أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحرير الرقة بين الثوار والائتلاف الوطني

منذ أيام ونحن نشن حملة ضد التنازلات التي تقدمها المعارضة السورية للعدو، كذهاب الأستاذ معاذ الخطيب لروما، وحصوله على "مدرعات غير قتالية". ومبادرة السيد رئيس الائتلاف التي كادت تضفي شرعية على بشار الأسد، لولا أن تداركها بنادق الثوار في الداخل.
عمل الإعلام المعادي، الصهيوني، والغربي، والأمريكي، منذ بداية الثورة على إضعاف معنويات الثوار ونشر الفوضى بينهم، واتهامهم بالقيام بعمليات إرهابية، والتلميح بأن الجيش الحر يقوم بجرائم ضد الإنسانية. ومع أنني لا أقصد في هذا المقال الحديث عن استراتيجيات الإعلام في هذا المنحى، إلا أنني أريد أن أشير إلى الهدف من ذلك، وهو التأثير على المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي، إضعاف الأول وفرض حل على الثاني يبقى فيه بشار الأسد حاكماً لسورية أربعين سنة أخرى حتى يأتي المجتمع الدولي الفاجر بحافط الثاني وريثاً وحارساً لحدود الكيان الصهيوني.
لم ينجح الإعلام المعادي ألبتة في إدخال الوهن لقلوب الثائرين، واستمروا متقدمين في تحرير الارض السورية من الأسد. بينما نجح في إضعاف المعارضة السياسة للدرجة التي جعلت السيد الخطيب يلتقي وزير الخارجية الإيراني والروسي.
أرسل أبطال الجيش الحر أمس رسالة عظيمة من الرقة، إذا أخبروا العالم أجمع كما أبلغوا المعارضة السياسية أنهم هم فقط من يقود الحل في سورية، فأسقطوا تمثال "هبل"، وكسروا رأسه، بينما ذهب رجل عجوز، ملأت صورته مواقع التواصل الاجتماعي، إلى التبول على رأس الصنم.
وأتوقف هنا قليلاً، محاولاً فهم مشاعر الأسد وهو يرى تمثال أبيه يسقط أمام عينيه بل ويلعن ويبال عليه، ولا يزال مع ذلك متمسكاً بحكم سورية وحاشا لسورية أن يحكمها مثله.
بعد سقوط الصنم عمّت الأفراح مدن سورية كلها، ولا بد من التوقف خاصة عند الأهازيج التي انطلقت في مدنية دمشق بكل حواريها وأزقتها، إذ كان بشار الأسد يشاهد سقوط الصنم، ويسمع في الوقت نفسه زغاريد الحرائر تطرق أذنيه. وقد قامت قوات النظام وشبيحته بضرب كل مناطق دمشق في الليلة الماضية فقط لإسكات تلك الزغاريد وصيحات التكبير التي ملأت سماء المدينة وأرضها.
أريد أن أقول للمعارضة السياسية السورية، أنه في الوقت الذي قمتم فيه بمبادرة تجاه النظام، وفي الوقت الذي قبلتم فيه لقاء وزيري الخارجية الإيراني والروسي المشاركَين فعلياً في قتل الشعب السوري لإيجاد حل سياسي، حرّر الثوار مدنية بأكملها تحريراً كاملاً. وبالتالي فإنني أعتقد أن على الائتلاف الوطني أن يدعم الثوار بكل ما استطاع ويسلم للجيش الحر مهمة إيجاد الحلول التي ستفرض على أمريكا وروسيا فرضاً، عوضاً أن تقول المعارضة بكل صفاقة،أنها تبحث عن حل برعاية أمريكية روسية. فليتهم يتعلمون من أبطال الجيش الحر أن الحلول تفرض على أمريكا وروسيا فرضاً.منبهاً أن الشعب السوري لن ينسى عبارة الرعاية الروسية الأمريكية أبد الدهر.
أمس حررت الرقة بالكامل، وأمس انتقلت غرفة عمليات الجيش الحر في دمشق إلى ساحة العباسيين وسط العاصمة بعد أن كنت على أطراف دمشق، ومعركة تحرير درعا مستمرة وما بقي لثمرتها إلا القليل. إن الأسد اليوم في أسوأ أحواله، وهو يخسر كل يوم أرضاً جديدة من تلك التي احتلها والده، وفي كل يوم ينشق عشرات من جيشه حتى لم يبق معه إلا قلة شديدة الطائفية والحقد. فلماذا بعد كل هذا ينتظر الائتلاف رعاية روسية وأمريكة ويعرض الحوار على النظام أو على بعض أطرافه، ويركض على روما بدل أن تركض إليه.
لو كنت مكان السيد معاذ الخطيب، لذهبت إلى الرقة واتخذت فيها مكتباً للائتلاف، ولطلبت من وزراء الخارجية أن يأتوا إليّ هناك ليعرضوا حلولهم وتوسلاتهم. ولزينت مكتبي بقطعة من رأس الصنم الذي بِيلَ عليه.
إنه من المحزن أن تكون المعارضة السورية متخلفة عن الجيش الحر بأشواط عديدة، لكن المحزن أكثر أن تحاول هذه المعارضة عن قصد أو غير قصد تقليل انتصارات الجيش الحر، والمساومة على حوار مع قاتل يعيش أيامه. ومن المؤسف أيضاً، أن المعارضة السورية تخضع للإعلام المعادي وتتأثر به، بدل أن يكون لها القدرة على إخضاعه وتحويل مجراه.

د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا
(108)    هل أعجبتك المقالة (96)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي