ما طرحه الشيخ معاذ الخطيب على صفحته الشخصية على "الفيس بوك" لا يعدو أن يكون بالون اختبار لمعرفة ردود الفعل من قبل النظام أولاً ومن قبل إيران وروسيا ثانياً، وهي الأهم التي ما زالت تدعم نظام الأسد عسكرياً وسياسياً، لكنها على المستوى الدولي وعندما تتعرض لضغوط فإنها تتبجح بالقول بإن القول النهائي هو للسوريين وإن النظام والمعارضة يجب أن يقبلا الحوار على طاولة واحدة، وهو قول يخفي بكل تأكيد كذباً صريحاً بطبيعة الثورة السورية اليوم التي عبرت عن رغبة السوريين بشكل سلمي في البداية من أجل إقامة دولة مدنية وديمقراطية، لكن وبسبب جرائم الأسد التي تغيب عن روسيا وإيران فإن الوضع بالنسبة لهم اليوم لا يعدو سوى أن يكون صراعاً بين شرعية الأسد ومعارضة سياسية وإرهابيين يجب القضاء عليهم.
وهنا يأتي بالون الاختبار الذي أطلقه الخطيب في كشف زيف نظام الأسد وتعريته أمام حلفائه في إيران وروسيا، لكن يجب علينا أن ندرك أن بالون الاختبار هذا لم يُحدث رد الفعل التغييري الضروري لهذه الأطراف لسبب رئيسي أن الأسد نفسه ليس لديه النية أو الرغبة في دخول مفاوضات سياسية تنتهي برحيله، ولذلك يجب عدم استنفاذ الوقت والطاقات في هذه المبادرة ومحاولة تغيير الخط السياسي للثورة السورية بحيث نخسر حلفاءنا الإقليميين الحقيقيين الذين يتبنون خط الثورة السورية سياسياً وعملياً وليس خطابياً فحسب، وهنا أعني المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، وبحدود ما، فرنسا وبريطانيا، وبالتالي إذا قامت المعارضة السياسية اليوم ممثلة بالائتلاف في وضع الحوار السياسي على الأجندة دون دعم حقيقي، ومباركة من الثوار على الأرض ومن الجيش الحر والكتائب المقاتلة ضد الاسد فإننا نخلق شرخاً سياسياً خطيراً للغاية بين المعارضة السياسية والعسكرية على الأرض وبين المعارضة السياسية والدول الإقليمية والدولية التي تدعم الثورة اليوم في خطها السياسي والعسكري مع خطورة خسارة دعم هذه الدول مما يعني عودة المعارضة السياسية إلى مربعها الأول ولن يكون لها سوى خطب الرئيس المصري محمد مرسي ونصائح الرئيس التونسي ودموع الشعب العربي وضمير المجتمع الدولي الذي لا تسلح مقاتلاً سورياً ولا تطعم لاجئا سورياً في دول الجوار.
وعليه قبل الإقدام على أي خطوة تمسّ الخطاب السياسي للثورة يجب أن نقرأ الخارطة العسكرية على الأرض والخارطة الإقليمية لطبيعة الدعم العربي والدولي الضروري كي لا نخسر حلفاءنا ونحن نعرف أننا لن نكسب شيئاً من حلفاء الأسد الذين مضى وقت طويل من الثورة على مدى عامين ولم يقوموا بتغيير موقفهم أو تخفيف دعمهم لآلة القتل اليومية التي تفتك بالشعب السوري وحلمه الكبير في الحرية والديمقراطية.
مقال ينشر كل اثنين خاص بـ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية