أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ضرورة تفعيل المشروع الوطني المستقل الذي عبر عنه مؤتمر القاهرة الموسع في وثائقه... عمر شعبان*

نتيجةً لاجتماع و توافق عدد معتبر من أطياف المعارضة السورية و قوى الحراك الثوري المدني و شخصيات وطنية معروفة ،صدرت في القاهرة بتاريخ 2-3 /7/2012 وثائق المشروع الوطني السوري المستقل المتمثل بوثيقة العهد الوطني ووثيقة المرحلة الإنتقالية . 

و الآن ، و بعد 9 أشهر من تجاهل تلك الوثائق ، مازال فكر المعارضة يفتقد لمشروع سياسي وطني متوافق عليه بين أطيافها ، في الوقت الذي بات جلياً ظهور بوادر بيئة خصبة لثقافة التطرف الفكري (اليميني الديني أو اليساري العلماني) و ظهرت الإستقطابات الفكرية المتشددة بين المدنيين والعسكريين وشُرعنت الفوضى وبُرر التنافس الهدام في صفوف القوى الثورية المختلفة لصالح ذلك،
الأمر الذي سيؤدي حكماً لإطالة فترة دمار الإنسان والدولة ليس فقط على يد نظام الأسد و إنما أيضاً نتيجة لتمرد قوى الثورة على أهدافها وفكرها النقي الأصيل الذي عبر عنه ملايين السوريين في عام 2011 بكامله قبل طغيان صوت البارود والمال السياسي.

لقد استبشر الشعب السوري خيراً عندما تشكل "الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة" منذ أربع أشهر و نيف ،نتيجةً لاجتماع جديد بين عدد من قوى المعارضة ،على أمل أن يكون مسماراً نهائياً في نعش نظام الطغيان بعد سحب شرعيته السياسية والقانونية ، و لكن ولأسباب متعددة أهمها عدم الإتفاق على رؤية سياسية جامعة بين أطياف المعارضة نتيجة لغياب آلية عملية يتم من خلالها إشراك نخب الشعب السوري المناضل في الميدان في صياغة التصور السياسي لسوريا المستقبل ، يعاني هذا التكتل الجديد من هزات سلبية و متلاحقة لم تخوله إلى الآن لأن يكون ممثلاً لقيادة نظام جديد يؤمن به كل سوري حريص على بلد أجداده و أحفاده كما أنها حرفت الإئتلاف عن مهمته الأساسية في تمثيل معارضة نظام الأسد ووضع اللبنة الأولى في بناء دولة العدالة والكرامة لجميع مكونات الشعب السوري.

إن استمرار تغييب الفكر السياسي الوطني الجامع و عدم الإحتكام لمشروع واضح المعالم بالكليات و الجزئيات سيؤدي حتماً إلى إرتهان مستقبل الشعب السوري بإرثه الحضاري والتاريخي العميق للفوضى والتجزئة والعنصرية الحزبية عوضاً عن الحرية والعدالة والتسامح.

ولذلك فإنه من واجب جميع النخب الوطنية ،الحريصة على إستقرار سوريا أولاً وعدم تدمير ما لم يدمره نظام الطغيان الحالي ثانياً ،بما فيها القوى التي شاركت في صياغة وثائق القاهرة ،إعادة النظر في تلك الوثائق وتصحيحها وتعديلها حسب ما استجد من متغيرات على أرض الواقع السوري والإقليمي والدولي ثم العمل على حمايتها وتفعيلها بإسلوب يضمن تحقيق أهداف الثورة النقية التي عبرت عنها في بداية إنطلاقتها وتمهد لنقل الحكم بسلاسة لممثلي الشعب السوري المنتخبين لاحقاً وليس لمرجعيات الفكر المتطرف بمختلف مسمياته.

و أيضاً يتوجب على شخصيات الإئتلاف الوطني الحالي أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية كاملةً بما فيها السعي وراء توافق جديد حول فكر المعارضة الموحد للمرحلة الحالية والقادمة بما يتناسب مع تطلعات جميع من يحمل الهوية السورية أولاً و نخب القوى الوطنية الحالية ثانياً و يعمل لسد أي نقص أو خلل يؤثر على مثالية هذا المشروع الذي يجب أن يرسم الخطى الأولى لسوريا الحرة الديمقراطية بدون نظام الأسد و فكره و أدواته و موروثه الإجتماعي.

و إنني على ثقة كبيرة بأن الرؤية الجامعة المتمثلة في مشروع سيادي وطني متكامل ستشكل ركيزة أساسية ومنهاج عمل من شأنه تجميع جهود المعارضة السورية و توحيد معظم قوى الثورة و الشعب فكرياً حول طرح واحد و واقعي يتناسب مع شعارات الحرية و العدالة و الديمقراطية نهجاً وتطبيقاً ،وسيكون النور الذي سيضيء طريق المرحلة الإنتقالية نحو مستقبل جديد آمن بعيداً عن مخاطر متجددة و مخططات خبيثة مبيتة لما بعد حكم الأسد بإرادة دولية مسبقة.

* عضو سابق في لجنة متابعة مقررات القاهرة
(107)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي