عبر غرف السكايب التي لاقت انتشاراً سريعاً بين أبناء الثورة السورية باعتبارها الوسيلة الأكثر رخصاً بما يناسب ظروفه الاقتصادية يرصد النشطاء وأبناء المدن والبلدات وقائع يومياتهم بأفراحها وأتراحها متناسين جراحهم وما يعدّه لهم النظام السوري من يوميات سوداء تطال حتى ملاجئهم.
*غرف تتسع للجميع
وعبر أجهزة الموبايل التي يحملونها بين أيديهم يستطيعون ان ينفذوا وينقلوا وقائع يوميات الثورة سواء ما ينجزه بعض عناصر الجيش الحر أو فظائع وجرائم النظام السوري من قتل ممنهج وقصف للمدن والبلدات بقذائف الهاون والمدفعية والطائرات الحربية فيما يحمل البعض الآخر أجهزة الحاسب ويمكنهم من خلالها فتح مواقع التواصل الاجتماعي وتحميل الصور التي ترصد الحدث وهو ما توفره أيضا غرف السكايب لكن مواقع التواصل والويب تتيح نشر الصور والأخبار بطريقة أوسع وهو ما يبتغيه النشطاء من إيصال أصواتهم ومطالبهم إلى المجتمع الدولي وفضح الانتهاكات اليومية للنظام وقواته.
"لا اختراقات واسعة بهذه الغرف ويمكن بسرعة إعادة إنشائها"يقول الناطق الرسمي باسم الثورة في بلدة معربة (شرق درعا ب40 كم) مضيفاً أن الجميع يعرفون بعضهم البعض نظراً للقرب الجغرافي أولاً ومن ثم الاعتماد على ترشيح أسماء الموجودين أصلاً بالغرف أو ما يعرفونه "بالادمن"ويمكن لكل منطقة جغرافية أن تقيم أكثر من غرفة على الرغم من تشابه الأحداث التي ترصد الوقائع.
*احذروا (التهكير)
يقول :"daraa_freedom333"وهو الاسم الحركي لشاب جامعي في إحدى غرف الأخبار على السكايب إن تناول الحدث الواحد بأكثر من غرفة مرده لتعرض بعض الغرف للتهكير والقرصنة وأحياناً وصول بعض المنحبكجية إليها، إذ قد يطلب أحد المخادعين الدخول للغرفة باعتباره ابن منطقة جغرافية مجاورة ولتحقيق التواصل وبعد المشاورة تتم الإضافة فيما بعض الغرف تبقى مغلقة على الأعضاء المؤسسين.
مضيفاً أن رخص هذه الوسيلة هو ما شجع العديد على استثمارها إذ لا يكلف إنشاء غرفة سوى شخص لديه المعرفة وتكليف مجموعة صغيرة تقوم على تنزيل الأخبار بشكل متواصل فيما البقية من الأعضاء يمكن أن يقدموا خدماتهم باعتبارهم جزءاً من الثورة وأعضاء بالغرفة بالاتصال بالمجموعة الأولى وإبلاغهم بآخر تحركات قوات النظام الأسدي لافتاً إلى أنه يمكن أن تصلنا أخبار من القرى المجاورة تتحدث عن التحركات واتجاهاتها إضافة لقدوم الطيران ورصد اتجاهات المدافع على أية قرية وهو ما يتيح لنا إبلاغ الناس بأخذ بعض الاحتياطات التي قد تمنع مجازر كبيرة.
ومن الإجراءات التي يتبعها الناشطون لحماية أنفسهم عادة استخدام أسماء حركية.. أما عن طريقة التواصل بينهم فعادة ما يستخدمون خطوط هاتف شرائح تركية أو أردنية وأحياناً سورية شريطة أن تكون شبكة الاتصالات غير مقطوعة وهو السائد غالباً وعندما يتعذر تحميل الفيديوهات على الإنترنت يرسلون شرائح الذاكرة للأردن ولبنان ليتم تحميلها هناك.
*خبر عاجل
كما تقدم غرف السكايب متابعة دقيقة للأحداث اليومية وإيصالها إلى أبناء المغتربات سواء في دول الجوار السوري أو الخليج وحتى اوربا وحتى قبل أن تكون وسائل الإعلام قد سمعت بها.
يشير سامر الكفري المقيم في مدينة جدة السعودية إلى أنه غالباً ما يترك (سكايبه) مفتوحاً على غرفة أخبار محافظة درعا وتأتي النغمات الصوتية بدقائق متسارعة حاملة معها أخبار اللحظات القاسية "تحركوا .... وجهوا المدافع ... قصفوا الحي الغربي .... ثلاثة شهداء على الارض .... الأول طفل بعمر ست سنوات ....لم تصل أسماء الشهداء .... أسماء الشهداء واصفاً اليوميات أنها مرهقة ومتعبة مضيفاً أحيانا لا ننام الليل عند تلقي إشارات حول مدينتنا".
ويطبق نشطاء غرف السكايب بعض المعايير المهنية التي خلصوا إليها وتعلموها بالتجربة وإن كان لبعض الغرف داعمون مهنيون، إلا أن دقة الأخبار هي المعيار القائم أولاً وأخيراً، وتتوسع الغرفة وأعضاؤها ونشطاها بحسب جدية الآدمن واتخاذ القرارات الصائبة بأصعب اللحظات، سواء تعلق الأمر بتكليف أحد أعضاء الغرفة بمتابعة الحدث عند جغرافيته أو لجهة طرد بعض المخطئين باسماء شهداء سقطوا خلال القصف.
*لغة سكايبية
وتبدو غالباً اللغة المحكية هي السائدة باعتبار النشطاء من نفس الجغرافية وقد يجد الزائر سواء بنية أم بدونها صعوبة في معرفة مقاصد كاتب الخبر لاعتماده على اللهجة العامية كما هو في الخبر المرفق بالمرفقات والمتعلق بخبر الطائرة ووجهتها "يم خربا هسع بنروح ـ تع ...... " وهي من مفردات البيئة وسكانها.
ويدافع النشطاء عن عملهم بالقول لا تنتهي المرحلة بكل ذلك بل تبدو لحظات الصياغة الأخيرة للخبر والصور قبل إرسالها هي الاهم والأصعب.
سامر يكز على شفتيه "أنا رفعت مقاطع تدمير بيتنا واستشهاد أولاد خالتي بكيت من كل قلبي تقطعت، اقسمت ان أبقى مناضلاً حتى إسقاط بشار الاسد وزمرته لو بقيت لوحدي". نافياً ان يكون أحد منهم يتقاضى أية اجور,"بالكاد نعمل على تامين بعض الطعام للنازحين إلى بلدتنا وكل دعم نحن نريده للجيش الحر ليدحر عصابات الاسد نحن ثوار ولا نريد شيئاً لا اليوم ولا غداً".
وتضم غرف السكايب نشطاء من مختلف المهن والأعمار والاختصاصات منهم الطبيب والمهندس والطالب الجامعي وبعض الفتيات والعديد من الشباب ممن امتهن بعض الحرف قبيل اندلاع الثورة السورية.
محمد المقداد - عمان (الأردن) - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية