أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آه يا دنيا... د.ميمونة جنيدات

آه ...... يا دنيا
عامان رحلا ولكنهما باحساس السوريين قرنان...
لقد جردت الثورة الحياة من من حلتها الزاهية الخداعة ، واماطت قناعها المبهرج الزائف فكشفت وجهها المكفهر الكالح الذي ما فتئت تخفيه عنا وفقدت قدرتهاعلى ذلك الآن ولو استعملت كل مساحيق الارض للتجميل ...
جروحا غائرة في قلوبنا نحن السوريون لن تشف ولن تندمل ....
لم تعد الدموع قادرة على تفريغ الأسى والقهر ومخزون الأحزان ...ولم تعد الكلمات قادرة على اخراج ما يعتلج في النفس ويختلج في الصدر ..إن القلب أمسى مرجلا يغلي بالأحزان والالام ينفث حممه آهات وزفرات كل ما ضاقت بوتقته وكادت تنفجر..
لقد جفت المآقي من الدموع ....اشتقنا الى العبرات علها تطفئ بعضا من لهيب الحزن ونار الحرقة والكمد ...
قبيحة انت ايتها الحياة ....
خداعة انت ايتها الحياة...
كل حلو فيك زئبقي الممسك كلما أمسكناه بقوة تفلت وتسرب في كل اتجاه وظهرت حقيقتك المرة من جديد ..الحقيقة التي قرأنا عنها الكثير فلم نعها حتى ادركناها الآن بعقولنا وقلوبنا ...
إنك لا شيئ ..انت سراب ....!!
كم أنس القلب بحبيب ظن أنه سيتّقي بجنَّةِ حبه لظاك وتقلباتك سنين عمره فسرقته منه رصاصة او قذيفة ...
كم شقي المرء دهرا يبني دارا بعرق وجهد استهلك نصف عمره وعافيته او زاد متشحا بالامل أن تبقى دار أولاده وأحفاده ..فجاءتها قذيفة قوضت أركانها ودفنت معها آماله وكل حلو ذاقه ...
آه منك يادنيا.. آه....... آه على عائلة قضى نصفها تحت الانقاض ونصفهاهام على وجهه فقد المأوى والمعيل والامل.
آه على أب يمسك بحذاء ابنه هي كل ما تبقى من ذكرى عائلة دفنت على حين غرة تحت أكوام من الحجارة يتأملها بين العقل والجنون..
آه على مدارج الصبا من أحياء وأزقة وقرى محفورة في جدران القلب وخلايا الذاكرة ومنقوشة في حنايا الروح.. اصبحت أطلالا وأثرا بعد عين ...
آه على فتاة تفيض طهرا ورقة وأنوثة تحلم بثوب الزفاف وطفل يحبو خلفها يملأ عالمهاأنسا وحبورا تناوب على اغتصابها حفنة من الأوغاد السفلة فتركوها مشوهة النفس والجسد،وقد تحمل في احشائهاعارا يصبّ اللعنة على كل متخاذل كان بمقدوره الذود عنها ..سواء كان عربيا اومسلما أو ينتمي إلى حظيرة الانسانية .
آه على فتى قطع شوطا في درب أَّحلامه وآماله تلقفَّته ايدي الجلاد لتسومه سوء العذاب الوحشي والاذلال ألوانا حطمت فيها أحلامه وتبددت آماله هذا ان استطاع جسده القوي تحمل قسوتها و مات ألف ميتة قبل أن تصعد روحه الى باريها.
آه على جياع بلدي ...في سجونهم اذ يرمي لهم الجلاد بكسيرات من الخبز المتعفن كي تمنع عنهم الموت جوعا ولتتيح لجلاديهم لذة الاستمرا ر في ساديتهم الحيوانية..
آه على جياع بلدي في قراهم ومدنهم 'في المدارس والمزارع والمساجد و في مخيمات اللجوء في الداخل والخارج حيث يقذف لهم العالم المتحضر المتوحش ببعض الطعام الذي يحار الاب أي فم جائع من أفواه أولاده يسكت به بعض جوعه..
آه على الجرحى الذين تعفنت جراحهم واستمر نزيفهم وعلا أنينهم وتمنو الموت الف مرة لان العالم المنافق لم يرد امدادهم بالعلاج..
آه على طبيب يتفتت قلبه حسرة والماً كي يحصل على مبضع او خيط او ضماد ينقذ بها روح مريضه وهو يتخفى عن الأنظار كما يتخفى رجل المخدرات من الشرطة.
آه على مخابز قصفت ومشاف دمرت ودورا للعبادة هدمت وجميعها مأهولة بروّادها فقتلوا جميعا أو جرحوا ولم تهتز للعالم المتحضر شعرة '-ولو هدم مسكن للنمل لهاجوا وماجوا واستنكروا!!-
آه على وطن تكالب عليه الشرق والغرب ....وتناوب على على المكربه العدو والصديق ... وتآمر على تدميره القريب والبعيد.... وشارك في ذبحه الاخ والجار..
ثم آه على قلوب رأت كل هذا ومالانت ولارقّت ومازالت تنضح بالضغائن والأحقاد وثنفث سمومها أذى وكيدا لذوي القربى..والوالدين...
أرأيت أيتها الدنيا أنك خُلُّبية .. ومن يتكئ عليك يستند الى جدار متصدع يوشك ان ينهار في أي لحظة...
كل شيئ فيك هالك ..... كل شيئ فيك زائل.... لقد ظهرت سوأتك والعاقل من أعطاك قدرك ، الذي تستأهلينه .
سنبني بيوتنا هناك .....في الجنة .....حيث لا قذيفة دبابة ولا صاروخ سكود ، بيت سرمدي لا صخب فيه ولا نصب ، وسنتنافس في البنيان والارتقاء في الدرجات ،حيث ما بين الدرجة وأختها كما بين السماء والارض ..
سنلقى أحبتنا هناك ..
ولكن لن ندعك لغيرنا ..سنسيطر عليك ونجعلك في أيدينا طيّعة ليّنة كما أمرنا ربك ...وأما قلوبنا فليست لك سكنا ومأوى

(103)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي