النظام يبددّ ألفة استمرت نحو قرن ....حج الأرمن إلى كنيستهم في دير الزور ممنوع بقرار أسدي

كنيسة الشهداء

هجرت زين الأرمنية صاحبة 32 عاماً، دير الزور بسبب القصف والدمار الذي لحق بالمدينة التي قضت أجمل سني حياتها مع أهلها الذين يتصفون بالطيبة والكرم والشجاعة.

تروي زين لـ"زمان الوصل" قصصاً رواها لها أبواها منذ طفولتها عن أبناء دير الزور وشجاعتهم حين أنقذوا الأرمن من المذابح الجماعية التي لحقت بهم وكان لهم فضل في استمرار نسلهم، حيث كان أبناء المدينة يأخذون الأطفال الذين مازالوا في مهدهم ومعهم ورقة كتب عليها اسمه واسم أبويه، ويقومون بتربيتهم ويبقونهم على أسمائهم الحقيقية ودينهم الذين فطرو عليه حتى يكبروا ليرووا لهم ماحصل لهم ولآبائهم، لذلك ترى أن دماء الأرمن انخلطت بدماء أبناء مدينة دير الزور وأصبحت واحدة".

* مجزرة جديدة بحق الأرمن
تقول زين إن النظام يرتكب مجزرة جديدة بحق الأرمن ويمسح تاريخ ذاكرة لأجيال قادمة حين يقوم بتدمير الكنائس ومنها كنيسة شهداء الأرمن التي بقيت شاهداً على آخر جريمة ارتكبت بحقهم حيث كان يأتي إلى مدينة دير الزور آلاف الأرمن لزيارتها والترحم على أجدادهم.

وتؤكد زين أن الجميع سيعمل على إعادة إعمار كنيسة شهداء الأرمن لأنه لن يكون هناك مكان أجمل من مدينة دير الزور ليجتمع الأرمن المنتشرون في كل أصقاع العالم من كل عام والترحم على أجدادهم الذين ارتكبت بحقهم أفظع المجازر على مدى تاريخهم.

ولن ينسى بيرج قصبيان ابن ال29 عاماً آخر مرة شاهد فيها كنيسة الشهداء الأرمن، وكان ذلك أثناء عبوره من أمامها، وهو يهجر مدينته دير الزور مع عائلته بسبب القصف والدمار ودموعه تنهمر كأنه يعلم أنها ستكون المرة الأخيرة.

ويقول بيرج إن الأرمن يعتبرونها الهجرة الثانية لهم وتدمير كنيسة شهداء الأرمن تعتبر المجزرة الثانية التي ارتكبت بحقهم فالكنيسة كانت تعتبر رمزاً للصمود والبقاء وحب الحياة وبقاؤها دليل على بقائهم.

ويضيف بيرج أنه 24 نيسان هو عيد شهداء الأرمن، وفي كل عام من هذا التاريخ، يقصد تلك الكنيسة الشعب الأرمني من جميع أصقاع الدنيا ليقيموا فيها جنازاً وقداساً لراحة الشهداء الأرمن وراحة نفوس أجدادهم الطاهرة، الذين قضوا أرواحهم دفاعاً عن الشعب الأرمني، مشيراً إلى أن الكنيسة تحتوي على نصب تذكاري للشهداء الأرمن يوجد تحته مجموعة من رفاتهم والتي تم جمعها من منطقة مرقدة التي حدثت فيها مجزرة الأرمن. كما يوجد في الكنيسة متحف يعرض فيه اللباس الشعبي الأرمني وعدد من الأواني التي كانو يستخدمونها والحلي التي لبسوها بالإضافة إلى عدد من الكتب التي تتكلم عن تاريخ الأرمن، وصور التقطها صحفيون أجانب للشعب الأرمني وللمجازر التي ارتكبت بحقهم.

التآلف المدهش
زار الأرمني هاكوب ديرموغسيان كنيسة شهداء الأرمن في مدينة دير الزور في عام 2005 وذلك للحج والاحتفال بذكرى مجازر شهداء الأرمن، والآن عندما رأى هاكوب صور كنيستهم على شبكة الانترنت وهي مدمرة حزن كثيراً لأنها من تراث أجدادهم وتعني لهم الكثير فهي الشاهد الأخير على مأساتهم، ويقول هاكوب إنه عندما جاء إلى مدينة دير الزور كان جميع أبناء المدينة يشاركون الأرمن في احتفالاتهم واندهش للتآلف الذي كان موجوداً بين الأرمن وأبناء مدينة دير الزور وكأنهم شعب واحد.

وأوضح هاكوب أن كل زاوية في تلك الكنيسة كانت تحكي قصة عن حياة الشعب الأرمني وأكثر مالفت انتباهه هو جدار الصداقة الذي تم بناؤه ليشكر الأرمن الشعب السوري الذي احتضنهم وهو جدار منمّق ومزخرف بالنقوش العربية والأرمنية بالإضافة إلى الأحجار ذات الطابع الرملي التي نحتت داخل الكنيسة ومصدرها أرمني، مؤكداً أن الجميع سيعمل على إعادة بناء هذه الكنيسة لأن قوامها هو دليل على وجودهم.

بين الكنيسة والمذبحة
يتخذ أبناء الطائفة الأرمنية كنيسة الشهداء الأرمن في مدينة دير الزور قبلة للحجاج في 24 نيسان من كل عام منذ عام 1991، بعد إقرار رجال الدين بتحريم الحج إلى القدس المحتلة إلا بعد تحريرها من الإسرائيليين.
ولتعزيز الصداقة قام الأرمن بإقامة "كنيسة مقام الشهداء الأرمن" في "دير الزور"، وقد تم ترميم هذه الكنيسة التي كانت مقامة منذ عام 1900 إلا أنه تم إعادة وضع حجر الأساس فيها عام 1985 بحضور قداسة الكاثوليكوس "كاريكين الأول"، أما تدشين الكنيسة فقد جرى في/1991/.

ومنذ ذلك الوقت أصبح لـ"دير الزور" اسم في "الفاتيكان"، وأصبحت قبلة الأرض والمدينة المقدسة لجميع الأرمن في كل أنحاء العالم.

وكانت "مذابح الأرمن" على يد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى على خلفية اتهامات للرعايا الأرمن في الامبراطورية العثمانية بمساندة روسيا خلال الحرب. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية الصورة في 7 أكتوبر 1915 في خضم حملة الاتراك العسكرية ضد الارمن والتي ادت الى مقتل ما يتراوح بين نصف مليون ومليون شخص، بينهم مئات الآلاف من النساء والاطفال. والى جانب التأثير السياسي الكبير للصورة، والذي ما زالت حاضرة حتى الآن، أدت تلك الصورة إلى تطوير ما عرف لاحقاً بالقانون الدولي الإنساني.

غيث الأحمد - زمان الوصل
(184)    هل أعجبتك المقالة (160)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي