يصعب الحكم على وسائل إعلام المعارضة السورية كنتيجة طبيعية للظروف التي يعمل بها هذا الإعلام، فخلال لقائي مع أكثر من مدير قناة تلفزيونية سوري في تركيا تيقنت تماماً أن إعلام المعارضة مهمل، ويقوم أشخاص بتمويله و إنتاجه دون اختصاصات إعلامية أو تسهيلات من دول للجوار من أجل سهولة العمل و تحديداً التلفزيوني و الإهمال يأتي بشكل أساسي من المجلس الوطني و تالياً الائتلاف الوطني الذي يقود الثورة سياسياً و إلى حد كبير عسكرياً لم يسمع أحد كلمة واحدة من فعاليات الائتلاف عن الإعلام و بعد احتكاك واسع بالإعلاميين والمكاتب الإعلامية يمكن تصنيف آليات العمل في الأرض وفق عدة تصنيفات وتبويب المشاكل التي تحول دون ظهور إعلام متمكن حتى اللحظة و المقترحات بشأن الإعلام السوري الجديد بما في ذلك الإعلام المختطف من النظام.
- الغالبية العظمى ممن يعملون على الأرض لا يحملون إجازات في الإعلام وبعضهم لا يحمل أي مؤهل علمي، مما يجعل الإنتاج الإعلامي يتم وفق اجتهادات لا تلتزم القواعد والأصول المهنية، ويتم التدخل من القنوات والوسائل الإعلامية لتكون المادة الإعلامية مقبولة.
- تعدد الإعلاميين تبعاً لتعدد الكتائب و الألوية والجماعات المقاتلة فلكل لواء و كتيبة مكتب إعلامي والكل يحاول شد البساط نحوه مما يجعل المادة الإعلامية لا تستند على معلومات دقيقة و أحيانا تدخلها الشائعات ويهمل الإعلاميون أحداثاً هامة نتيجة غياب العين الخبيرة.
- صعوبة العمل في المناطق الساخنة وغياب مكاتب قريبة في تركيا أو الأردن أو لبنان بحيث يمكن لمدينة حدودية مثل الريحانية أن تصبح مركزاً إعلامياً يصل الإعلاميين منها إلى مناطق سوريا الشمالية في دقائق حارم، سلقين سرمدا، الأتارب، جبل الزاوية وبأقل من ساعة إلى حلب، اللاذقية، حماة، حمص، وحتى الآن لا يوجد إلا مركز إعلامي واحد مرخص في تركيا المركز الإعلامي السوري SMC ، وفي حلب بدأ الوعي المؤسساتي وبدأ شباب الثورة بتأسيس المراكز الإعلامية لكنها غير فعالة.
- أغلب الدورات الإعلامية التي يتبعها الإعلاميون في اسطنبول تكون في مجال التصوير وبشكل إسعافي.
- الخلط الواضح بين الايدولوجيا و الإعلام مما يؤثر على موضوعية الخبر ويتداخل كثيراً مع الرأي.
- الوقوع في أفخاخ النظام حيث أدخل النظام الأمني بعض الإعلاميين في الثورة للتشويه.
- غياب الإعلام الثقافي الذي يعرف بالثورة والتغيير وقيم الثورة وسيطرة الإعلام العسكري حتى من مراسلي محطات فضائية كبرى.
- تهميش الخبرات الإعلامية التي انشقت عن النظام.
بالطبع سيل الانتقادات ممكن أن يوجه إلى الإعلام الفضائي الذي يتبع إلى المعارضة السورية وأغلب القائمين على هذا الإعلام يشكون من غياب التمويل.
من هنا لا بد من إعطاء الإعلام حقه لمواكبة الثورة من جانب الوعاء السياسي الذي تبلور في الائتلاف الوطني للمعارضة السياسية والثورية المشكّل في الدوحة والأرضية الإعلامية متوفرة لتأسيس إعلام سوري يعبر عن الثورة و يواكب حركة الشعب، لذلك لا بد من تأسيس وعاء للصحفيين والإعلاميين و المحررين من جميع المكاتب و المراكز الإعلامية للاهتمام بإعلام الثورة ونقل الحقيقة و التعريف بالثورة و أهدافها الكبرى والإشراف على نقل الأخبار بشكل موضوعي ودقيق.
آن الأوان لنقل معاناة السوريين إلى الرأي العام وتصحيح الصورة التي شوهت كثيراً عن السوريين ولجسر الهوة الكبيرة التي اختلقها النظام بترويجه للأكاذيب عن الطائفية و القتل والإجرام والعمالة و المؤامرة الكونية و لتخليص العقل المحلي من التابوهات التي وضع فيها، والتخندق المخيف الذي وجد نفسه فيه السوري لدرجة أن العديد من الناس باتوا يرددون كلاماً لا يعرفون معناه، وقوى تسيء لنفسها دون أن تعرف، الحرية التي حصل السوري عليها تحتاج لتمتين بثقافة تقويها ولعل أولى هذا التمتين تعرية الفاسدين والمنافقين والسماسرة ولا يتم ذلك إلا بشفافية إعلامية مدروسة تعرف الحدود بين التشهير والانتقاد وتعرف أن الوطن يتسع للجميع و تعرف أن الصراع لا يمكن أن يفهم و يستقيم إلا عندما يوضع في إطاره السياسي.
الواقع السياسي والعسكري و الإعلامي في سوريا خطير، والخطورة الأكبر على المستقبل غياب الحوار والتدافع بين أبناء الوطن، ولعل هذا أشبه ببيان طارق بن زياد النظام خلفكم بكل رذائله وإجرامه والاقتتال أمامكم، ولا سبيل إلا بالحوار المبني على المعرفة والوعي والثقافة، والجسر والمعبرهوالإعلام فليعطى حقه و ليأخذ دوره.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية