أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أنا كاتب السجون والنظارات ومعتقلات أمن الدولة

(يا خطيب بدلة.. أنت كاذب.. لماذا توسطت لتكتب عموداً في جريدة البعث إذا كنت تبتعد عن التصفيق؟ لدينا ذاكرة جيدة والحمد لله).

هذه العبارة كتبها شخص مجهول، تعقيباً على إحدى مقالاتي الأسبوعية في "زمان الوصل".. وأنا لم أثبتها هنا لكي أنقضها، أو لكي أُكَذِّبَ مزاعمَ هذا الشخص، وإنما فعلت ذلك لكي أوجه تحية من النوع (الخَصّ- نَصّ) إلى اختراع الإنترنت الذي أعطى الناسَ حريةً مطلقة للتعبير عما يعتمل في أنفسهم، حتى ولو أدت هذه الحرية للإساءة إليَّ، أنا، شخصياً.

قبل الإنترنت، لم نكن نجد مكاناً نلعن فيه روح حافظ الأسد، حتى ولو كان الباب الداخلي للمراحيض العامة التي تقع تحت الساعة في "باب الفرج" بحلب!!.. ولم نكن نعرف ماذا ينشر الناس في الصحف والمجلات اللبنانية والمصرية والعربية التي تصدر في أوروبا عنا، لأن رقيب الصحف السوري العتيد كان يقص الورقات التي تحتوي على عبارة (ربما) تسيء إلى شخصية من الدرجة العاشرة في النظام السوري!!.. ذلك أن المنهج البعثي الأزلي الذي اخترعه السيد أمين الحافظ، واقتبسه عنه ياسر العظمة في تمثيلية كوميدية، هو: لا يجوز أن نسيء لرفاقنا، ولا تنسوا، خيو، أن رفاقنا مناضلين، كانوا يفشوا دواليب سيارات المعارضين!!.. 
تبنى نظام حافظ الأسد هذا المنهج القائم على اللفلفة والتستير، وطوره، طيلة 40 سنة، حتى إن الشخص شبه الأمي المدعو الياس مراد، الذي شغل منصب نقيب الصحفيين السوريين زمناً طويلاً!! كلف نفسه عناء الاتصال، هاتفياً، بقيادة الجبهة الوطنية التقدمية، ليسأل المسؤولين عن جريدة النور التي يصدرها الحزب الشيوعي (جناح يوسف فيصل) قائلاً: كيف تسمحون لهذا المدعو خطيب بدلة أن ينتقد الجبهة الوطنية التقدمية، على إحدى صحف الجبهة؟! وأضاف: أنا لا أسمح بكلمة (زاحلة) واحدة في كل الصحف التي تقع تحت إدارتي!

كنا، نحن السوريين المعنيين بالثقافة والإعلام والإبداع نمضي أوقاتنا الثمينة في قراءة الكتب التراثية الصفراء، أو المترجمة عن الأدب العالمي، أو الكتب الماركسية التي تصدرها دار التقدم، باعتبار أن معظم اكتب الحساسة ممنوعة.. وأما الصحف المحلية فكانت عبارة عن شيء يسلي أكثر من أوقية بزر بطيخ! فكان يُقالُ، على سبيل التندُّر، إن بإمكان (الواح) أن يقرأ خبراً في "البعث" وفي نهاية العمود يجد عبارة تقول (البقية في صحيفة الثورة)!! 

ويحكى، أيضاً، أن أحد المواطنين السوريين كان قد اعتاد على شراء الصحف السورية اليومية الثلاث، كل يوم، اعتياداً يصل إلى حدود الإدمان.. وفي ذات يوم توقف عند أحد بائعي الصحف وقال له: إذا سمحت اعطني البعث والثورة وتشرين.

قال البائع: عفواً أستاذ، اليوم البعث وتشرين معطلتان.
فقال المواطن: أي لكان أعطني ثلاث نسخ من "الثورة"! 

هذا الوضع الصحفي، الأقرب إلى (الكاريكاتيري)، لم يمنع من ظهور كتاب (عمود صحفي) سوريين متميزين، لم تلمع نجومهم في الصحافة العربية، أو الخليجية، وإنما في الصحافة السورية نفسها!! فكان حسيب كيالي وغسان الرفاعي وعادل أبو شنب ومحمد عمران وخلدون الشمعة ورياض عصمت ووليد معماري.. وأما محمد الماغوط فقد لمع نجمه- تخيلوا- من خلال مجلة داخلية غير معروفة اسمها (مجلة الشرطة)!!
كان لدى هؤلاء الكتاب (وقد أصبحت أنا منهم في وقت لاحق) قناعة مفادُها تتلخص في بندين إثنين، أولهما أن هذه الصحف تمتلكها (وتمولها) الدولة السورية (وليس النظام السوري)، ومن حقنا، ومن واجبنا أن نشتغل فيها.. وثانيهما: أن بإمكان الكاتب أن ينشر في الصحف الخليجية والعربية المهاجرة، ويكسب مالاً وشهرة، ولكنه يبقى مجهولاً في وطنه.. وهذه، بحد ذاتها، معضلة.

نعم.. أيها الصديق الذي قلت لي، ببساطة شديدة، إنني كاذب.. أنا أكتب في الصحف السورية منذ أواخر السبعينيات، وأنا عُرفتُ، وكبرتُ، وانتشرتُ داخل سوريا من خلالها، ومنها عُرفت على نطاق أوسع..
وإذا أردت أن أزيدك من القصيد بيتين، أقول لك: إنني، كلما التقيت برجل كان مُغَيَّباً في سجون أمن الدولة الأسدية الحقيرة، يُخبرني أنه، وزملاءه، قبل مغادرتهم ببضع سنوات، (وليس قبل بضعة أيام.. هه!) نقلوهم إلى سجن صيدنايا (الترفيهي!).. وكانوا، إمعاناً في ترفيههم، يأتونهم بـ "البعث" و"الثورة" و"تشرين" إضافة إلى صحف المنظمات الشعبية.. والسجناء، عندما يعثرون على مقالة لي، كانوا يدورونها بين بعضهم (مثل السيجارة!).. ويقرؤونها أكثر من مرة.

أنا، مع ذلك، لستُ كاتباً مهماً، ولكنني مقروء، وهذا ما دفع بعبد اللطيف عمران، رئيس تحرير البعث، أن يرسل إلي، بواسطة الصديق عدنان عبد الرزاق، رجاء بأن أكتب زاوية أسبوعية على الصفحة الأخيرة من البعث، ووعد، لأجل التشجيع، برفع سقف المكافأة (لي وحدي من بين الكتاب). 
هذا ما كان.. وليس ما ذكرته حضرتك.

في كل الأحوال . شكراً لملاحظتك، حتى ولو كانت قاسية.. فهي التي دفعتني إلى كتابة هذه الملاحظات.

(100)    هل أعجبتك المقالة (92)

سوري منصور

2013-03-23

كان معكم من كتبة الزوايا في الصحف السورية كاتب من بيت حقي نسيت اسمه الاول والله... إضافة الى استاذ كان يدرسنا اللغة العربيةمن عائلة البغدادي اسمه شوقي.. بالفعل كما تفضلت كانوا كتاب مميزين وكان الواحد يزعل عليهم من قلبه انهم لم يأخذوا مجالهم بشكل واسع وانما كانوا محصورين في هذه الصحف.. الله يلعن روح حافظ اللي حاول قتل روح الابداع لدى السوريين.


نيزك سماوي

2013-03-23

على كل هذا الفعل هو من أفعال المخابرات العلوية المجرمة القذرة وليس بفعل مواطن عادي يتابع الصحف ؟ المخابرات عندما تريد أن تفضح أحد وتشوه سمعته تعمل هكذا ؟ فعلت ذلك عندما إنشق عدد من المسؤولين ؟ فقد أوعزت لكلابها وأبواقها بفضح فسادهم وسرقتهم منهم سفير العصابة لدى العراق ؟ يعني المسؤول ما بيصيسر فاسد وحرامي إلا عندما ينشق عن العصابة الاسدية المجرمة ؟ والله هزلت ؟ مع أن جميع المسؤولين والمجرمين والحرامية كلهعم فاسدين بل مجرمين ولا يتم التحدث عنهم بأدنى كلمة هكذا أفعال العصابة المجرمة ونحن نقول للكاتب خطيب بدلة : إن أتتك مذمة من ناقص فهي الشهادة لك بأنك كامل وكما يقول المثل : لا يضير السحاب نبح الكلاب يعلن روحك يا حافظ .... يلعن روحك يا حافظ ..... يلعن روحك يا حافظ.


سامر

2013-03-23

ارجوا من الكاتب عدم الاصغاء الى الانتقادات غير البناءة والاستمرار بإمتاعنا بمقالاتة الرائعة.


ابو هادي الحربنوشي

2013-03-23

من خلال عملي كانت توزع علينا وبشكل يومي الصحف السورية الثلاثة ... وكنت اطالع فيها مقالاتك .... وكنت آنذاك اطالع عبر النت القدس العربي طبعا بمساعدة برامج كسر البروكسي ... صدقني استاذ خطيب كنت الاحظ ومع اصدقائي ايضا فرق كبيير بين ما تكتبه في القدس العربي والبعث السورية . لا ادري اذا كانت تلك الحالة مقصودة او ناتجة عن عدم مبالات لقراء البعث وبالتالي عدم الاهتمام ... ام انها نابعة من فعل لاشعوري ناتج عن انعكاس داخلي بقرفان من الجريدة والعاملين فيها ..


أبوشاكر الديمقراطي

2013-03-24

الآن ومع ظهور الثورات العربية ظهر مثقفون يركبون موجة الثورات ويختلقون لأنفسهم ماضياً ثوريا ونضالياً ، وهنا لدينا مقالة يعنونها الكاتب بعنوان مجلجل يحمل الكثير من الفشخرة حسب تعبير المصريين ألا وهو - أنا كاتب السجون والنظارات ومعتقلات أمن الدولة - نقرأ المقالة لنرى كيف كان صاحبنا كاتباً للسجون والمعتقلات فنجد أن السبب هو أن البعض حدثه بأن جرائد البعث كانت توزع على السجناء والمعتقلين وهم بالتالي كانوا يقرأون مقالاته !!! وهكذا يصبح صاحبنا كاتبا للسجون والمعتقلات !!! بالمناسبة أنا لا آخذ على الكاتب كتابته في جريدة البعث في الماضي ولكن معارضتي للكاتب له أسباب أخرى سأتحدث عنها لاحقاً إن سمح لي الوقت.


صحفي

2013-03-25

كان يمكن أن أعذرك لو اعتذرت عن عدم الكتابة في البعث حين اتصل بك عمران لانه قد مضى على اندلاع الثورة اشهر ليست بالقليلة ، هذا إذا صدقناك ، أم انه أغراضك بالمال؟؟؟؟؟!!!!! ثانيا إلياس مراد صحفي و متحدث لبق أديب و كاتب قبلك و قبل عمران بكثير حتى لو اختلفنا معه بالسياسة الآن ،فلماذا تذمه و تبتعد عن الإساءة لعمران الذي لا يفقه بالصحافة مع انه يحمل دكتوراه!!!!كتبت لتدافع عن نفسك فمزقت بالوحل أكثر ، شكرًا زمان الوصل ،.


خطيب بدلة

2013-03-25

أبا شاكر الديمقراطي صحيح كلامك.. أنا شخص نكرة وأحاول الآن صناعة ماض ثوري ونضالي.. أنا على عكسك.. فأنت تريد أن تصنع مستقبلاً ثقافياً ومعرفياً، بدليل أنك تعرف، ولكنك الآن مو فاضي.. لذلك وعدت القراء بأن توافيهم بمعلوماتك عني لاحقاً.. رفقاً بالقراء أبا شاكر.. لا تتأخر عليهم بمفهوميتك.. خطية.. ما إلهم حدا غيرك...


خطيب بدلة

2013-03-25

السيد المتنكر باسم صحفي.. الياس مراد شبه أمي.. هذه من الحقائق العلمية.. وعبد اللطيف عمران شبه أمي هو الآخر.. وهو تسلم الجريدة ضمن سياسة علونة الإعلام المعروفة.. أنا أصارح قرائي بكل شيء.. شرحت لهم السبب الذي جعلني لا أعتذر عن الكتابة في الصحف السورية والإذاعة السورية قبل الثورة.. وليس من الصواب أن أعيد الكلام لمن كان فهمه بطيء...


أبوشاكر الديمقراطي

2013-03-25

السيد خطيب بدلة فاجأني ردك فعلا ولم أتوقعه منك ، أنا لم أقل أنك كاتب نكرة ، أنا فقط قلت أنه لم يكن لك ماض ثوري ومعارض للنظام ، والآن أنت تحاول أن توحي لنا بهكذا ماضي بقولك - أنا كاتب السجون والنظارات ومعتقلات أمن الدولة - ، ليس عيباً أنه لم يكن لك ماضي معارض ولكن العيب أنك تحاول إختلاق هكذا ماضي ، كما أنني لم أقل أنني أعرف عنك معلومات سأوافي القراء بها مستقبلا ، أنا قلت أنني أعترض على أسلوبك ومقالاتك التي تكتبها هنا لعدة أسباب سأتكلم عنها لاحقاً.


صحفي

2013-03-26

في اللغة العربية يقال اعتذر عن عدم الحضور و لا يقال اعتذر عن الحضور، إذا كان القائل يريد أن يقول انه لم يحضر.وجب أن تقول لا اعتذر عن عدم الكتابة!!!! بالله عليك من هو شبه الأمي إذا كنت انت أديب مقرو،؟!!!!.


خطيب بدلة

2013-03-26

لن أدخل مع الشخص المتنكر باسم صحفي في أي حوار بعد هذه المرة، فقد تبين لي أنه، للأسف، يريد أن يُدخلنا في باب المهاترات، والسفسطة التي تشبه تناول الطعام أثناء النوم.. ولا سيما حينما قعد ليشرح لي، وللقراء الأكارم، أن اللغة العربية تجيز استخدام عبارة أعتذر عن عدم الحضور ولا تجيز عبارة أعتذر عن الحضور!! ولأنني استخدمت الثاني، فيما يتعلق بالدعوة إلى الكتابة لجريدة البعث، استنتج حضرتُه أنني شبه أمي، مثل الياس مراد وعبد اللطيف عمران، أَجَلَّكُمْ الله. إلى القراء الأكارم: في العربية، ولأنني لم أعتذر عن الكتابة في جريدة البعث قبل البدء بها، قلت في سياق مقالتي: لم أعتذر عن الكتابة، وأما لو أنني نسيت، أو تناسيت الموضوع، ثم التقيتُ بصاحب العلاقة بعد سنة، وسألني عن الموضوع يمكن أن أقول له: أعتذر عن عدم الكتابة لجريدتك...


2013-03-28

انت راااااااااااااااااااااائع.


التعليقات (12)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي