عندما سمعت نبأ استقالة السيد معاذ الخطيب من رئاسة الائتلاف الوطني السوري المعارض، قفزت إلى ذهني كل أفعال الرجل منذ استلامه لهذا المنصب. وقد عبرت مراراً عن عدم اقتناعي بكل ما فعل وشرحت تناقضاته أكثر من مرة.
فقد وعد الرجل في قطر يوم ترأسه للائتلاف أنه سيستقيل إذا لم يحدث تطور على الأرض. ولم يحدث أي تطور في ذلك الوقت، بل قام النظام باستخدام صواريخ سكود والأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري، لكنه لم يفعل.
الفضيحة التي لا أعتقد أننا نستطيع نسيانها، هي مبادرته المشؤومة للحوار مع النظام، والتي كادت تمنح الأسد شرعية عربية ودولية، وقد ادعى السيد الخطيب أن المبادرة جاءت فقط من أجل تخليص الشعب السوري من المعاناة، وكأن المبادرة ستمنع إجرام الأسد وشبيحته. وبعد الضغط الشعبي الهائل الذي تعرض له الخطيب عدل مبادرته لغوياً لتظهر وكأنها حوار على رحيل النظام. ولقد أفرحت تلك المبادرة أعداء الثورة من بشار وشبيحته إلى هيثم مناع وهيئة تنسيقه.
بعد ذلك صرح السيد معاذ أنه لن يتفاوض مع الروس لأنهم شركاء مباشرون في قتل السوريين، ولم تفت إلا أيام قليلة حتى التقى بلافروف. بل وبأحد عتاة المشاركين بالدم السوري وهو صالحي وزير الخارجية الإيراني.
ومع معرفته بتخاذل المجتمع الدولي حيث أكد ذلك أكثر مرة، ذهب معاذ إلى روما، وبعد عودته صرح من جديد أنا أحداً لن يساعد السوريين، فلماذا ذهب إذاً. ليس فحسب فقد أخر الخطيب اجتماعات المعارضة السورية عدة مرات، علماً أن تلك الاجتماعات كانت تهدف لتشكيل حكومة سورية ولا نستطيع أن نفهم موفقه هذا إلا محاولة لتضييع الوقت على تشكيل تلك الحكومة قبل انعقاد القمة العربية.
اليوم تأتي استقالة معاذ الخطيب في توقيت مريب، فقد استقال في الوقت الذي وافقت فيه الجامعة العربية على تسليم المعارضة مقعد سورية. وقبل انعقاد القمة بيومين فقط. وبتصريحه حول الاستقالة قال الخطيب إنه استقال بسبب تقاعس المجتمع الدولي عن مساعدة السوريين، فلماذا لم يستقل إذاً من قبل فقد بدأ التقاعس الدولي منذ سنتين وليس منذ ساعتين فقط.
والحديث عن الخلافات داخل الائتلاف لا معنى له، فلماذا لم يستقل بعد تنصيب غسان هيتو في منصبه الجديد مباشرة، لماذا رغب في هذه الاستقالة قبل أن تتحول المعارضة السورية إلى قوة سياسية دولية في المؤسسات العربية والعالمية.
إنني أنصح السيد معاذ الخطيب أن يثبت على استقالته فعلاً، وأن يترك العمل السياسي الذي لا أعتقد أنه أهل له، ليس فقط بسبب غياب الكاريزما والإقناع بل لأنه لا يستطيع أن يربط الوقت بالحدث، ولا التصريح بالأثر. أو لأنه يستطيع أن يفعل فيستخدمه قاصداً في غير مكانه وزمانه. لا يصح أن يكون رئيس الائتلاف الوطني رجل يعرض على السوريين أن يرفعوا شعاراً في مظاهراتهم يقول: "لا تطرف لا إرهاب ...افهم افهم يا حباب"، وآخر" يا أوباما لا تخاف...كلنا مع الائتلاف".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية