الأمية تهدد أطفال سوريا.. والمنظمات الدولية تطمر رأسها بالتراب

حُرم مئات الاّلاف من أطفال سوريا من التعليم على مدى موسمين دراسيين، منذ ما يربو عن عام ونصف، وذلك عندما بدأت أولى عمليات النظام العسكرية في درعا، ومن ثمَّ انتقلت إلى حمص ومعظم المحافظات السورية، حيث تفاقم تردي الأوضاع التعليمية، مع ازدياد أعداد الأطفال المهجّرين داخل سوريا وخارجها وامتناع المنظمات الدولية المختصّة عن تقديم العون والمساعدة.
ومنذ بدء العمليات العسكرية لم يوفر النظام في ضرباته حتى المؤسسات المدنية، إلى جانب وجود الحواجز العسكرية والأمنية في جميع الطرق وأمام الكثير من المدارس، ما أدى لامتناع الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس، فضلاً عن قناعة الكثيرين بضرورة المشاركة في الثورة من خلال الإضرابات المدنية والتي كان من ضمنها إغلاق المدارس، رغم تهديدات مديرية التربية في المحافظات المشتعلة بفصل المتغيبين حسب اّراء الناشطين.
في ظل كل ذلك تراجعت العملية التعليمية، وزادت المأساة مع تزايد عمليات التهجير حيث خرج الأهالي من بيوتهم ولم يحملوا معهم أي أوراق رسمية ثبوتية لأطفالهم حتى يتمكنوا من تسجيلهم في مدارس المناطق التي اتجهوا إليها.
*الأميّة تهدد سوريا
بدأ أطفال سوريا ممن تتراوح أعمارهم بين (6-12) عاماً يدخلون طور الأميّة حسب ما تشير إليه دراسات ناشطين، وتعود الأسباب إلى أنَّ الأطفال في هذه المرحلة العمرية يجب التحاقهم بالعملية التعليمية، وفقاً لتطور بنيتهم الجسدية والذهنية، وفي حال عدم التحاقهم تظهرعوامل صعوبات التعلّم والتخلف العقلي عندهم حسب رأي طبيب نفسي وخبير في صعوبات التعلم.
ولا يبدو أطفال سوريا بعيدين عن الدخول في مرحلة الأمية، والأسباب عديدة، لعل أبرزها أوضاعهم النفسية المتردية، لهول ما رأوا أو سمعوا من دمار لبيوتهم وموت معظم أهاليهم إلى جانب تعرضهم للجوع والبرد والحرّ حيث أصبحت سندويشة فلافل أوكنزة صوفية تقيهم البرد حلماً لكلّ طفلٍ سوريّ أكثر متعة بالنسبة له من حقيبة مدرسية أوقلم ودفتر.
*منظمات لا تستجيب
ورغم كل ذلك تقدّم خبراء في العملية التعليمية ومتطوعون من داخل الهلال الأحمر وخارجه بأوراق ثبوتية إلى منظمة اليونسيف ومنظمة الهلال الأحمر تبين تزايد أعداد الأطفال الذين هم خارج المدارس وتشرح الخطر الذي يهدد مستقبلهم وتردد الطلب عدة مرّات حتى وصل حسب ما أخبرتنا متطوعة في الهلال الأحمرإلى درجة الترجي، إلا أنّ إدارة اليونسيف وكذلك الدكتور عبد الرحمن العطار مدير منظمة الهلال الأحمر امتنعا وبشكل قطعي عن تقديم أي دعم أو مساعدة لإقامة مراكز تعليمية لهؤلاء الأطفال وكانت حجتهم حسب رأي المتطوعين عدم توفر الأموال اللازمة لذلك، لاسيما أن أعداد الأطفال المهجرين وصلت مئات الآلاف في حين أنهم بحاجة لمئات المراكز المجهزة بالمعدات والكوادر لنجاح العملية التعليمية، ولا قدرة لمنظمة اليونسيف أو الهلال الأحمر على تغطية كامل التكاليف.
تطوع مجموعة من الشبان والشابات ممن لديهم خبرة في التدريس بفتح مراكز تعليمية من أجل تعليم الأطفال المهجرين بالأماكن الاّمنة والتي لم تتعرض للقصف، ويخبرنا القيّمون بهذا العمل بأنّ الإمكانيات متواضعة جداً وهي لا تتعدى مساعدات من الأهالي الميسورين مادياً وإن كانت هذه الطريقة بسيطة إلا أنَّها تبعد شبح الأمية عن عدد قليل من الأطفال وتبقى المشكلة الأساسية قائمة والخطر يزداد مع تردي الأوضاع في سوريا وتزايد أعداد الأطفال المهجرين.
سارة عبد الحي - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية