أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السيجار...إعلان طبقة ودليل مرحلة

لا يأتي صواباً من يستخلص الخلفية والانتماء من الشكل أو السلوك، ففي تشابك الجغرافيا بالتاريخ تضيع الأصول وتتداخل التضادات إلى حدود التماهي، وقد يكون في ذلك أكثر من طبيعي، ليس لأن "هذا الزمان رخوٌ" بقدر ما لأنه مفتوح على كل الاحتمالات. لتبدّل الأدوار أو تغيّر الأزمان، أو ربما لتحطم الرأسمالية على صخرة الصمود والتصدي.

لم يعد السيجار – مثال ليس إلا – رفيق الأثرياء والمشاهير والساسة، بل غدا في واقع الاختلاط رمزاً محايداً، إيديولوجياً وفكرياً، بين الممانعة والرأسمالية والثورية، أو قاسماً مشتركاً وجامعاً بين الاتجاهات، بعد أن استمد دلالاته من كونه إعلان حالة انتماء إلى مرحلة وطبقة، أكثر من كونه دليلاً على الرغبة بالتبغ أو التدليل على حياد.
هكذا يُظن أو هكذا يخالون، لأن السيجار كشاف العيوب، طقوسه المستندة إلى تراكمات تنبئك عن حامله، فمجرد مراقبة المدخّن يمكن التعرف إليه، أو إلى من ينتمي على الأقل، فهو منهم منذ البداية، أو دخل إليهم طارئاً أو طائعاً أو ربما لضرورات مرحلية و لمآرب أخرى.

الاستعراض في الانتقاء وذكر الأنواع له دلالاته، استخدام المقص وصحن خاص، له دلالاته، كما أن الإشعال المتكرر قد يفيد بأن حامله لا يحب الخسارة، أو أنه من اشتراه ولم يصله مصادفة.
في المقابل، إهمال السيجار بعد الاستعراض قد يشير إلى أن حامله قد تلقّاه هدية، أو حمله لضرورات موضوعية، وهو- ربما - ممن"يقبلون " الهدايا.

فئة قليلة هي من تضيّف السيجار، وللضيافة أيضاً أسباب ومدلولات، كما أن الشرح وتعليم الاستخدام له مدلولاته، خاصة إن وصل حدود التذكير بلفّ السيجار على أفخاذ عذراوات كوبا، وقتها قد لا يكون من الظلم النعت.. بأن "المانح " من حديثي النعمة، أو ربما الإدراج في خانة مهووسي الجنس لطالما أن للسيجار طابعاً إيروتيكياً مستمداً من شكله وطوله وطريقة التعاطي معه، وإن مادام طقساً رجولياً لم يقتحمه عالم النساء بعد.

أو قد لأنه يستر بعض العورات ويخفي – وإن لأجل – بعض العيوب، فإبقاء السيجار في فم تشرشل أخفى عيب نطقه كما أن سيجار الإيطالي مارتشيللو ليبّي سارع في وصوله وسيجار صدام حسين سارع في أجله، لأن السيجار الكوبي وصبغة الشعر الفرنسية ظلتا تقدّم "للرئيس البعثي المناضل" حتى قبل إعدامه بأيام، بل وكان الجيش الأمريكي يعتبر ذلك من ضروريات المهمة.

هل ثمة سوء فهم كوّناه عن السيجار ومدخنيه لطالما أنه ينتج في أفقر دول العالم وأكثرها"ممانعة" واشتراكية، وجلّ مدخنيه هم من متشردي أوروبا، أم أن الفئات والطبقات تحدّد من الأنواع وطرائق الاستخدام؟!

في زمن البرد والاختلاط تتداخل الدلالات وتتراجع محددات التقويم،بيد أن المحدد العام الذي يمكن أن يدلل عن"مستوى" مدخّن السيجار قبل أن يدخن ولطالما السيجار ارتبط تاريخياً، بأنه إعلان انتماء إلى طبقة ومرحلة.

ولأنه إعلان انتماء فقد كشفت دراسة إحصائية حديثة أن منطقة الخليج العربي تستهلك وحدها ما يزيد عن 40 مليون سيجار كوبي فاخر سنوياً، بل وحقق مبيعات السيجار فيها نمواً بنسبة 20% لتكون من أسرع الأسواق نمواً في استهلاك السيجار الكوبي الملفوف يدوياً.. إن على أفخاذ العذراوات أو على مناطق أخرى..

(105)    هل أعجبتك المقالة (109)

زياد عبدالقادر

2013-03-10

لعله كان ضمن صفات الريادة .. فتحول لصفات السيادة وخصوصا بعد سيجار صدام :.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي