متى تفسخون "زواج متعة الأسد": رسالة إلى أكراد النظام.. لستم أوجلانيين أكثر من أوجلان

عندما غضبت تركيا على نظام حافظ الأسد غضبا لم تغضب مثله قط، كنت مجندا في مدرسة المشاة غير بعيد عن الحدود التركية، صحيح أننا لم نكن نسمع وقع خطى "جنود أتاتورك" وهم يحتشدون بعشرات الآلاف على الحدود، ولا وصلنا هدير محركات دباباتهم وعرباتهم، ولكننا كنا نرى التوتر باديا في أنحاء المدرسة المترامية الأطراف.
أتذكر وقتها أن ضابطا من الضباط القادة جمع معظم عناصر المدرسة، ليمارسوا طقسا حماسيا من ترديد الشعارات المؤيدة لنظام حافظ، أتبعها بإشارة إلى أننا يجب أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة تهديدات "العدو التركي"، ولما رأى عزمنا وتصميمنا ضحك ضحكة صفراء وصرفنا.
لقد كان هذا الضابط أعرف بقيادته منا، وكان يعلم أن حافظ مستعد لأن يضحي بكل شيء في سبيل أن لا تزعج جلوسه على العرش ولو ذبابة، فهو النظام الأكثر التزاما بقاعدة اللصوص وقطاع الطرق القائلة: الذي تكسب به العب به!، ومن هنا لم يكن عجيبا ان يضحي بمن يعتبره الأكراد رمز نضالهم، رغم أنه كان من أربح أوراق حافظ في إغاظة الأتراك، ورغم ما يقال عن التقائه العقائدي بحافظ، لاجتماعمهما في بوتقة طائفة واحدة.
قبل أيام قليلة مرت الذكرى 14 لاعتقال أوجلان في عملية استخباراتية، بدأت بإشارة من يد حافظ، وانتهت على أيدي المخابرات التركية، التي قادت أوجلان مكبلا إلى سجنه.
وقد يكون من المثير للانتباه أن يختار أوجلان هذه الأيام، ليوافق على مبادرة سلام مع الحكومة التركية، التي احتجزته سنوات طوال وطاردته قبل ذلك سنوات أطول.
وما يهمنا حاليا من اتفاق السلام بين أوجلان وحكومة أردوغان، هو مدى التأثيرات التي ستتركها المبادرة على الساحة السورية، لاسيما النظام و"أكراد النظام" الذي يدعون الهيام بأوجلان وتجربته النضالية، ولا يكفون عن تجيير ورقة "المظالم" الواقعة على أكراد تركيا لتبرير "زواج المتعة" الواقع بين الطرفين، حيث يستمتع النظام بالتضحية بالكرد على مذبح مناكفة أنقرة، ويستمتع "أكراد النظام" بامتيازات تضمن لهم ولذريتهم، موطئ قدم في عالم الثروة والقيادة.
ولأن نظام بشار ساقط، وهو في حكم الميت الذي لايرجى نفعه ولا يخشى ضره، فإن الأسئلة التي تثيرها مبادرة أوجلان، ستبقى موجهة إلى عنوان واحد هو "أكراد النظام"، تستفهم منهم عن موقفهم من المبادرة، ومن صاحب المبادرة، هل هي خيانة، وهل تحول صاحبها من رمز وطني إلى متاجر بالقضية؟
وإن كان أوجلان ما يزال رمزا وطنيا، فهل أنتم أوجلانيون أكثر من أوجلان نفسه، ولماذا تصرون على اللعب بورقة أحرقها اللاعب الأساسي، وهل تفكرتم في قوة الضربة التي وجهها اتفاق أوجلان أردوغان إلى أحلام نظامكم الذي ما زلتم تتعلقون به.
وأخيرا -وهذا الأهم في نظرنا كسوريين يخافون على أخوة لهم-: متى ستكفون يا "أكراد النظام" عن التغرير بمن يتبعكم، وهل ستتحلون بالشجاعة لمرة واحدة لتخبروهم أن أكثر من ظلم الكرد وامتهنهم وغيب تاريخهم وبطولاتهم ومشاركاتهم في سوريا الماضي والحاضر، هو نظام العائلة الأسدية، الذي حكم منه طاغيتان طفحت سوريا والمنطقة بشرورهما، فيما لا زلتم ترغبون في أن يصل الحكم لطاغية أسدي ثالث ورابع!
ايثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية