أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المستغرب الغريب في مبادرة معاذ الخطيب... صخر أدريس

كثر اللغط واللغو في مبادرة الحوار التي أطلقها معاذ الخطيب(وإن كانت بصفة شخصية)، وشن أعضاء الائتلاف والمجلس السوري ولن أقول الوطني، الحملات الشرسة ضدها، وبغض النظر عن جدوى هذه المبادرة من عدمها، فقد رأى الكثير أنها الحل الأكثر واقعية الذي يريح البلاد والعباد من عبء القصف والقصف الآخر، خاصة ضمن ظروف الخلافات والاختلافات الواضحة والجلية بين أعضاء الائتلاف السوري (وأشدد على أني لن أقول الوطني).

وكانت هذه المبادرة حديث المدينة، والجميع تكلم عنها، وأعطى رأيه بها، وأفتى فيها وأفتاها، ومنهم من رضي عنها ومنهم من عصاها، وهذا ليس بغريب على اقتراح اعتبره البعض بارقة لمعت في الأفق قد تكون الأمل للكثيرين، في حين اعتبره البعض الآخر أنها ليست سوى تنازل عن دماء الشهداء الذين سقطوا كرمى لتراب الوطن.
ومع أن الجو العام ينبئ بأنها لم تُدرس جيداً إلا أن هناك فريقاً شجعها وشعر من خلالها بأنها قد تكون منفذاً للخلاص، وهناك فريق آخر رفضها بشكل قاطع (خاصة من مستفيدي الائتلاف والمعارضة وتجار الثورة) وأطلقوا ضدها حملات ممنهجة حيناً وعشوائية أحياناً أخرى، وفريق ثالث استنكرها باعتبارها فرصة خلاص لمن قتل ونكَل بالشعب السوري من كافة القيادات وعلى كافة الأصعدة، ومع توافقه مع الثاني إلا أنه أكثر وطنية وإخلاصاً، وفي غمرة هذه المنازعات يبدو واضحاً أن الهاجس من المعنى الحرفي لكلمة "التوقف" كان حاضراً لدى الفريق الأول والثاني. 

الفريق الأول يمنّي نفسه "بتوقف" القتل والترويع الذي يعاني منه الشعب ويرزح تحت ظل قذائف لاترحم ولاتفرق بين كبير وصغير ولا إمرأة وعجوز، والفريق الآخر الذي استنكرها يخشى أشد الخشية"توقف" المساعدات التي يذهب معظمها إلى قدر غير معلوم، وتوقف تذاكر السفر وفنادق الـ"5"نجوم، والشهرة على الشاشات، في حين أن الفريق الثالث يعاني من هذا وذاك.

لكن الغريب في الموضوع وما اعترى صواعد هذه المبادرة ونوازلها من ردود الفعل أن الحكومة السورية لغاية الآن لم تحرك ساكناً يعني "لا هشت ولا نشت"، ولا تحركشت ولا طلعت بقرار أو تصريح، ولا أتوقع أن اختفاء جهاد المقدسي يعتبر حجة ليغيب عن جهاده المقدس في الرد على مبادرة الحوار.
إلا أنه وبعد طول انتظار أطل برأسه علينا "تبع" الإعلام في سوريا معالي عمران الزعبي، الذي أبهر بنوره هرج هذه المبادرة ومرجها ليقول حرفياً: "الباب مفتوح، والطاولة موجودة، وأهلاً وسهلاً وبقلب مفتوح لأي سوري يريد أن يأتي إلينا ويناقشنا ويحاورنا، وبأي غيور وبأي حريص ونحن جادون في مسألة الحوار". ويضيف: "نحن لم نطرد أحداً خارج البلد، ولم نقل لأحد أن يسافر ويقيم خارج سوريا، لا من المعارضة ولا غيرها"
للحقيقة أمتعتني مفردات المدعو عمران الزعبي "تبع" الإعلام، وشعرت بالنشوة عند سماعها، وإن كانت هذه النشوة مفعمة بالحسرة والحزن الشديدين لما يجب أن يكون وماهو كائن فعلياً، وحرض النفاق الذي تفوّه به في دواخلي على أننا في أشد الحاجة كي نرتقي ونتخلص من هذه النماذج التي تعيث فساداً في الوطن وعلى أرضه، ولا أعرف إن استطاع الزعبي صاحب التاريخ العريق والمكشوف أن يفرق بين "الإعلام" و "الإعلاك"، وإن كان بينهما متشابهات، لأنه ومن المفروض أن أهم أسس الحوار هو الاعتراف بالمشكلة أولاً، ومن ثم احترام فكر وعقل الآخر الذي تريد التحاور معه ثانياً، خاصة أن الشواهد على تناقض تصريحاته حاضرة وجاهزة، وقد نراها إما في مقصف المزة، أو في منتجع صيدنايا السياحي.

أما أن يطل بطريقة يستغبي فيها عقول الآخرين ويقلل بمفرداته العصماء من قدر الشعب والمواطن السوري، فهذا كثير على الاحتمال معاليك، وليس الآن الوقت الملائم لهذه النوعية من الخطابات المراوغة ولا هو وقت خفة الدم لإطلاق مثل هذه النكات والمزحات السمجة التي لاتتفق مع المزاج الشعبي العام، وستتسبب بتمييع الحدث على جلله.

أجهل تماماً طريقة التفكير التي يتحفنا بها الزعبي، والسياسة الحكيمة التي ينتهجها، ولكني على يقين بأن عقلية "العنطزة" التي اعتدنا عليها من آلهة الحكم في سوريا، واختبرها الشعب على مر السنين، التي لاتقدر الطرف الآخر ولا تُقم له وزناً ولا تقديراً، هي كانت سيدة الموقف في هذره. 

وأنصح في المرات القادمة بأن يكون عنصر الأمن الذي يعد مثل هذه النوعية من المقابلات على الأقل خريجاً دارساً او مثقفاً، وليس عنصراً لم يكمل التعليم الإبتدائي كما اعتدنا كي لا يتسبب بأزمة والبلد مو ناقصة.

زمان الوصل
(121)    هل أعجبتك المقالة (100)

المهندس سعد الله جبري

2013-02-11

تحديد الهدف هو أساس تقييم المبادرة بغض النظر عن "الزعبي" وأقواله... فهو لا شيء قد صنع المقال منه شيء.. وإن كان على سبيل التسفيه!‏ ومع تقييم الفرقاء المذكورين الثلاثة – وذكرهم يبقى أكثر أهمية من الز..عبي – إلا أن أني أقول أن السيد ‏الكاتب تجاهل – أو ربما نَسِيَ – الأهم منهم، ألا وهو ما هو المطلوب .. وما هو الهدف الذي يُطالب به ‏الشعب، والذي يُمكن تصحيح الأوضاع السورية الآنية والمستقبلية بواسطته أو من خلاله!‏ في رأيي المتواضع، أن ثورة الشعب السوري قد دخلت – أو أدخلها النظام بقذارته وغبائه – في الصراع ‏العسكري، وفي الصراع العسكري، لا يجوز لأيٍّ من فريقي الصراع طرح مبادرات تتناقض مع الصراع.. إلى ‏أن يُحقق أحد طرفيه نصرا – ولو أوليا أو جزئيا كافيا - يُرغم الطرف الآخر على قبول المبادة – التصوّر- ‏قبولا حسنا يحقق أهداف الصراع أساسا، وإلا فالطرح سيكون تعبيرا عن شعور بالهزيمة، أو يأس من ‏النصر، أو شعور ضاغط بالإحباط وضياع المسك بالأوراق، ونتيجة أيٍّ من ذلك الفشل بل ومزيدٌ من ‏الضياع!‏ تُصاب النفس البشرية أحيانا بلخبطة نتيجة كثرة التناقضات وضغوطها، فتسعى لافتراض تصورات - ما هي ‏بحلول – وما كان حكم الله تعالى في قوله "وشاورهم في الأمر" لرسوله الكريم – وما هو بحاجة ‏للمشاورة كونه نبي مُرسل – ولكنه درسٌ أبدي لبني البشر جميعا في معالجة أمورهم الصغيرة... ‏والكبيرة... والكبيرة جدا- ونحن في مسألة من المستوى الأخير من الأمور!- وذلك لإنضاج الأمور وتدارس ‏مختلف نتائجها قبل طرحها. ‏ غفر الله لك يا مُعاذ الخطيب.. فقد كنا نتغدى .. فأصبحنا نتعشى قبل أن نشبع من الغداء!‏.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي