أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تشكيل الحكومة المؤقتة: صراع على السلطة بالوكالة فوق ركام الدمار في المناطق المحررة... عمر شعبان*

خطاباً واضحاً أرسله السيد معاذ الخطيب لأعضاء الائتلاف الوطني يُفهم منه كلمتان : يكفي تلاعباً..

خطابٌ قال فيه ما ينبغي أن يُقال حول اجتماعهم الذي كان مقرراً أن يعقد في استنبول بهدف تشكيل حكومة مؤقتة بكبسة زر واحدة وجلسة واحدة..

إن السلطة البديلة عن سلطة النظام في الأماكن المحررة ضرورة لم يعد الاستغناء عنها ممكناً، بل الاسراع في إنجازها صار أمراً حتمياً لتؤدي دورها في خدمة الشعب وإدارة المنشآت العامة الخدمية وغير الخدمية وفي التنظيم والرقابة على عمل المجالس المحلية، و أن تضبط الحدود و تلاحق تجار المخدرات و مهربي الآثار و المجموعات التي تعمل في الظلام بعيداً عن إنتباه جميع الأطراف ، فضلاً عن أن إيجاد هذه السلطة في تلك المناطق ونجاحها في إدارتها يعطي مؤشراً هاماً على قدرة المعارضة على إدارة الدولة المركزية في العاصمة دمشق عند وبعد سقوط النظام.


إن المهام الكبيرة والحساسة لهذه السلطة في تلك المناطق يُحتم على أعضاء الإئتلاف وضع الأسس اللازمة لضمان نجاح عمل هذه الحكومة ومنها:

1-إختيارهم بدقة وموضوعية وحيادية ،الأمر الذي يتطلب وقتا أقله دراسة السيرة الذاتية لكل مرشح وكفاءته وخبرته في ضوء العدد الكبير "المفترض" من المرشحين الذين يرون في أنفسهم القدرة على القيام بهذه المهمات ،آخذين بالاعتبار أن كل سوري مخلص له الحق الترشح وتقديم ملفه لقيادة الائتلاف المكلف بذلك الاختيار.


2-إن عمل هذه الحكومة لايمكن أن يكون ناجحًا بأي حال من الأحوال دون تأمين قوة وطنية مسلحة تحمي أفراد ومقرات وأدواتها التنفيذية وتحمي قراراتها في ظل فوضى السلاح و الزعامات الحالية ، قوة عسكرية تتمتع بصفات الوطنية والإستقلالية والكفاءة و مدربه على التعامل مع شعب أسقط هيبة الدولة و معناها.


3-تأمين ميزانية مالية كافية لتمويل مشاريع الحكومة إبتداءاً من بناء هياكلها و توظيف كوادرها و إنتهاءاً بمشاريعها على حدود الجبهة، ميزانية تحوي أموال غير سياسية و لا تخضع لأي قرار سوى قرار محاسب صندوق الحكومة الذي ينفذ ما يقره مجلس الحكومة و ليس بعض مكونات المعارضة و خصوصاُ من لهم سابقة و خبرة متميزة في تسييس دعم الثورة و من ورائهم من أجهزة مخابرات و نوادي سياسية عالمية.


وفي ضوء عدم تشكيكنا بوطنية أي مواطن سوري في المناطق المحررة إلا أن تساؤلاً مشروعا يطرح نفسه ، هل قام الإئتلاف بتوفير ميزانية خاصة بقوى الأمن الحكومية و ضمن منع إحتمالات تواصل "المتبرعين" مع قادتها عبر وسطاء! كما يحدث الآن مع معظم كتائب الجيش الحر و أولها من يتبع أدبياً للإئتلاف ( مجلس القيادة المشتركة) ؟ 

و هل وضع الإئتلاف خطة لتدريب عناصر الأمن ليس فقط على الإنضباط إنما أيضاً على كيفية التعامل مع من دعس على علم الدولة بسبب حكم الأسد و مزق قوانينها و أسقط هيبتها؟ 

و في ظل التهافت والتسارع على تشكيل حكومة ، لم نرَ مكتب العضوية في الائتلاف يجتمع ولو مرة واحدة لمناقشة ملفات الأعضاء الجدد المتقدمين بطلبات إنضمام أو ملفات من يجب أن يتم التواصل معهم ليشاركوا هذا التكتل بمهامه العظيمة و أهمهم من يستطيع تحقيق الإنتصارات والتقدم إلى قصر الرئاسة و الحكومة في دمشق بخطى ثابتة مفروشة بالدماء و أصوات المعاناة و غيرهم ممن يجب أن يكونوا شركاء في الوطن الواحد من باقي أطياف المعارضة المبعدة.

حتى هذه اللحظة لم يستطع السيد معاذ الخطيب أن يدفع عدد كبير من أعضاء الإئتلاف إلى إتخاذ وضع التشغيل الذاتي و الابتكار والمبادرة ، كل فريق مقيم في عاصمة ولا يجتمع إلا بدعوة رسمية من شخص بينهم بات يقظاً بسبب ضميره الصاحي.

إن ما يدعو للصدمة والأسف أن عدداً من الأطراف السياسية السورية و الإقليمية ممن يودون إستمرار الحرب "لآخر طفل" ويدفعون بإتجاه حرب طائفية عمياء تالية و يخططون لتحييد قوى المجاهدين عن أي دور مستقبلي رغبة بتجميعهم ثم إستهدافهم بحرب عالمية جديدة ضد الإرهاب ، نراهم يدفعون بأول خطوة جديدة من نوعها في هذه المرحلة و هي تشكيل حكومة صورية يراد لها أن تحمل حكماً صفات العجز و عوامل الفشل و بالسرعة الممكنة ... بدون برنامج عمل و لا موازنة علمية ولا أولويات عمل ولا آليات رقابة عليها و لا قوة عسكرية تحميها من صغار اللصوص و حملة السلاح.

لقد قال السيد معاذ الخطيب في رسالته حول حجم الخطر على سوريا، جملة ذهبية و أجد فيها مفتاحاً سحرياً لحل الإشكالات جميعاً حفاظاً على ما تبقى من الحرث و النسل و هي : .... السبيل الوحيد لتفادي آثار هذا الأمر هو الإلتصاق بالناس. 

لا يوجد أسهل من وضع معالم الطريق السياسي المستقل و لكن لا أصعب من تنفيذه بيد أصحاب المصالح الضيقة

*عضو سابق في لجنة متابعة مقررات مؤتمر القاهرة الموسع
(98)    هل أعجبتك المقالة (94)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي