يملك البطرك بشارة بطرس الراعي الحرية في زيارة سوريا وإقامة قدّاس فيها والمشاركة في تنصيب البطريرك يوحنا العاشر اليازجى بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
وأملك الحرية الكاملة في اعتبار مبادرة الشيخ أحمد معاذ الخطيب بالحوار مع النظام، مبادرة تُعبّر عمّا يجول في خاطري منذ أن دخلت الأحداث في سوريا نفقاً مظلماً لا يظهر في نهايته أي أُفق للحل.
وأن هذه المبادرة ولو أنها معروفة المصير وانتهت مهلتها أهم بمليار مرّة للمسيحيين من زيارة الراعي.
البطرك اللبناني، سبق وصرّح علناً بأنه يخاف على الوجود المسيحي في سوريا في ظلّ الأحداث الجارية فيها، وألمح إلى تأييده حقّ الدولة في الدفاع عن نفسها ومحاربة "الإرهاب"، وعند قدومه العاصمة دمشق قبل أيام قال إنه يقف مع الشعب السوري في محنته، وإن الكنيسة متألّمة لما يحدث للشعب، غير أنه لم يحدّد أي شعب فيهم، القاتل أم المقتول، المهاجم المالك لسلاح الجو والأرض، أم الأغلبية التي قُتلت لأنها نادت بالحرية.
وطيلة فترة إقامة الراعي في سوريا لم نسمع منه ولا من أصحاب الغبطة الملتفّين حوله ولا من ممثّلي النظام السوري، سوى التأكيدات والمشاعر والأحاديث الصحفية، ولم نرَ أحد رجال الدين "الرسميين" يتقدّم بمبادرة حلٍّ أو تحريكٍ جديدٍ للأجواء الدموية.
في هذه الأثناء كان الخطيب، يقوم بالمساعي ويقلّل من الخطب والتصريحات، رغم أنه بدأ بالدخول في دوامة التأجيلات والوعود، إلا أن ما فعله في الظلِّ - من وجهة نظري كمسيحي - أهم مما فعله الراعي في العلن.
وطبعاً لا يملك الراعي التفرّد باتخاذ قرار زيارة سوريا في مثل هذه الظروف، إذ لا بد أن يكون للفاتيكان والمجمع الكنسي الشرقي، وممثل الكنائس الشرقية في روما، رأي أساسي في قيامه بالزيارة، ولكنه وبحكم وصفه ذكياً ولمّاحاً وصاحب فكر، يملك ألا تُحسب زيارته في المربع الذي انطلق منه رأيه قبل أشهر، ويملك أن يقترح على المسيحيين أمراً آخر غير بثّ الطاقة السلبية والخوف في النفوس، كأن يقول لنفتح الكنائس في وجه النازحين، وطبعاً رؤساء الكنائس في سوريا لم ينتظروا الاقتراح الكاردينالي من لبنان في عيد مار مارون، لأنهم وفي أغلبهم فتحوا قلوبهم وبيوت الله للناس.
في الختام، أودّ أن أوجّه رسالة للكاردينال الراعي، كنت قد وجهتها لعشراتٍ من رجال الدين قبله، وهي: إنك لا تملك أي حقّ بالتكلّم عن المسيحيين في أيّ مكان في الأرض، لا في سوريا ولا في غيرها، ولو أن مار مارون ما يزال حيّاً، ويعدّ رسالته من سوريا لما رضي بكلّ هذا القتل الظالم، الذي بدأه النظام وأوصلنا إلى بحر يومي من الدماء.
عواد حمدان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية