الهيئات الشرعية في دير الزور تتعهد بالحفاظ على حقوق المدنيين
أمير من النصرة: في حالة الحروب توقف الحدود، خبير قانوني: لن تستطيع إخضاع فئات "غير الإسلامية"
بعد سيطرة عناصر الجيش الحر على مناطق واسعة في دير الزور وريفها سعى الكثير من رجال الدين وقادة الكتائب وخريجي الشريعة إلى تشكيل هيئة مهمتها تسيير أمور المدنيين والحفاظ على حقوقهم والفصل بين المتخاصمين ومنع الفلتان الأمني في تلك المناطق، واعتمدت تلك الجهات الشريعة الإسلامية مصدراً لقوانينها وأحكامها وذلك تحت مايسمى الهيئة الشرعية.
وقال أبو عبد الله أحد أمراء جبهة النصرة وأحد أعضاء الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية لمراسل "زمان الوصل" إن الهيئة الشرعية تسعى لتكون نواة ومرجعية لجميع أبناء المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة والحسكة) مبيناً أن أهدافها هي الحفاظ على ممتلكات الدولة وحمايتها وضمان حقوق المدنيّن وحل النزاعات والمشاكل بين جميع الأطراف.
وأشار إلى أن الهيئة تسعى إلى التنسيق والاتصال مع جميع الهيئات العاملة في المناطق المحررة ضمن المنطقة الشرقية لتوحيد الصفوف وتنسيق العمل، مؤكداً أن الهيئة الشرعية ستقوم بتسيير أمور المدنيّن وملء الفراغ الأمني وحل قضايا الناس العالقة، وذلك من خلال عدة مكاتب تم تشكيلها وهي مكتب الهيئة الشرعية للإصلاح وفضّ الخصومات، ومكتب الدعوة والإرشاد، ومكتب الفتوى والقوة التنفيذية (شرطة المنطقة الشرقية)، والهيئة الخدمية، والهيئة الإغاثية.
وأوضح أبو عبد الله أن الهيئة تعمل على أن تحفظ الحقوق لمستحقيها، وتؤدي الأمانات إلى أهلها، ويردع الظالم عن ظلمه، ويضرب يد الفاسد حتى يرجع عن إفساده، ويؤخذ للضعيف المظلوم حقه من الغني الظالم، وتصان الأعراض عن العبث بها، وهذه أمانة جسيمة، ومسؤولية عظيمة وحمل ثقيل، مؤكداً أن الشرط الأساسي في تشكيل الهيئة هو أنه في حالة الحروب توقف الحدود، أي أن الهيئة لن تقيم الحد في الشريعة الإسلامية في هذه الفترة، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار مسألتين الأولى هي "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والثانية هي "أخذ المصالح والمفاسد واجب شرعي"، مضيفاً أن مصادر الهيئة ومرجعيتها هي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والقياس والإجماع.
تراجع معدل السرقات بنسبة 90%
ومن جهة أخرى قال أحد أعضاء الهيئة الشرعية في مدينة دير الزور لم يرغب في الإفصاح عن اسمه "إن الهيئة في دير الزور تقوم بالتنسيق مع الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية لتصبحا تحت مظلة واحدة، مضيفاً أن الهيئة مازالت في بداية تشكيلها ولم يتم تحديد نظام عمل داخلي فيها وتضم مدنيين وعسكريين ورجال دين ومحاميين، وهي غير متمثلة فقط بجبهة النصرة، ويتم الآن التنسيق مع أكثر من قاضٍ ذي سمعة حسنة قبل انطلاق الثورة للانضمام إلى الهيئة.
وأشار عضو الهيئة الشرعية بدير الزور إلى أنها ستكون بمثابة السلطة العليا في البلد توثّق الحقوق وترد حقوق المدنيين وتحل المشاكل والنزاعات، مؤكداً أن ذلك مرهون بالتفاف الكتائب المقاتلة والفاعلة على الأرض حول الهيئة الشرعية وذلك لأن القوى في هذه الأيام هي بيد من يحمل السلاح.
ونوه بأنه منذ تشكيل الهيئة الشرعية بدير الزور تراجع معدل السرقات بنسبة 90%، وأن الهيئة لم تعد تسمح لأي شخص بإخراج أي شيء من مدينة دير الزور دون الحصول على موافقة من الهيئة، بعد التأكد من صاحب تلك الأشياء، وبوجود شهود عيان ويتم تسجيل وتوثيق كافة التفاصيل.
غريق تعلق بقشة
يرى حمادي الخطيب أحد أبناء مدينة الخريطة أن ماذكرته الهيئة الشرعية خلال بيانها جيد جداً، على أن تلتزم بذلك البيان وأن تحول أقوالها إلى أفعال فجميع المدنيين "كالغريق الذي يتعلق بقشة" يأملون إعادة الأمان إلى جميع المناطق وحفظ الحقوق وتحقيق العدالة، مضيفاً أن ذلك يكسبها ثقة الجميع ويمكّنها من ضبط الأمور وتسيير جميع شؤون المناطق المحررة.
أما السيد حمزة الياسين أحد أبناء مدينة القورية لا يتوقع أن تكون الهيئة الشرعية قادرة على ضبط الأمن واستلام زمام الأمور في المناطق المحررة وذلك لأنها لم تقم بعملها كما يجب خلال الفترة الماضية بعد تشكيلها حيث حصلت أكثر من مشكلة ولم تتصدَّ لها ولم تحاول إيقافها، وإنما تحاول تطبيق عمل قضاء النظام السابق.
رأي خبير قانوني
ومن جهته أوضح رئيس المركز الدولي للتوفيق والتحكيم والخبرة قيس الشيخ ل"زمان الوصل" بأنه ليس من أنصار إطلاق اسم الهيئة الشرعية على الهيئات التي تشكل للنظر في المنازعات أو بالجرائم أو بقضايا الأحوال المدنية وغيرها، لأنها -برأيه- لن تستطيع إخضاع فئات من الشعب "غير الإسلامية" لحكم وفق الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية خلافاً لخضوعهم لشريعتهم، أو تضطر لتطبيق شرائعهم خلافاً لمسماها، ولأن العالم العربي قد اعتمد في مجموعه مسمى المحاكم، وستثور مشاكل عديدة في حال الطعن بالأحكام، إذ كيف يطعن بأحكام صادرة عن جهة شرعية وهل هناك شرعية أعلى.
وأضاف: ثم أي قانون سيطبق في مجالات الحياة المتعددة خاصة إذا اختلفت فيه المذاهب، والقانون الذي تطبقه يجب أن يكون ما اختاره الشعب أو ممثلوه وليس ما فرض من فئة بقوة السلاح دون اختيار شعبي.
كما نوه الشيخ بأنه إذا اعترفت القوى المسلحة بالهيئة الشرعية وتعهدت بتنفيذ قراراتها فاحتمال استمرار هذه الهيئات كبير، ومن وجهة نظره يجب أن تطبق المحاكم التي تنشأ القانون النافذ حالياً، إلى حين تعديله بقانون آخر من جهة ذات صلاحية، ومن ثم يتم مناقشة قانون أفضل ومصادر أحكام هذا القانون.
ديرالزور - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية