أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مجلس الأمن ونزار قباني يحلّان لغز مصرع البوطي.... من قتل الإمام؟

لا أدري لماذا ذكرتني الصور المبثوثة عن مقتله، بقصيدة الراحل نزار قباني، المعنونة بـ"من قتل الإمام"، والتي حرص نظام الأسد "العلماني!" وأجهزة أمنه على حجبها ومنعها من التداول، وعقاب كل من يرددها.
تذكرت "من قتل الإمام" رغم أن "خنجر نزار الشعري" مزق الكشكول والجبة والمسبحة الأنيقة"، وهو ما استعصى على تفجير مدو أزهق قرابة 50 نفساً في لحظة واحدة!

من قتل الإمام؟.. قد تستغربون إن علمتم أن الجواب عند نزار قباني ومجلس الأمن قبل وأكثر غيرهما، أما المجلس فقد امتنع قبل مدة وجيزة عن إدانة تفجير سابق في دمشق، بينما سارع لإدانة التفجير الذي أودى بحياة البوطي "بأشد العبارات".

وإليكم هذه المصادفات المدهشة.. وقع انفجار دمشق الأول الذي امتنع مجلس الأمن عن إدانته يوم الخميس 21 شباط/ فبراير، في منطقة المزرعة وسط دمشق، وراح ضحيته قرابة 60 قتيلا، تقطعت أجساد معظمهم وتفحمت أخرى، كما سبب الانفجاردمارا هائلا في المباني المحيطة.

أما تفجير جامع الإيمان الذي توافق المجلس على إدانته وسارع في شجبه، فقد وقع أيضا يوم الخميس ولكن في 21 آذار/ مارس، اي بفارق شهر واحد عن الانفجار الأول، وفي منطقة المزرعة وسط دمشق وراح ضحيته قرابة 50 شخصا، لم تتمزق جثة واحد منهم ولا تفحم فيه حتى ورق الكراس الذي كان يتلو منه البوطي درسه على ما يبدو.

طبعا، خلال الشهر الفاصل بين الانفجارين لم يحدث تحول مفصلي يمكن أن يبرر "تناقض" رد فعل مجلس الأمن، فالأعضاء الخمسة الكبار كما هم، ومواقفهم المتابينة –في الظاهر- كما هي، فيما يخص النظام أو الثورة، فلا روسيا نزعت الشرعية عن بشار أو تخلت عن رواية الإرهابيين والتكفيرين، ولا الولايات المتحدة أقرت على الملأ بأحقية ما يرتكبه بشار وقواته.

فما الذي حدث؟.. إن كانت الإدانة على حسب حجم التفجير فإن تفجير المزرعة الأول أفظع وأشنع، وإن كانت لقتل أبرياء، فالذين قتلوا في التفجير الثاني ليسوا أكثر "براءة" ممن قضوا في التفجير الأول، ثم إن القيام بالتفجيرات هو تصرف إرهابي محض في نظر محكتري مجلس الأمن، بغض النظر عمن قضى فيه ومبررات التفجير وداوفعه، وهذا ما أفصح عنه بيان الإدانة ااصادر عن مجلس الأمن فيما يخص تفجير جامع الإيمان، حيث قال: الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وأن أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها ومكانها وزمانها وأياً كان مرتكبوها.

إذن.. فالمكان هو نفسه، والمجلس هو نفسه، والنظام هو نفسه، والتناقضات الدولية هي نفسها، والتوقيت الفاصل لا يتعدى شهرا واحدا.. فلماذا التلكؤ عن إدانة التفجير الأول، والمسارعة إلى شجب إدانة التفجير الثاني.. سؤال لا يستطيع سوى أصحاب الفيتو أن يجيبوا عنه، فيما لا نملك إلا أن نستفهم: منذ متى كان مجلس الأمن يدين قتل "رجل دين" مسلم؟، وهل كان علماء العراق وفلسطين وغيرهم ممن اغتيلوا أقصر قامة من البوطي أو أقل علما منه، حتى يتم تمرير قتلهم وكأنه حدث عابر، فيما يقف مجلس الأمن على قلب رجل واحد لإدانة مقتل "البوطي"، إلا إذا كان وراء أكمة الإدانة ما وراءها.

إن إدانة مجلس الأمن تدل فيما تدل أن البوطي لم يكن "رجل دين" وحسب، وهذا ما يعرفه كثير من السوريين من يوم أن سمعوه وهو يضع باسل ابن حافظ في معية الأنبياء والصديقين، وتجلى أكثر خلال سنتين من عمر الثورة السورية، حيث ظهر البوطي بالقول والفعل كرجل سلطة وأمن في المقام الأول، يمارس فيما تبقى له من وقت لعب دور رجل الدين!
أما نزار قباني، فلمعرفته بقصة مقتل الإمام، حكاية أشبه بالخيال، فأول ما سمعته أذناي قبل حوالي 25 عاما من شعر نزار، كان قصيدتي "بلقيس" و"من قتل الإمام"، ومن يومها وصدى هاتين القصيدتين يتردد في وجداني.

واليوم أحس كأني أقرأ "من قتل الإمام" لأول مرة، من هول الصدمة التي أصابتني وأنا أعاين كل هذا التطابق بين القصيدة وبين ما عاشته الثورة السورية، وما مرت به من أحداث، لاسيما حادثة قتل البوطي.
لقد كان "نزار" بالفعل شاعرا يكتب ما يحس بكل صدق، وإلا لما كانت كلماته في هذه القصيدة على الأقل قادرة على أن تنبض بالحياة وكأنها كتبت للتو، في حين أن حبر القصيدة جف قبل عقود.

فنزار هو أول من فضح بالشعر وحشية نظام الأسد، عندما قال مخاطبا رجال الأمن الذي جاؤوا للتحقيق في مقتل الإمام: لا تقلعوا أظافري بحثا عن الحقيقة!.

ونزار هو الذي قتل بخنجر شعره ذلك الإمام، معترفا: يا سادتي.. بخنجري هذا الذي ترونه طعنته  في صدره و الرقبة  طعنته في عقله المنخور مثل الخشبة  طعنته باسمي أنا  واسم الملايين من الأغنام.
ويتابع: قتلتُ إذا قتلته  كل الطفيليات في حديقة الإسلام  كل الذين يطلبون الرزق  من دُكَّانَةِ الإسلام  قتلت إذا قتلته  يا سادتي الكرام  كل الذين منذ ألف عام  يزنون بالكلام.

إيثارعبد الحق- زمان الوصل
(187)    هل أعجبتك المقالة (186)

ديب

2013-03-26

عيب عليكم،.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي