أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كل أربعاء: عصفور في جمهورية الشبيحة!


يصعب حصر مفارقات الجمهورية المقلوبة ولكنَّ أهمها ادعاؤها أنها جمهورية، مع أنها أردأ نسخ الملكية الاستبدادية، ومن هنا تطلق على شقيقتها بالديكتاتورية كوريا الشمالية ب"كوريا الديموقراطية" أي ديمقراطية الجوع الذي طحن أرواح مليوني كوري.

ومن مفارقات جمهوريتنا المزعومة أن الممانعة مخادعة، والمقاومة مساومة على مدى 40 عاماً، وصولاً إلى "حاميها حراميها". 

في جمهورية المقلوب، يصنعون الموت عند مشفى اسمها الحياة، ويرفعون شعاراً أبدياً يبدو كحذاء جدّ فضفاض على قدم متناهية الصغر!!! فتصبح الوحدة تشتتاً، والحرية عبودية، والاشتراكية أسوأ نسخ الرأسمالية ومشتقاتها من اكتنازالحسابات المليونية والمليارية، وتكديس الشحوم الثلاثية والرباعية، مقابل الفقر المتربع على صدورالأغلبية الساحقة والمسحوقة ممن يسمونهم مواطنين، مع أنهم في أفضل أحوالهم رعايا وحتى رعاع أو دهماء أحياناً، كما يشبّههم بعض فرسان كتيبة مسيلمة في الجيش الإلكتروني في إشارة إلى المتظاهرين "العراعير".

وقد تُصادف أحد المواطنين "المنحبكجية" يطالبك باحترام الآخرمن باب "الرأي والرأي الآخر"،متناسياً أن تعاليم جمهوريتنا لم تحفر في ذاكرتنا سوى الرأي والرأي نفسه ومن لم يعجبه فليشرب من البحر، حيث لا يستطيع فتح فمه إلا أثناء الشراب والطعام! 

ومن المفارقات المضحكة المبكية أن يتحدث شبيح عن الوطنية فيعتبر من يخرج عن رأيه خائناً بحكم الوكالة الحصرية التي منحه إياها "المعلّم"، بينما مثلاً يُعنوِن محمد الماغوط أحد أروع مؤلفاته"سأخون وطني". ويبرر له شقيقه بالإبداع زكريا تامر ذلك بأنه "سيخون وطناً مزوراً".

ولكن وبكل صراحة ولأننا تربية أسدية خالصة مخلصة لهذا النهج، فلا نقبل حول ما يحدث في سوريا الفرز بين مؤيد ومعارض، لأن دماء البشر أقدس من كل المنظرين والفلاسفة والساسة والسادة، لذلك فالمؤيدون ثلاث، صاحب مصلحة أو ذوعقيدة أو غبي، وقد يجتمع اثنان أو ثلاثة بواحد فيصير المؤيد مصلحة وعقيدة وغبي. وأكثر ما يثير الدهشة هو أن معظم الشريحة الموالية هي من الطبقات المُهمّشة الفقيرة وبشكل عام غير المستفيدة لا مادياً ولا سياسياً من هذا النظام، حسب أحد المنظرين.

لذلك، وبعيداً عن وجع الرأس والتحليل النفسي ودوافع كاميليري الرئيسية الأربعة للسلوك المؤيد للطاغية"التماهي بالمعتدي، الخوف من المجهول، الخوف من الحرية، و الطائفية" نذكر قصة بسيطة لمن أراد أن يعتبر من الواقفين ضد تيار الربيع، مع أنها لا تصلح لمن هم فوق 18 سنة، لكن التجارب أثبتت أن عدد السنين ليس له علاقة بسن الرشد!

القصة تقول إن عصفوراً ركب رأسه وخالف سرب أهله بالهجرة إلى بلاد الدفء في الخريف، لكن لم تمضِ فترة وجيزة على فراق الأهل حتى قرر المغادرة مدفوعاً ببرد لم يعد يحتمله، وليست حرارة الشوق والحنين.

فرَدَ العصفور جناحيه خامراً عب الفضاء ولكن شدة البرد قلّصت الجناحين وصولاً إلى درجة التجمّد، ما تسبب بسقوطه في أحد الحقول، لكنها مشيئة الحياة، أرسلت لصاحب الجناحين المتجمدين بقرة أنزلت فوقه روثاً أنعشت سخونته العصفور، ليتنفس الصعداء و يبدأ الغناء مطموراً بنعمة الدفء! فاسترعى صوته قطاً برياً عابر سبيل، اقترب من مصدر الغناء، وشرع ينبش بحثاً عن الصوت الشجيّ بغضّ الأنف عن الرائحة، فوجد ما يسدّ الرمق، وهنا للقصة ثلاث حِكَم، أولها، أن ليس كل من يعملها عليك يريد بك الضرر، وليس كل من يزيلها عنك ينفعك، والأهم إذا كنت مطموراً بال........ فلماذا تغني؟!!!

عاصي بن الميماس - زمان الوصل
(116)    هل أعجبتك المقالة (127)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي