أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سوريا بدها حنيّة ... عماد موصللي

جورة الشياح المدمرة في حمص

لن يكون هناك تدخل عسكري في سوريا كما حدث في ليبيا، والنظام لن يسقط بسلاح الجيش الحر ليس لأن"الحر"غير قادر على ذلك، بل لأن الدول وعلى رأسهم أميركا لن تسمح بانتصار عسكري بأيدٍ سورية خالصة، فتعمل على تجفيف منافذ الأسلحة من الدول المجاورة كلما رجحت كفة الثوار على حساب قوات النظام، فهم يريدونها حرباً متوازنة القوى، لإسقاط الدولة أولاً قبل كل شيء سواء ذهب النظام أو استمر في الحكم.

ما يجري في سوريا اليوم هو مجرد تدمير للبلد وإزهاق للأرواح بثمن بخس جداً بلا غالب أو مغلوب، فالخاسر الأكبر في هذه المرحلة هم السوريون فقط.

النظام في تعامله مع المعارضة، يقلد تعامل إسرائيل مع العرب حول قضية السلام في المنطقة، فإسرائيل تتبع سياسة مد اليد اليمنى للسلام واستكمال مشاريعها الاستيطانية وانتهاكاتها لحرمة الأراضي الفلسطينية باليد اليسرى، وهي تعلم علم اليقين أن كل ما تقدمه من مشاريع للعرب من أجل إحلال السلام لن تلقى قبولاً في الشارع العربي، لتظهر أمام الرأي العام العالمي بمظهر الدولة المسكينة والمستضعفة التي تسعى وراء السلام وتمد يدها لأعدائها، ولكن بالمقابل الطرف الآخر يرفض ذلك.

هذه سياسة النظام، لطالما سمعنا أبواقه على الفضائيات يقولون بأنهم مستعدون للحوار مع كافة أطراف المعارضة، ولا سبيل للحل في سوريا سوى الحوار، الحوار فقط، وهم يعلمون بأن المعارضة لن تقبل الحوار معهم ولكنهم يتذرعون بهذه الحجة أمام المجتمع الدولي بأن المعارضة هي من ترفض حوارنا لايجاد حل ونحن مضطرون "للدفاع عن الأراضي السورية وقتال المتمردين أو المعارضة المسلحة" كما يطلقون عليها.
مبادرة المهندس معاذ الخطيب، خلطت أوراق اللعب من جديد على الساحة الدولية، وأجبرت القوى الممسكة بزمام الأمور في سوريا على إعادة حساباتها مجدداً لأنهم على ما يبدو ما كانوا يتوقعون قبولاً من المعارضة بحوار مع النظام، وحتى نحن كسورريين لم نكن نتوقع مثل هذه الخطوة، وأكبر دليل هو الرفض والتهجم والحملات التي أطلقها البعض رافضين هذه الخطوة.

على كل حال، ليس نحن معارضي الخارج _الذين يجلسون خلف حواسبيهم، بعد وجبة غداء لذيذة وكلام مطول مع الحبيبة، وسيران ممتع مع الأصدقاء_ من يحق لهم تخوين الخطيب أو رفض مبادرته، وإطلاق الشتائم والاتهامات بحقه، أريد أن يكون مصير قبول هذه المبادرة أو رفضها التي تتضمن إطلاق سراح 160 ألف معتقل، بأيدي الآلاف المشردين الذين يموتون كل يوم ألف مرة في مخيم الزعتري، وأن نسأل 160 ألفاً من الأمهات اللواتي تم اعتقال أبنائهن، أو 160 ألف طفل لا يعلم أين هو والده ولم يبقَ لهم من يعيلهم في لقمة عيشهم، اسألوا 160 ألفاً من الآباء الذين خُطفت بناتهم ولا يعلمون مالذي حلَّ بهنَّ.

لا تسألونا نحن .. بل اسألوهم هم، هل يقبلون حواراً لا يتضمن بقاء الأسد في السلطة؟، أو المتابعة الحرب والتهجير والتدمير والاعتقال؟؟

السوريون اليوم ليسوا على قلب رجل واحد، كلٌ يشدّ الحبل لطرفه دون الاكتراث بمن سيموت أو يقتل أو أي خراب سيحلق بالوطن، حالهم حال قصة مثل شعبي قديم حول مدرس يطلب من تلميذه مدَّ يده لضربه بقوله بالعامية "مدّا مدّا" ليجيب الطالب "يلي عم ياكل العصي مو متل يلي عم يعدّا".

سوريا اليوم بدها حنية من الجميع ..

(98)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي