أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا مؤتمر أصدقاء الشعب السوري ؟

دائماً كان يُقال عندما تطول الأزمات السياسية تتعقد الحلول وهذا ينطبق تماماً على الثورة السورية، فالثورة التي انطلقت من درعا مطالبة بإسقاط النظام ثم امتدت إلى كل المدن والمحافظات السورية تدخل عامها الثالث دون أية استجابة من قبل الأسد للمطالب الشعبية، بل إنه يعيش في عالمه الخاص وازداد شراسة مع استخدام كل أنواع الأسلحة الثقيلة بما فيها البالستية المصنفة كأسلحة دمار شامل واستخدام الطيران الحربي المقاتل لقصف المناطق المدنية المحررة التي خرجت من تحت سيطرته وفوق ذلك يترك سورية على بركان من الحقد والانتقام والكراهية بعد ان كانت الثورة السورية نجحت في خلق شعور توحيدي بين كل مكونات الشعب السوري بشكل لا مثيل له، لكن سورية اليوم بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة من قبل مليشيات الأسد تكاد تكون على حافة حرب أهلية حيث تمعن الأجهزة الأمنية التابعة للأسد في التحريض الطائفي والمناطقي بقصد تفتيت وحدة السوريين وتأليبهم ضد بعضهم البعض بما يضمن استمرار النظام وهو ما أصبح من المستحيلات.

وأمام التفوق النوعي بين قدرات مليشيات الأسد التي تتلقى الدعم والسلاح من إيران وروسيا أمام الجيش السوري الحر أصبح من الواضح أن لا إمكانية لأي حوار مع الأسد وأصبح الخيار الوحيد أمام السوريين هو دعم الجيش الحر ومعاضدته بالتدخل الدولي عبر ضربات جوية مستهدفة او فرض حظر جوي جزئي يمنع الأسد من استخدام سلاح الطيران من أجل قلب توازن القوى لصالح الثورة السورية.

لكن فرض كل هذه الإجراءات يحتاج إلى غطاء قانوني دولي عبر مجلس الأمن، غير أن المجلس وبعد مرور أكثر من عام كان عاجزاً تماماً عن إصدار قرار واحد حتى لإدانة العنف المستمر الذي تقوم به الحكومة السورية حيث استخدمت روسيا الفيتو مرتين خلال أقل من عام من أجل حماية النظام السوري وبذلك أصبح من الضروري التفكير في الخيارات الأخرى التي يجب اتباعها من أجل حماية الشعب السوري وهو عبر بناء تحالف دولي يكون إطاراً دولياً للتدخل من خارج إطار مجلس الأمن وهو ما جرى في حالات مشابهة في كوريا في الخمسينيات من القرن الماضي أو في البوسنة والهرسك في التسعينيات حيث كان مجلس الأمن عاجزاً تماماً عن اتخاذ القرارات الخاصة بحماية المدنيين بسبب الفيتو الروسي أو السوفيتي سابقاً، ولذلك أتت فكرة تأسيس ما يُطلَق عليه أصدقاء الشعب السوري، كانت الفكرة تراود المعارضة منذ بداية الثورة وقد أثرتها في كل لقاءاتي الرسمية مع الولايات المتحدة والمسؤولين الأوروبيين خلال فترة وجودي في المجلس الوطني السوري لكن كانت الولايات المتحدة تقول بأن إنشاء تحالف في تلك الفترة قد يفزع روسيا التي تتذرّع دوما وتقول بأن الغرب يريد أن يكرر في سورية ما عمله في ليبيا ولذلك يجب أن لا نعطي حججاً إضافية لروسيا في موقفها الرافض في مجلس الأمن.

استمر الأسد في حربه الدموية ضد الشعب السوري واستمر مجلس الأمن في انقسامه، ومع اجتماعه الثاني من أجل الموافقة على مشروع القرار الأمريكي الأوروبي تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة في ديسمبر من عام ٢٠١١ كان لنا اجتماعات مع المندوبين الدائمين في مجلس الأمن وخاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، كان التهديد باستخدام الفيتو مجدداً من قبل روسيا ماثلاً وحقيقياً في كل الاجتماعات الماراثونية التي عقدناها ولذلك كان السؤال ما هي البدائل؟ وهل يعقل أن يترك المجتمع الدولي السوريين لوحدهم ولمصيرهم، وهنا طرحت فكرة التحالف الدولي مجدداً عبر تأسيس ما يسمى مجموعة أصدقاء الشعب السوري بهدف جعله كبديل عن مجلس الأمن المعطل بسبب الفيتو الروسي وهنا كانت فكرتي أن تمثل المعارضة السورية ممثلة بالمجلس الوطني على المستوى الرسمي، وليس كما كان في مجموعة الاتصال من أجل ليبيا حيث لا حضور للمجلس الانتقالي الليبي وهو ما يعتبر تعزيزاً لشرعية المعارضة وعزلاً تاماً للأسد وفعلاً راقت الفكرة للدول الغربية وأعلن عن اللقاء مباشرة من قبل الرئيس الفرنسي. 

عقد المؤتمر الاول لأصدقاء الشعب السوري في تونس في شهر شباط ٢٠١٢ بعد استخدام الفيتو الروسي في مجلس الأمن حيث شارك ممثلون عن أكثر من ستة وخمسين دولة على مستوى وزراء الخارجية، وقد تركز على تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للشعب السوري بعد منعها من قبل نظام الأسد وعصاباته، ولكن بسبب غياب أجندة واضحة محددة للمؤتمر فإن الآمال المعقودة عليه لم تكن بحجم التوقعات ولذلك فإن الأنظار تتطلعت إلى المؤتمر الثاني الذي عقد في استانبول والذي كان الأمل منه أن يشكل نقطة انطلاق وتحول في الأزمة السورية عبر تحقيق التدخل الدولي الضروري لإنقاذ الشعب السوري عبر فرض المناطق الآمنة وهو ما أعلن رئيس الوزراء التركي أن الحكومة التركية تدرسه، فإذا ما اتخذ قرار على مستوى دول أصدقاء الشعب السوري، فإن ذلك سوف يعطي غطاءً للتحرك الدولي ضد الأسد ويشجع الحكومة التركية على تطبيق المناطق الآمنة وحمايتها على طول الحدود التركية السورية داخل الأراضي السورية وهو مطلب طالما طالب الثوار به واصبح يشكل أولوية لحماية الجيش السوري الحر وتشجيع المزيد من الانشقاقات داخل جيش الأسد.

لكن ذلك لم يحصل بسبب غياب الإرادة الدولية وأهمها الموقف الأمريكي الذي ثبت على مدى أكثر من عام ونصف على فكرة زيادة المساعدات الإنسانية وتشديد العقوبات، بعد ذلك تكرر المؤتمر في فرنسا ثم المغرب والآن في إيطاليا دون أن تخرج أية قرارات ذات معني وغياب تام للآليات التنفيذية التي تحول القرارات إلى أفعال وهو ما أفقده مصداقيته في عيون السوريين الذين لم يجدوا فيه سوى مهرجان خطابي للتأييد المعنوي لا أكثر من ذلك مقابل ما يشهدوه يومياً من تصعيد الأسد في استخدام الأسلحة الثقيلة ضدهم وقتلهم بالمئات يومياً ولذلك يجب أن يعود هذا المؤتمر إلى الهدف الأساسي الذي أسس من أجله وهو التدخل الدولي لحماية المدنيين السوريين فلا يحتاج السوريون اليوم مزيداً من بيانات التأييد والتعاطف والدموع.

(113)    هل أعجبتك المقالة (115)

أمل

2013-03-10

لست ادري عن اي مساعدات يتكلمون .... هل هو دواء .... هل هو مشافي ميدانية .... ام انها علف للبقاء على قيد الحياة ليتمتع شبيحة النظام بقتلهم وتعذيبعم في السجون ؟!!! ها ارسلوا لنا من يتفقد احوال بناتنا في المعتقلات ؟؟!!! اولادنا الصغار في ظلمات الزنازين ... شبابنا كيف يعذبهم الايرانيون وعناصر حزب ابليس ؟؟!!!ألم ترى الأمم المتحدة صواريخ سكود تستخدم لتدمير المدن ؟؟؟ فليرسلوا لنا موادا للبناء ...على الأقل ....ويقولون حوار زمساعدات كلها لعبة وقت ليصلو لعام 2014 ولكن بعون الله ان يتحقق لهم مايريدون ..... ولياخذوا مساعداتهم وليذهبو بها الى الصومال وافغانستان ... فسوريا اهلها سندها بعد الله ....كفوا ايديكم عنا يا حكام العالم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي