براعة الجاسوس السوري
اعتقد محسوبُكم، كاتب هذه الأسطر، أن سوريا هي الدولة الثالثة في العالم التي تسمح لبعض أبنائها بلصق صور رئيس الجمهورية على الزجاج الخلفي للسيارات الخاصة والعامة..
الدولة الأولى هي كوريا (الديكتاتورية) التي تُعرف باسم كوريا (الديمقراطية!!)، وفيها لا يستطيع أبناءُ الشعب أن يغفوا في الليل، أو يستيقظوا في الصباح، إذا لم تقع أعينُهم على صورة أحد أفراد السلالة الرئاسية المبجلة!
والدولة الثانية هي العراق على أيام صدام حسين، وأذكر أنني كنت أشاهد، ذات مرة، أغنيةً عراقية عاطفية، والمخرج أراد أن يصنع (سوبر كليب) للأغنية، فأخذ لقطة بانورامية لشارع رئيسي في بغداد، وإذا بنا نرى صورة للقائد صدام حسين على أحد الجدران!
عندنا، في البداية، كانوا يعلقون صورة حافظ الأسد وحده، ثم تطور الأمر فأصبحوا يعلقون صورته وصور أبنائه الثلاثة باسل وبشار وماهر.. وحينما آل الأمر إلى الوريث بشار الأسد (بعد أن نال باسل شرف الشهادة وهو يسوق السيارة بسرعة 300 كم/ساعة على طريق مطار دمشق الدولي) أصبحوا يعلقون صورتي بشار وماهر وهما يضعان على أعينهما النظارات الشمسية، وينظران على نحو جانبي.. مما يوحي بالغموض والقسوة والأهمية.. ويكتبون تحتها عبارة: هكذا تنظر الأسود!
تجدر الإشارة إلى أن الرواد الأوائل لهذا التصرف كانوا يستغلون لصق (صور المعلم) على السيارات من أجل أن يتمكنوا من مخالفة القانون، والاستخفاف بالنظام، والقيام بعمليات تهريب وسمسرة و(تشبيح) دون أن يجرؤ أحد من رجال الأمن، أو شرطة السير، أو الضابطة الجمركية على اعتراض طريقهم.. ولكن حينما أصبح لاصقو الصور أكثر من بذور البقلة، ومن الهم على القلب، ما عاد أحدٌ يخافهم، لأن الأصل في المسألة الريادة والندرة.. وأما الذين استمروا بلصق صور الأسود فقد أصبح لهم هدف وحيد، هو ألا يشك أحد من رجال الأمن بأنهم- لا سمح الله- (معارضون) لنظام الممانعة الأسدي!
***
ضمن هذا السياق رُويت لنا نادرة عن ضابط أمن سوري ذهب إلى إسرائيل، بجواز سفر مزور، ومعه مهمة استطلاع وتجسس على العدو الإسرائيلي. وخلال يومين فقط استطاع الموساد الإسرائيلي إلقاء القبض عليه، بتهمة الجاسوسية!!
سأل سائل: كيف وقع في أيديهم؟.. وبهذه السرعة؟
فأجاب مجاوب: الضابط المذكور فعل كل ما من شأنه إيهام الإسرائيليين بأنه يهودي ومنتم إلى الحركة الصهيونية.. وإمعاناً منه في إثبات حسن النية اشترى سيارة خاصة، ولصق على زجاجها الخلفي صورة (بنيامين نتنياهو مع أخويه).. وكتب تحتها: هكذا ينظر النواتهة!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية