أنا.. ودياب مشهور.. والرجل (المُتَدَمَقْرِط)
أبو شاكر الديمقراطي، بالتأكيد غير أبو شاكر الدوماني، أعني الكاراكتر التلفزيوني ذا اللسان الأعوج الذي كان يمثله (عبد الله النشواتي).. وكلمة (الديمقراطي) التي أضافها إلى اسمه ليست مشتقة، على ما أظن، من اسم كوريا الشمالية التي حملت اسم (الديمقراطية) للدلالة على أنها أكبر وآخر (ديكتاتورية) في التاريخ.. وربما كانت قريبة من مفهوم الديمقراطية التي حكى عنها محروقُ النَّفَس حافظ الأسد، حينما قال في إحدى خطاباته: لا علاج لأمراض الديمقراطية سوى تطبيق المزيد من الديمقراطية!
هذا الأبو شاكر (الديمقراطي)، له فضل علي لستُ أنكره، تجلى في أنه لفت نظري إلى مسألة من استنتاجاته، مفادُها أنني لستُ ثورياً، ومع ذلك أسعى لـ (اختراع) ماضٍ ثوري!.. بدليل أنني كتبتُ، في موقع (زمان الوصل)، مقالة بعنوان (أنا كاتبُ السجون والنظارات ومعتقلات أمن الدولة)..
لم يكن الأمر، مع أبي شاكر، بهذه السلاسة، بالطبع، بل إنه لم يترك صفة وضيعة إلا وألصقها بي! فأنا، في نظر هذا (المُتَدَمَقْرِط) من المثقفين الذين يركبون موجة الثورات!.. ويختلقون لأنفسهم ماضياً ثوريا ونضالياً!.. وعنوان مقالتي يحمل- برأيه- الكثير من الفشخرة!.. ولولا الحياء لقال بي ما قاله ابنُ الرومي بابن نفطويه الواسطيّ!
لستُ- في الحقيقة- بحاجة لـ (امتلاك) ماضٍ ثوري (فما بالك باختراعه؟!).. لأنني لست مقبلاً على المطالبة بمنصب سياسي. وواضح (لأولي الألباب فقط) أن عنوان المقالة ليس جدياً، بل إنه ذو جرس تهكمي، كوميدي، وفيه إحالة إلى تقديم المطرب دياب مشهور في إحدى حلقات (صح النوم) الذي كتبه المرحوم نهاد قلعي إذ يقول: والآن مع مطرب السجون والمعتقلات، وغرف التوقيف والنظارات، المشهور بهيك مجالات.. دياب مشهور!
بتاريخ 30/1/2013 ألقيتُ- أنا محسوبكم- في النادي الثقافي بوزارة الدوحة القطرية، مداخلة حول (أدب الثورة في سوريا).. وأثناء الحوار الذي تلا الندوة، قال أحد السوريين المتواجدين في القاعة ما معناه إن الأدب في سوريا، حتى ما قبل الثورة، إنما هو أدب إصلاحي.. وليس ثورياً.
قلت للرجل، وكأنني وجدت ضالتي: بالضبط. هذه هي.
وقدمتُ للحاضرين وجهة نظري القائلة بأن الكتاب والأدباء والصحفيين والمفكرين والمتنورين السوريين، كلهم، دون استثناء، وأنا منهم، كانوا إصلاحيين، لا ثوريين، وحتى الأحزاب السياسية (غير المزروبة ضمن مدجنة الجبهة الوطنية التقدمية) لم تكن أحزاباً ثورية، وإنما كانت تطالب بالإصلاح، (إصلاح بوجود النظام الأسدي المجرم نفسه.. ولم تطرح فكرة الثورة على النظام وإسقاطه سوى في الثمانينيات من قبل الإخوان- وحزب العمل الشيوعي- والمكتب السياسي للحزب الشيوعي رياض الترك).. وحتى الثوار الذين يحملون (اليومَ) السلاح ويضحون بأرواحهم وممتلكاتهم من أجل إسقاط النظام المجرم، لم يكونوا ثوريين في البداية، وإنما خرجوا، وأنا خرجتُ معهم (وهذه حقيقة لا تدخل في باب الفشخرة)، مطالبين بالإصلاح.. والنظام المجرم هو الذي أجبرنا على أن نكون ثوريين، باعتباره لا يقبل بالإصلاح.. والحق معه في ذلك، بالطبع، فهو نظام قائم على الفساد، والاغتصاب، والنهب، والسلبطة، والكذب، والتدليس، والقمع، والإقصاء، والقوانين الاستثنائية، ومحاكم أمن الدولة، وعلى التناقضات الدولية.. فإذا أصلحتَه قتلتَه!
ما زلتُ مصراً على ما ذكرتُه في مقالتي المشار إليها أعلاه، وهو أنني مع الحرية العظيمة التي أتاحها الإنترنت للبشرية، حتى ولو أدت هذه الحرية إلى الإساءة إلي، شخصياً، مثلما حصل مع أبي شاكر (الديمقراطي)، ويحصل، معي ومع غيري، يومياً..
أنا مع الحرية.. ولكن علينا، كما أرى، أن نكون منصفين خلال استخدامنا للحرية.. فلا يجوز أن نفهم نصاً، أو فقرة، على نحو خاطىء، أو نتقصد الفهم الخاطىء، ثم نبني عليه، أي على هذا الفهم الخاطىء، نتائج هدفُها الإساءةُ للآخرين، لأسباب سياسية، مضمرة..
باختصار.. نحن في سوريا بحاجة أمرين إثنين.. الأول هو العدل.. والثاني هو توجيه اللعن لروح حافظ الأسد الذي خرب، بمشروعه الاستبدادي الطائفي، سوريانا الحبيبة .. وما يزال يخربها من قبره.. لعنة الهس على روحه.. آمين!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية