كارل غوستاف الـ16 قدم للرياض كراكب عادي ضمن ركاب طائرة فرنسية عادية !
من منا لا يذكر تلك الحكاية العظيمة التي أعطت درساً بليغاً في العدل والتواضع لغير المُسلمين , وذلك عندما قدم رسول كسرى للمدينة المنورة وفي رواية أخرى قيل أنهُ رسول قيصر الذي كان قد أتى للقاء سيدنا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه - لكي يطلع على أحوال المُسلمين ويتعرف على طبيعة مُلكهم ويرى حال مَلكهم الذي يحكمهم ؟
حيث طلب من القوم أن يعرفوه على ملكهم !
فأجابوه ليس لنا مَلك بل أمير وقد خرج إلى ظهر المدينة .
وعندما خرج ذلك الرسول في طلب أمير المُسلمين من أجل لقائه ؟
وجدهُ نائماً على الأرض تحت شجرة متوسداً يده دون حراسة أو موكب , فعجب من أمر عمر بن الخطاب فقال جملته الشهيرة :
( رجلٌ لا يقر للملوك قرار من هيبته يكون هذا حاله , ولكنكَ يا عمر عَدلت فأَمنت فنمت , ومَلكنا يجور فلا عجب إذا سهر خائفاً ) .
ويبدو أن زمان الصحابة وعهد سيدنا عمر بن الخطاب ومن جاء بعده قد ولى وذهب , وربما رحل وأنتقل إلى بلاد الغرب الذين أصبحوا يتحلون بتلك الصفات الكريمة ويتصفون بالتواضع والعدالة حتى وإن كانوا غير مُسلمين !!!
فالذي أعز أولئك القوم النصارى وأذل أحفاد الصحابة هو العدل , فقد طبقوا مبادئ العدالة على شعوبهم فأمنوا وأطمئنوا , بينما في بلاد الحرمين الشريفين تسلط الانجاس والخونة على رقاب احفاد الصحابة فأطاعوهم ورضخوا لطغيانهم وقبلوا بظلمهم فأذلهم الله وسلط عليهم أشرارهم .
فالعدل أساس المُلك وركيزة الحياة ومطلب الشعوب الحُرة الأبية , والظلم والطغيان موردة للمهالك وجالبة للشرور والفناء حتى وإن تأخرت .
فمن هو أحق أن يتبع سيرة الرسول العطرة عليه أفضل الصلاة والسلام , ومن أحرى بأن يسلك نهج صحابته الكرام في التواضع وسمو الأخلاق وتطبيق العدالة وتوزيع الثروات بالقسط ؟
تذكرون عندما زار الملك السعودي الأجوف عبد الله بن عبد العزيز أسياده وأولياء نعمته في لندن قبل فترة وجيزة , وحينها كان قد إستقل خمسة طائرات جامبو كبيرة لنقل بعض زوجاته والعفش وحثالة المرافقين , وقد إصطحب معه أيضاً الحلاقين وخبراء الميك آب حتى يزوقوا وجهه الوذر .
وقد أثارت تلك الحادثة إستغراب وحنق الشعب البريطاني في حينه وأخذوا يتهكمون على حمق وبذخ ذلك الملك السعودي المعتوه .
وبالمقابل فقد زارهم بالأمس الملك السويدي كارل غوستاف الـ16 وذلك من أجل حضور المعرض الكشفي العالمي للسلام الذي أُقيم في الرياض وبإعتبار أن الملك السويدي هو الرئيس الفخري للصندوق الكشفي العالمي .
والمُثير في زيارة الملك السويدي كارل غوستاف لمهلكة آل سعود , أنهُ وصل مع مجموعته الكشفيه إلى مطار الرياض قادماً على متن طائرة فرنسية عادية إستقلها مع مجموعة من الركاب العاديين !؟
مما أثار الدهشة لدى مُضيفيه ووضعهم في موقف حرج حيث لم يتوقعوا حضوره بتلك الطريقة البسيطة والمتواضعة , لأنهم تعودوا على البذخ والإستعراض الفارغ والهليمان الأجوف .
نعم لقد حضر ملك السويد مع مرافقيه كركاب عاديين وقد دفعوا ثمن التذاكر من جيبوهم الخاصة , لأن ملك السويد لم يأتي للسعودية على إعتباره ملكاً للسويد ؟
بل حضر لكونه رئيساً فخرياً للصندوق الكشفي العالمي , وعليه فقد جاء مع رفاقه في طائرة فرنسية كركاب عاديين جلسوا مع بقية الركاب القادمين إلى الرياض !
تلك الحادثة أصابت الكثيرين من ديناصورات الدرعية ومومياءآت آل سعود بالدهشة والإستغراب , حيث لم يتعود أحفاد مرخان على تلك الأخلاق السامية من قبل أسر مالكة , مع أنهم مُحدثي نعمة ووالدهم عبد العزيز كان يتحسر على التمرة وألإقط عندما كان مُشرداً ومطروداً من الدرعية , لكنهم نسوا تاريخهم وتناسوا فقرهم وباتوا يتسابقون في البذخ والتبذير من أموال الشعب المسروقة !؟
وكانت صحيفة الرياض الحكومية الرسمية التي يُديرها الأحفورة تركي السديري , قد ذكرت تقريراً عن زيارة الملك السويدي المتواضع للرياض وحضوره البسيط , فأنهالت التعليقات المُعجبة بسمو أخلاق وتواضع الملك السويدي والحانقة والمُنتقدة لأقرانه من الملوك العرب , وعلى مبدأ إياكِ أعني فأسمعي يا جارة ؟
فأضطر الأحفورة تركي السديري لأن يُغلق باب التعليقات الخاصة بالقراء خوفاً من المُقارنة بين الملك السعودي التافه المُتغطرس وملك السويد المتواضع , حتى لايمسوا الذات الملكية السلولية بسوء .
http://www.mudprox.info/index.php?q=aHR0cDovL3d3dy5hbHJpeWFkaC5jb20vMjAwOC8wMi8yMi9hcnRpY2xlMzIwMDI3Lmh0bWw%3D
وهنا فقد لقنَ الملك السويدي كارل غوستاف السادس عشر دون أن يشعر آل سعود درساً بليغاً في فن التعامل الإنساني الطبيعي والبسيط مع أبناء الشعب بدون عوائق أو حواجز أو حُجب , وعلمهم كيفية التصرف الأخلاقي الرفيع مع الجمهور بدون تكلف أو ترفع والتعامل بأدب وتواضع جم دون الحاجة للإستعراض والتكبر والأنفة المُزيفة .
وحتى لا يبدو الأمر أن هنالك مدح غير مُبرر للملك السويدي فقد تصرف كارل غوستاف على سجيته ولم يتجمل أو يتظاهر بالبساطة المُصطنعة , لأنهُ فعلاً رجل متواضع ومحبوب لكن هذا لا يعني أن يكون فوق النقد والإنتقاد .
ولابد هنا أن نُلقن أذناب آل سعود ومُطبليهم درساً في حرية التعبير وإبداء الرأي دون مُحاباة , وبإعتباري أعيش هنا في مملكة السويد وبالرغم من الأخلاق العالية للملك السويدي وأدبه الجم وتواضعه , إلا أنني سوف أنتقد تصرفه الأرعن وغير المسؤول وأسجل إعتراضي الشديد على ما بدر منه خلال زيارته للرياض وذلك عندما قام بالإشادة والإطراء المُبالغ فيه بحق الحكومة السعودية الدكتاتورية الفاسدة , ومن ثم كيل المديح للطاغية السعودي الجاهل عبد الله بن عبد العزيز !؟
وانا هنا أطالبه بتقديم الإعتذار عما بدر منه لكل الضحايا والمقموعين من أبناء الشعب المغلوبين على أمرهم في ظل الهيمنة السعودية البغيضة , وكذلك إبداء الأسف والإعتذار لعوائل وأطفال آلاف السجناء الأبرياء الذين مازالوا يرزحون في سجون هؤلاء الطغاة ويتجرعون الويلات ويتعرضون لكافة صنوف التعذيب الجسدي والنفسي .
وأن لا يعود لمثل تلك الفعلة الشنيعة في توزيع الشهادات والأوسمة ومنح حسن السير والسلوك لأنظمة دموية قروأوسطية نكلت بالشعوب وعذبت المواطنين الأبرياء وقتلت وبترت أيدي الفقراء من دول العالم الثالث بحجة تطبيق الشرع المزاجي والإنتقائي لال سعود !
وهو يعرف جيداً تجاوزات تلك العائلة السعودية المالكة القمعية في مجال حقوق الإنسان وحتى الحيوان , وربما يكون مُطلعاً على سجلاتها السوداء في مجال الفساد المالي والأخلاقي , ولا أظن أن الملك السويدي لم يقرأ ويطلع على فضائح تلك الصفقات العسكرية للأسلحة الفاسدة وآخرها كانت فضيحة اليمامة ؟
وإذا كان لا يعلم جلالته بهذه التجاوزات اللا إنسانية الفضيعة والمُخالفات المالية الكبيرة ويجهل تلك الممارسات اللا أخلاقية الرهيبة فهذا تقصير منه وتهاون يُلام عليه وحده .
صحيح أن الملك السويدي ليس له سلطة تنفيذية فعلية وموقعه في الدولة هو فخري فقط حيث يُعتبر رمزاً وطنياً للبلاد بإعتبار أن مملكة السويد هي مملكة دستورية ديمُقراطية , ورأيه هنا لا يُمثل وجهة نظر الحكومة السويدية الرسمي إلا أنهُ قد يُساء الفهم مما قاله وصرح به وقد يُفسر على أنهُ دعماً سويدياً لتلك الأنظمة الدكتاتورية الطاغية ؟
فقد كانت مملكة السويد دائماً وأبداً مناراً للحرية وملاذاً للضعفاء والمُضطهدين ولن تحيد عن تلك المكانة المُتميزة والمرموقة التي نالتها عبر مسيرتها الإنسانية الحافلة وخلال تاريخها الديمُقراطي المُعاصر .
إذن لا يحق للملك السويدي أن يوزع شهادات حسن سير وسلوك ويمنح الأوسمة لمجرمين وقتلة من شاكلة آل سعود الذين يتلذذون بسفك الدماء وإستغلال الفقراء ودفع بعض افراد الشعب المسكين لسلوك طرق غير قانونية كالإرهاب والإنتقام من أجل نيل الحرية والحصول على الحقوق المُسلوبة .
فقد أخطأ الملك السويدي وربما تورط بسبب عدم إلمامه بطوام وكوارث النظام الملكي السعودي الدكتاتوري , وأنا شخصياً أربأ به أن ينحدر لهذا المستوى الرخيص في التسويق لهكذا نظام دموي تسلطي مُتخلف .
وأخيراً تخيلوا معي لو أن مواطناً عربياً قد تجرأ وإنتقد الملك الفلاني أو الرئيس العلاني في بلده ماذا كان سيحدث له ؟
فكلنا يذكر عندما قام النائب الأردني السابق الدكتور أحمد عويدي العبادي بإنتقاد الملك الأردني الغر وزوجته المُسرفة وطالب بُمحاسبتهم بسبب الفساد المالي والبذخ , ماذا جرى له ؟
فمتى تتعلم شعوبنا العربية المُغيبة من تجارب الآخرين فتُحاسب الحكام اللصوص وتقتص من الملوك الطغاة الفجرة ؟
ومتى يأتي اليوم الذي نقول فيه ونردد :
يا عمر عَدلت فأَمنت فنمت .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية