الدمشقيون و"مشاوير آخر العمر"... قصص يومية "ترعب" سكان العاصمة

مايزال المواطن السوري في مدينة دمشق يضطر إلى التوجه للمناطق الساخنة من أجل تسيير معاملاته الضرورية، حيث فشلت الحكومة السورية والتي تطلق على نفسها بـ (حكومة الأزمة) أن تقوم بمجرد نقل بعض الدوائر الحكومية إلى أماكن أكثر أمناً، وهو ما يعتبره المواطن السوري من بديهيات مساعدته في هذه الظروف.
حيث تضطر أم علاء أن تتوجه إلى شعبة التجنيد في منطقة حرستا تحت رصاص الاشتباكات وذلك لتسيير أوراق الخدمة الإلزامية لابنها المغترب، وتتحدث أم علاء عن معاناتها في هذه الرحلة قائلة "أذهب إلى شعبة التجنيد أنا وغيري من الأهالي المضطرين ودمُنا على كفنا، فالطريق أشبه بقفرة والأبنية من حولنا مهدمة نتيجة قصف المدفعي، أما الدخان الأسود فيملأ جانبي الطريق، حيث لانصل إلى المكان المنشود إلا وجمد الدم في عروقنا، لنتفاجأ بأن الموظفين هناك يتعاملون معنا باستهزاء ويتمسكون بأكثر التفاصيل روتينية وبيرقراطية، دون أدنى تقدير للمخاطر التي يتجشمّها المواطن للوصول إليهم، بل إنني أشعر بشماتتهم فينا".
وأشارت أم علاء إلى أنها بدأت بتسيير معاملة ابنها منذ حوالي الشهر تقريباً، وإلى اليوم لاتزال تلاحق الأورق التي يطلبها الموظف هذا بالإضافة أن الطريق ليس سالكاً في كل الأيام فهناك أوقات كثيرة تصل فيها إلى منتصفه، ثم تعود أدراجها بسبب الاشتباكات الدائرة.
ما يحدث مع أم علاء بات حالة عامة يشتكي منها المواطن السوري اليوم الذي يجبره النظام على الذهاب إلى الأماكن الساخنة لتسيير معاملة اضطرارية أو لتسجيل دور ما سواء للحصول على جرة غاز أو ليترات من المازوت.
فمايزال أبو رؤوف مذهولاً من اختيار حكومة النظام منطقة القابون لتكون المركز الذي يجب أن يتوجه إليه مواطنو دمشق لتسجيل دورهم للحصول على المازوت، وكأنها بهذا الشرط التعجيزي تدفع المواطن إلى الموت على اعتبار أن القابون شهد ولايزال اجتياحات واقتحامات وضرباً مدفعياً عنيفاً يقوم به النظام نفسه.
أما ريما فهي لاتستطيع أن تنسى صورة المرأة الحمصية التي اجتمعت بها في دائرة النفوس بدمشق، ولاتزال تسمع صوت بكائها بعد أن رفض الموظف تسجيل وليدها بسبب خطأ مطبعي في دفتر العائلة، وطلب منها التوجه إلى حمص لتصحيح ذلك الخطأ، على اعتبار أن القوانين لاتعطيه الصلاحية باتخاذ قرار إستثنائي، وتابعت ريما أن حالة هذه المرأة تتكرر يومياً في مختلف الدوائر الحكومية بسبب قوانين جامدة خشبية ونظام عجز عن التخلي ولو عن جزء بسيط من بيروقراطيته المعروفة، بل إنه اليوم ،كما ترى ريما، يتقصّد عرقلة أعمال المواطنين أكثر من أي وقت مضى، وحكومة الأزمة لم تقم إلا بتأزيم الأمور أكثر.
ولعلّ حالة موظفي الدولة أيضاً ليست بأفضل من حال المواطنين حيث يجبرهم النظام أيضاً على التوجه إلى أماكن عملهم تحت القصف والاشتباكات ليثبت لنفسه أنه لايزال يسيطر، وأنه لاتزال لديه مؤسسات حكومية تعمل غير آبه بحياتهم، وهو أمر ليس بالغريب عن النظام على اعتبار أنّ حياة المدنيين سواء كانوا مواطنين أو موظفين آخر مايهمه.
نيرمين الخوري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية