أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دعوة لزيارة الأسر المتعففة....سوريو اللجوء يطالبون الإعلام الكف عن تصوير احترابهم

تحرك كاميرات الإعلام العربي والدولي على حد سواء لالتقاط صور احتراب السوريين في مخيمات نزوحهم الداخلية والخارجية على فتات ما تقدمه المنظمات الأهلية والحكومية على حد سواء، وتغيب بحسن نيه أو بقصد هوية السوري المحتسب والصابر على جرحه المتقيح كما ينتقد السوريون غياب"زوم" الكاميرات عن أسر متعففة ترفض الصور السابقة ومطالبهم ترتفع بدور إعلامي ينتقد بنية القضية والبحث في كواليسها ولا يحمل الترويج لظاهرها.

العفة مرت من هنا
ففي (سكابا) إحدى بلدات عجلون تجلس أم الشهداء أحمد وعلاء حابسة في مآقيها دموعاً لا تتوقف بعد مجزرة راح ضيحتها علاء 15-عاماً وأحمد ابن العاشرة كانت قد شهدتها مدينة الجيزة شرق درعا ب/30كم / فيما يغادر الأب المهندس بيته صباحاً عند الثامنة ويعود بذات التوقيت المسائي في حكاية يروي تفاصيلها لكل زائر كيف لملم أشلاء أطفال حلموا بالحرية وغنوا لها كبقية أطفال سورية وفي عيون الزائر وسكان البيت قواسم الألم والدموع، لكأن حكايات " غنائم " المال الإغاثي لا تحضر في مثل هذه البيوت".

تقول السيدة الثلاثينية إنها لا تعرف طريق الجمعيات الخيرية ولم يتصل بها أحد لتقديم عون للأسرة التي استفاقت على ظرف قاهر في هذا المكان، فيما يستنكر الأب الصورة التي يراها متعمّدة لإظهار سلوكيات يصفها "بالهجينة" للسوريين لافتاً إلى أن ما يُقال وينقل عبر الإعلام بات أمراً مقززاً، ويتساءل عن غياب منهجية استقصائية تبحث في الأسباب والدوافع لواقع الحكايات التي باتت تشبه حكايات"الأدغال الإفريقية".

لا تختلف صورة العائلة عن بعض الأسر الأخرى حتى في مخيم الزعتري الأشد بؤساً ومعاناة، ففي خيمة تضم زوجة الشهيد ابراهيم الكلش من بلدة معربه ووالده وبعضاً من أشقائه تتحول سهرات العائلة إلى نقد لكل ما يتناوله الإعلام وزوار الزعتري من صور لا تليق بأبناء الثورة تقول الشابه العشرينية :" لم يصل سوري إلى الزعتري أو سواه بحثاً عن مكاسب أو غنائم في أفضلها لا تتعدى "بطانيات" أو ألبسة مستعملة ليذهب من يسوّقونا بهذا القبح إلى منازلنا و" حواكيرنا" المليئة بالخيرات.

وتشير السيدة التي وضعت مولودها حديثاً في مخيمات الزعتري إلى أن ثمة خللاً يتحمله الجميع بدءاً من أبناء العروبة والدم ممن تساهلوا في ترك"العصابة الأسدية" تهجّرنا من بيوتنا وصولاً للهيئات الإغاثية التي يروق لها مشهد تزاحم السوريين على مساعداتهم والتقاط الصور التذكارية بجانبها كدليل على ثوريتهم متناسين الأحاديث الدينية التي توجب إنقاذ الملهوف والإنفاق بما لا تدري اليد اليسرى ما أنفقت اليمنى".

وتختم بحرقة البداية " نحن ثوار كرامة ومن المعيب أن يجري تداولنا على أننا مجرد طلاب مساعدات".

مبالغات من أجل التسول
وتتفاوت صور الاحتراب على المساعدات المقدمة بحسب المرسل والمستقبل ومدى تقبل طرفي المعادلة القائمة، ففي أحدث الصور التي يجري تداولها على صفحات التواصل الاجتماعي قيام بعض النسوة بالتسول العلني عبر حملهن لجوازات سفر سورية بعضها مزوّر والآخر مستعار، ودخولهن إلى محلات تجارية وفعاليات اقتصادية لطلب المساعدة فيما يبرز حجم التعليقات على مثل هذه "البوستات" بأن بعض من تم إلقاء القبض عليهن لسن سوريات أصلاً، كما تنتقل الصور بسرعة البث الفضائي لتصل إلى أقصى القارات وبات تفاعل العديد معها أشبه بالحكاية اليومية وبحسب بعض التعليقات فإن ردود الفعل على هذه الصور المنقولة وحتى المحكية منها تلعب دوراً عكسياً وتدفع بإحجام غالبية المتبرعين جراء تزايد الشكوك وتزايد الاتهامات لواقع الحال. 

بارتفاع الأعداد المتزايدة للاجئين المقيمين في عموم المدن الأردنية ومخيماتها بدءاً من الأشهر ببؤسه (الزعتري ) والسايبر سيتي والحدائق ـ تبرز أزمات متتالية وأسئلة يومية حول صور تتناقلها ألسنة ومقالات تضيق بها عقول وقلوب السوريين كرهاً، سيما وأن زوم الكاميرات يلاحق سطح قضيتهم ويحولها من قضية ثورة إلى تناهب المال الإغاثي واستجدائه، إضافة لصوراحتراب على تقاسمه بصورة لا تليق بثوار الكرامة ممن رحلوا عن وطنهم بفعل الغياب العربي وتفاهمات الساسة الكبار لإجهاض الثورة السورية.

ويرمي الشاب أمجد حسين -ناشط إغاثي- باللائمة على الجانب الأردني كمسبب في مثل هذه الصور باعتباره بلداً عرف حالات لجوء أسبق من السوريين ولم ينقل الإعلام الصور الفاضحة التي يرغب الطرف الأردني في إيصالها متسائلاً لماذا لم نشاهد هذه الصور مع اللاجئين العراقين أو الليبيين واليمنيين وحتى الفلسطينيين.

ويلفت الناشط إلى ان الجمعيات الخيرية الأردنية لعبت بهذه الصور وهي على استعداد لتضخيمها بهدف"الشحدة" أكثر على حالة السوريين متسائلا ألا تملك هذه الجمعيات ما يؤهلها لدور الراعي النزيه وإيصال الاستحقاقات إلى أهلها بصمت وبما يحفظ لهم كرامتهم؟ مطالباً بأن تسمح السلطات الأردنية بتمثيل حقيقي في المخيمات عبر مؤسسات يقوم عليها السوريون أنفسهم و"مؤقته" تتحمل مسؤولياتها المجتمعية وتعمل على خدمة أبناء وطنها جازماً بأن مثل هذا التمثيل سينهي الصور البائسة التي لا يرغبها أحد.

الهيئات السورية خط أردني أحمر
وإذا كان الهم المعيشي هو أحد أبواب هذه الأزمة وولوجها فإن غياب أية تنظيمات تواكب الأزمة أيضاً وتدير تفاصيلها هو لب القضية، إذ لم توافق الحكومة الأردنية منذ بداية وصول أولى قوافل اللاجئين السوريين على منح أية موافقات رسمية بإحداث هيئات سورية تدير أياً من أنواع العمل العام سواء الإغاثي منه أم السياسي، وتكتفي بغض إحدى عيونها بما يشي بأنها موافقة وغير موافقة بنفس السياق، وهو ما يعني أن أي مال يمكن أن يكون محل شبهة وطريقة إيصاله لمستحقيه ستدخل في متاهات أو طرق ستضيع الكثير منه إضافة إلى أن المؤسسات الأردنية القائمة منها وتحديداً الجمعيات الخيرية لم يسبق لها أن مارست تجربة بهذا الحجم الكارثي سواء لحجم الأعداد والأسر واحتياجاتها، أم لجهة توسع عملها بما يحيط بأماكن الإيواء، وهو ما ساعد على انتشار شائعات خصبه حول احتيال بعض اللاجئين على الجمعيات وتسجيل الاسم في أكثر من جمعية وبيع بعض ما تمنحه في السوق السوداء لسد الثغرات الأخرى التي لا تغطيها الجمعيات.

ويذهب النشطاء في الجانب الإغاثي إلى أن بعض منظمات الأمم المتحدة والهلال الأحمر الأردني ومؤسسات أخرى استطاعت أن توفق بين احتياجات اللاجئين وحرصها على الدور بما يكفل كرامات الناس مستعرضين أمثلة ببعض الرواتب التي تدفعها مؤسسات المنظمة، إضافة لتنظيمها دفع القسائم"كوبونات" التي تمنح للأسر الفقيرة.

ويذهب غالبية من استطلعنا آراءهم للحديث بأن إشكالية المال الإغاثي بصوره المتعددة في جانبه الأول والأخير هي إشكالية المجتمع الدولي المتراخي حيناً والمتآمر أحياناً والراضي غالباً بالقتل الدموي الذي يمارسه نظام الأسد، ومن يقبل بحضور كل صورهذه المجازر الدموية بحق الأطفال والبيوت والمدن السورية فإن الجانب الإغاثي وماهيته ووصوله هي قضية ترفيهية بالنسبة له لا تعنيه في كثيرها وإن أبرز اهتماماً في قليلها لتبدوالصورة الحاضرة هي تُهمٌ تبدأ ولا تعرف حدود نهايتها جراء رغبة المانحين على إلهاء اللاجئين بهموم تبدأ بلقم الطعام ولا تنتهي بالحصول على البطانيات التي لا تدرأ برداً ولا زمهريرا.

محمد المقداد - عمان (الأردن) - زمان الوصل
(132)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي