أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أولاد حارتنا الأنبياء الصغار... د.إياد أبازيد

رسالة إلى أولاد حاراتنا..... أطفال درعا الرجال...لقد أيقظتم شعباً طال رقاده

في مثل هذه اليوم و منذ عامين في ١٨ آذار ٢٠١١ كانت قد انطلقت أعظم ثورات التاريخ من جنوب سورية من المسجد العمري في درعا البلد التي ثارت من أجل حرية و كرامة سوريا و شعبها الأبي و باستمراريتها الجبارة أسقطت الأقنعة عن القاصي و الداني و كشفت زيف كل القوى الإقليمية و العالمية.

نعم إنها بحق الثورة السورية العظمى التي أشعل شرارتها أطفال بعمر الورد كانوا هم الأشجع و الأكثر جرأة و وعياً و السباقين في التعبير عما يجول في خواطر نا جميعاً.
إليكم أيها الأنبياء الصغار أكتب هذه الكلمات: 

سادتي الأطفال الرجال بعد التحية و السلام عليكم، أبعث لكم هذه الرسالة و تفصل بيننا مسافات كثيره، مسافة شرفية و مسافة تقديرية و مسافة بطولية، و هناك مسافة روحية بيننا، فأنتم هُناك حيث سطرتم طريق المجد و العزة، و أنا هُنا بذهول أتابعه، و أخبركم أيها السادة العظام بأن أصابعكم الطاهرة التي أشعلت النور لنا لم تذهب هباءً منثوراً، و بأن أصابعكم الطاهرة كانت هي الشمعة التي أنارت طريق كل سوري، فقد كنا يا سادة نعيش في ظلام دامس، و لا نستطيع أن نرى طريقنا حتى أصبحنا نظن أن الظلام هو الشىء الوحيد الحقيقي بالكون.

بكل فخر أبعث لأولاد حارتنا و أعتز بهم تحية إكبار وإجلال إلى هؤلاء الصغار الكبار الذين أيقظوا سبات شعب طال رقاده، و عظمت محنته، و طال قهره و ظلمه و إذلاله.. 

رسالة إلى هؤلاء الرياحين الذين فاحت أزاهيرهم مسكاً فواحاً على النفوس البائسة والقلوب الداكنة.. 
رسالة إلى هؤلاء الشموس المشرقة التي أضاءت ظلمة العزائم والإرادات الخائرة..

الأطفال الرجال الذين ألقوا حجراًكبيراً في ذاكرة الشعب العريق، فذكروه بأمجاده التليدة، ومشاهده الخالدة.
قد لم يكن يخطر على بالكم يا أطفال درعا، الذين لم تبلغوا الحلم بعدُ، دون الرابعة عشرة، و انتم تكتبون على جدران مدرستكم، ببراءة الطفولة المعروفة عبارة (الشعب يريد إسقاط النظام) و (اجاك الدور يا دكتور)، في مشهد تقليدي حاكيتم به مشاهد الثورة في تونس و مصر و ليبيا، و استوحيتم من الفضائيات التي تبث أخبار الثورات العربية.

وقد لم يكن يخطر على بالكم أبدًا، بأن هذه الشعارات المكتوبة بطفولية وعفوية ستقود لإشعال أكبر ثورة تشهدها سورية في العصر الحديث.

سادتي الكرام أنتم شرارة الثورة و أنتم من أشعلتم ظلامنا و حولتموه لنور يرينا أبعد مما كنا نحلم، أنتم من أرشدنا لهويتنا الحقيقية، التي أعادت لنا الكرامة المسلوبة، كنتم المفتاح الذي فُتح به سجننا الذي سُجنا به منذُ عقود، براءتكم هي التي أعادت الشرف لنا بعدما فقدناه لسنين طويلة، عفويتكم هي السكين التي نحرنا به الخوف و الهلع من ذواتنا، شجاعتكم هي من أرجعتنا لطبيعتنا الأصيلة الرافضة للوهن و الضعف، صِدْقَ تصرفكم جعلنا نعرف قيمتنا و قوتنا و ندرك بأننا نستطيع أن نفعل المستحيل إذا توحدنا، أنتم باختصار يا سادتي العظام من أرجعنا لهويتنا التي فقدناها منذُ سنين.

و أنا بنشوة الفرح أرى ما يحدث اليوم من عزة و شرف و معارك يقودها شعبنا العظيم لتكسير الأصنام التي جثمت على صدورنا منذُ عقود خلت، و بفضلكم استعدنا روحنا الشريفة لمقاومة الطغيان، و كل سوري حر وضعكم رمزه الكبير لكي يصرخ و يفعل و يستعيد أمجاد الأجداد، اليوم نحن نخوض المعركه كلاً بقدر استطاعته، و لكن نتفاوت بالفعل، و كل شريف متفق على إنكم الرمز الأول و الأكبر لما يحدث اليوم، كنا بالماضي ننتظر ذلك البطولي الذي ينقذنا من الهلاك و الموت و الوهن، غرقنا بالتنظير منذُ سنين، و لكن لم ندرك بأننا نحتاج لمن يعمل و يطبق لكي يخرجنا من سجن تقديس الأنظمة، فما كان ذلك المنقذ البطولي و العملي الشجاع و الملهم الأبّي إلا أنتم.

أخبركم بأنكم لم و لن تغيبوا عن أبصارنا طرفة عين، فأنتم بنظرنا الرمز الكبير الذي جعلنا ندرك بأننا أحياء لم نمت، و بأن كل الأحرار السوريين الشرفاء يبجلونكم و يعتبرونكم أبطالاً، اليوم غيرتم نظرتنا لغالبية الأمور، فبالأمس كنا نسير على رؤوسنا و كأننا جدل هيجل لدى الفلاسفة، و لكن بسببكم اليوم نحن قلبنا الرأس أرجل و الأرجل رأساً و اعتدلنا بالممشى، طريقنا طويل، و لكن العبره ليس بطول المسافه، العبره بصحّة الطريق و هذا ما يهمّ، فنحن بالأمس كنا نسير بطريق الجحيم الأرضي، و لكن اليوم رجعنا لنسير بالطريق الصحيح طريق الجنة الأرضية، كلما سرنا بالطريق وجدنا قرية الكرامة، و بعدها قرية المساواة، و بعدها قرية المجد و العز، و بعدها طريق الإنسانية، و بالأخير سنصل الى نهاية الطريق و نصبح مواطنين في قرية الحرية التي بحثنا عنها منذُ سنين.

كنّا بالأمس نسير بالطريق الخاطيء، فظننا أن قرية المهانة هي قرية الكرامة، و ظننا أن قرية الظلم قرية المساواة، و ظننا أن قرية الذل و الخسّه قرية المجد و العزّه، و ظننا أن قرية القمع و الوحشيه قرية الإنسانية، و كنّا نعتقد بأننا بطريقنا مُتجهون نحو الحرية، و لكن للأسف كنا نسير نحو العبودية بأبشع أُطرها. 
ألم أقل لكم بأننا كنا ضائعين قبلكم و طريقنا خاطىء!!؟.

كانت بوصلتنا بالماضي تصديق الخونة و الدجالين و أحفاد مسيلمة الكذاب، و لكنكم أصبحتم بوصلتنا الحقيقية التي تدلنا على الطريق الصحيح، فالبوصله اليوم لا تشير إلا لطريق واحد هو ( طريق الحرية ).

أنتم بنظرنا أعظم المعلمين، أنتم أبطالنا و عظامنا و منقذونا، أنتم رمزنا الكبير الذي أعادنا للحياة بعد موت طويل، اليوم نحن نخوض معركة أنتم المسبّب فيها، معركة الكرامة و الشرف، كنا نتفاخر برموزنا العظيمة السابقة، و كنا نبكي عليهم و نتذكرهم، و المشكلة أننا لم نرَ أحداً بأعيننا، و أصبحنا نرى أن إمكانية وجود عظيم و خالد في عصرنا شىء مستحيل، و لكن المستحيل أنتم حولتموه إلى حقيقه، و جعلتم أحلامنا تتحقق بأن نرى بطلاً عظيماً بأعيننا، أتعلمون بأننا فقدنا الكثير من أصالتنا و مجدنا فأصبح الغالبية يعتبرون بأننا شعب ماضٍ لا وجود لنا بالحاضر ولا المستقبل، و لكن أنتم من جعلنا ماضياً و حاضراً و مستقبلاً، و براءتكم من نقلتنا من الماضي إلى الحاضر و هي من تنقلنا للمستقبل.

أحبائي اليوم كما ترون نخوض معارك ضد الظلم و الاستبداد أنتم من أشعلها، عندما تنتهي معركة الشرفاء سيخلدونكم بكل شىء، حتى الثورة السورية ستُكتب باسمكم، كانت أحلامكم بسيطه عندما كتبتم على جدران مدرستكم، فها أنتم تكتبون تاريخ سورية الحديث فلن تغيبوا عن ذهن الشرفاء بكل العالم و ليس العرب و السوريين وحدهم، بالأمس الكثير كان يخجل من أنه سوري، و لكن اليوم الكل يفتخر بأعلى الصوت بأنه سوري، أخبركم بأن الشرف لو تجسد برجل لقال أنا أطفال درعا، و الكرامة و العزة لو تجسّدت بشخص لقالت أنا أطفال درعا، و الحرية و الإنسانية و كل المصطلحات العظيمة لو اختارت التجسيد بالشخوص لاختارات دون تردد أن تكون أنتم يا أولاد حارتنا.

منكم و بكم أخذت شرارة الثورة تندلع في شتى أنحاء سورية مؤذنة بدوران عجلة ثورة لن تتوقف حتى تقتلع أعتى نظام قمعي في المنطقة، وذلك كله بفضلكم يا أطفال درعا الكبار، الذين سيذكركم التاريخ يوماً بأنكم كنتم مَن بدأ طريق تحرير سوريا من أسوأ عهود الظلم و الطغيان.

(131)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي