وبسبب غفلة من انطلت عليهم لعبة فرق تسد .
وبعض هؤلاء الآن يرى الخلاص بدولة الخلافة (النصرة وحلفائها) ويهملون القومية فالعرب باعوهم بينما النصرة نصرتهم ، ويحتجون بقول الخليفة عمر (ر) وهو العربي القح : (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزه بغيره أذلنا الله) .
وآخرون لا يمانعون بذلك ولكن يتوجسون من جر البلاد لحرب مع الغرب فيرفضونه ، وبعضهم يتطلع لدولة يحكمها الإخوان ، وآخرون يميلون للتبسيط حسب طيبتهم كالشيخ معاذ حيث يتعاطفون مع التعدد والديمقراطية مع قبول التدين ويتصورون أنه بعد النصر ستمتثل جبهة النصرة للقول : (جزاكم الله خيرا ،أنهيتم مهمتكم والله معكم على بيوتكم).
والحقيقة هي أن أكثر السنة الواقعيين يتطلعون لدولة مؤسسات ديمقراطية تحقق العدالة مهما كان شكلها .
أما من يقول: سنبيد وسنقتل وسين وسوف فهذا رد فعل مؤقت ممن اكتوى بالجرائم الرهيبة للنظام،هو مجرد قول ولا يقارن بفعل وجرائم يطبقها النظام على الواقع ، وقولهم هذا يذكرني بقول بعض العرب سنرمي اليهود في البحر و و.. ولكنهم في الحقيقة لا يعرفون كيف ينجون بجلودهم و(يأكلون القتل ويؤدون الخراج).
2- وإذا نظرنا للأكراد على حدة ،فموقفهم من الثورة متردد ونابع من مواقف خلال عقود ،ولم ينسوا آخرها خذلان المحيط العربي لهم بانتفاضة عام 2004، فهم يرون أنه قد لحق بهم ظلم مزدوج من النظام ومن مجتمع خدعه دعاة القومية العربية ، هؤلاء يحلمون بإقامة كردستان الكبرى فرغم أن عصر القوميات بدأ في الغرب مبكرا ثم تلاشى مع نشأة الدول العصرية كأمريكا ، ولكن في الشرق بدأ عصر القوميات في بداية القرن العشرين وأفل في نهايته، أما عند الأكراد فما زال التطلع القومي متأججا كرد فعل على الكبت لعدة عقود ولأنهم لم يحققوا دولة تنفيسا لهذا التطلع .
ولكن معظم الكرد الآن يرى أن الوضع الدولي والإقليمي لا يسمح سوى باستقلال ذاتي ضمن الدولة السورية فقنعوا به على مضض ، ويوجد استثناءات من متشددين بالقومية الكردية أو آخرين إسلاميين يحلمون بدولة الخلافة الإسلامية ،وهؤلاء يفخرون بصلاح الدين بكونه مسلما أكثر منه كرديا.
3- العلويون: وهم حوالي عشر السكان ويرون أنه لحق بهم ظلم كبير على مدى العصور قبل الاستقلال ، حتى اضطروا للجوء إلى الجبال، ولن يسمحوا – برأيهم ـ أن يعودوا لحياة الذل .
ويرون أن استلام القيادة والجيش هو لحفظ حقهم ولضمان عدم إلحاق الظلم بهم وبالأقليات . وليس لإلحاق الظلم بالآخرين فهم قد تركوا للسنة الوظائف والوزارات والنواب بأن تقسم بالعدل،ولكن لو تخلوا عن الجيش برأيهم فلن يكون هناك العدل ولعادوا لأيام كان يقال لهم فيها (طورء) ، لذلك يرون أن قيادة الجيش من حقهم لسببين :
أولها أنه يشبه الجيش في تركيا أي حامي العلمانية ولا علمانية بدون قيادة العلويين لأن السنة معظمهم إخوان أومتطرفون برأيهم. ويقولون أنه لولا أن القيادة علوية لما ثار السنة عليهم بهذا العنفوان
ثانيهما : أن الحكم قد قائم وهم صنعوه بجدارتهم وهم أقوياء ولديهم من السلاح والولاء ما يكفي لتدمير سوريا عدة مرات فلماذا يتخلون عن مكتسباهم ، وأذكر هنا مقابلة للأسد الأب مع ٳحدى الصحفيات، سألته في معرض الحديث حول "اضطرابات" حماة عام 1982 ٳن كان يخشى من أن يكون يوماً ضحية لانقلاب عسكري ؟ وكان رده "لن يكون هناك انقلاب...". أصرت الصحفية على سؤالها له: "ٳلى أي بلد سيتوجه ٳن اضطر لمغادرة سوريا ؟". أجاب اﻷسد : "لن يكون هناك من سوريا بعد ذلك..." أي أن عبارة (الأسد أو نحرق البلد ) ليست من العامة بل هي معتمدة على أعلى المستويات.
وهذا يعني أن اﻷسد اﻷب قد اتخذ احتياطاته لهذه الأيام .
4- المسيحيون والدروز موقفهم متشابه فهم يرون أنهم عاشوا قبل الاستقلال مع المحيط السني وتعايشوا معه ، ولكنهم في حكم الأسد كانوا مفضلين ومقدمين على الأغلبية السنية وخاصة في سلك الجيش والأمن بسبب توجس النظام من الأغلبية لذلك كان أكثر عامتهم يفضل النظام ولو بفتور .
5- الأقليات الأخرى أقل عددا ،ومنها طائفة الاسماعيلية وهم أقرب للثورة ولموقف السنة لأسباب تاريخية (منها حرب مصياف عام 1832 ) مع العلويين.
وهناك طائفة الشيعة وهي مؤيد بشدة للنظام فهم تابعون بالمعظم لموقف إيران.
وكذلك طائفة المرشدية وهي متطرفة بتأييدها للنظام ،وهذا أيضا بسبب أحداث عام 1946 وإعدام سليمان المرشد من قبل الحكومة المحسوبة على السنة آنذاك .
الأرمن موقفهم يشبه باقي المسيحيين. والتركمان موقفهم كباقي السنة .
- العلمانيون لا يصنفون أنفسهم ضمن التقسيم الطائفي وهم يرون أن الخلاص يكون بدولة مؤسسات وحكم علماني ديمقراطي كامل كسويسرا مثلا ، حيث لا ينظر فيه لانتماء الشخص بل لكفاءته ، وهذا شيء رائع ولكن رأينا أن هذا يشبه أحلام اليقظة ، فتطبيقه صعب ويحتاج لعقود من العدالة والحرية الحقيقية والتثقيف وإلا فسرعان ما تتحول البلد لتكتلات متناحرة .

(94)    هل أعجبتك المقالة (108)

سوري

2013-04-05

لا يتجاوز السنة العرب ال 65 بالمائة من السكان و هذا في أحسن الأحوال.


ذوقان الأطرش

2013-04-07

المقال جميل، لكن الدقة في المعلومات مطلوبة من أجل المصداقية والتاريخ. إن التقسيم الذي اعتمده الكاتب على الصورة الطائفية إياها ليس دقيقاً، فالنظام لم يكن يرى في الأكثرية السنية أو القليات المختلفة سوى مكملات للمجتمع السوري، فلن يرحم أحداً من الجميع من التجاهل، سوى ما أتى عليه الكاتب في الوظائف المدنية العالية، كالوزراء والمحافظين، وما عداه كانت أزلامه ذات النصيب الأوفر ومن جميع الطوائف، إلا أن الطائفة العلوية الوحيدة التي تجاوز استحواذها على الوظائف عن سواها بكثير وخاصة في الجيش وبالأخص في أجهزة الأمن. وأود هنا أن الفت الإنتباه إلا أن هجرات المسيحين إلى أوربا والأمريكيتين وأستراليا في عهد الأسد الأب والإبن لم تتوقف أبداً، وكذلك فإن الدروز صار عددهم في أمريكا اللاتينية يساوي حوالي ربع أو ثلت عددهم في سوريا في نفس الفترة الزمنية، وادعو الجميع هنا إلى العودة إلى نسب توزيع السكان قبل حكم الأسد الأب وآخر إحصائية في عام ال2010 للتأكد من المعطيات والأرقام. إن هذه الهجرات تدل على أن هذه المجموعات السكانية كانت ولازالت مضهدة من سلطة الأسد الأب والإبن كسواها من السورين في مجال الوظائف وخدمة مناطق سكنها وسوى ذلك. وفي هذا المجال أود أن أطرح السؤال التالي للباحثين عن الحقيقة: هل تعرفون ما هي نسبة المسيحين من السكان في سوريا في بداية عهد حافظ الأسد وماهي النسبة الآن؟ وكذلك بالنسبة للدروز وكذلك الأكراد والأرمن واي طائفة أخرى؟ لقد كان عدد سكان مدينة درعا ذات الغالبية السنية يساوي عدد سكان مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية أثناء الإحتلال الفرنسي وفي عام 2010 كان عدد سكان محافظة درعا يساوي 1200000 نسمة ويضاف لهم حوالي 300000 يسكنون دمشق وريفها وسواها من المحافظات، بينما عدد سكان السويداء أقل من 400000 نسمة ومنها يسكن حوالي 100000 خارجها، اي أن عدد أبناء محافظة درعا صار يساوي ثلاث أضعاف أبناء السويداء. بالتأكيد هناك عوامل أخرى تلعب دوراً أيضاً في الزيادات السكانية، إلا أن هجرات كثيرة جداً حصلت وبأرقام هائلة من السكان الدروز في السنوات الأخيرة بسبب ضيق العيش بوطنهم، أي بسبب إضهاد وحرمان من حقوق حرموا منها، فحافظ الأسد وخاصة في السنوات الأخيرة وبعد ما اعتبره تلقين السنة وهم الأكثرية في المجتمع السوري درساً لن ينسوه في حياتهم صارت الأقليات الأخرى بالنسبة له ليست سوى كمالة عدد في المجتمع السوري فلم يعد يعيرها أي أهمية تذكر، حتى أنه لشدة استهتاره بهم صار يضع أقزامهم وأكثرهم إستزلاماً وأقل كفءة ومصداقية ممثلينهم في القيادات الحزبية والإدارية وسواها . بالخلاصة فإن الأسد الأب لم يكن يرى إلا من أقرب المقربين إليه والمخلصين له جديرين بثقته وبالمناصب وبالوظائف، وكان هؤولاء أغلبهم من الطائفة العلوية، بدءاً بالحلقة الضيقة وهم أقاربه ومن ثم الحلقة الأبعد وهم أنسباءه ثم الحلقة الأبعد وهم أقرباء الأقرباء والأنساب ......إلخ وهكذا حتى ظهرت الدولة السورية وكأنها محتلة من قبل طائفته ، إلا أن الواقع الحالي لا أراه سوى ثورة مظلومين على ظالم ، ثورة سوريون يريدون استرداد كرامتهم المسلوبة وحقوقهم المسروقة، بغض النظر عن الإنتماء الطائفي لأي فرد من الثائرين، وإني لأشعر بكثير من الأسى عندما اسمع واقرأ الشعارات الطائفية والإتهامات غير المبررة لبعض المجموعات السكانية ممن يدعون أن الحرب هي على السنة ولايريدون أن يعترفوا بأنه لولا اعتماد النظام على أكثرية سنية تقاتل معه لسقط منذ تحول الحراك الثوري إلى التسلح والعسكرة وأن الأقليات السورية في الجيش والأمن لوحدها لاتعطيه أفضلية عددية أو قوة تذكر ، لأنها بالأساس ذات نسب سكانية قليلة واي ناظر إلى قيادات أجهزة الجيش والأمن سيجدهم من العلوين والسنة تحديداً ، بينما أكثرية العسكرين لديه هم من السنة والذين يمكن التعرف عليهم من خلال بث التنسيقيات وكتائب الجيش الحر لأسرى قوات النظام..


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي