كيف تقرأ "زمان الوصل" مبادرة "الشيخ"... تصريحات الخطيب "تحتاج لسياسة"

بات من الواضح انسداد الأفق العسكري للحل في سوريا لأسباب عديدة على رأسها عدم توفر الإرادة الدولية للتدخل العسكري أو تسليح المعارضة و الثوار بما يحقق الحسم.
وواضح أيضا انسداد وانعدام أفق حسم النظام للثورة ولو من باب الاحتمالات، بعد مرور الثورة بمراحل عديدة من الزيف المبرمج لحرف الثورة الشعبية عن أهدافها والتشويه الذي برمجه النظام للثورة و مارسه ضدها من اتهام الثورة أن محركها الاستخبارات و بندر بن سلطان وأدواتها العصابات المسلحة ثم الإرهابية وإعداد الخطط العسكرية لضرب الشعب و تدمير المدن. وواضح التباين بين المعارضة و مكونات الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والقوى الثورية حول تصريحات رئيس الائتلاف معاذ الخطيب وإن كانت تباينات صحية لبلورة المواقف الصحيحة.
تأتي تصريحات معاذ الخطيب اختراقاً سياسياً لكسر الجمود والتشتت الحاصل لتجاوز المرحلة الدموية في سوريا و تحتاج لرؤية سياسية من أجل استثمار المعطيات السياسية والعسكرية الحاصلة على الأرض لاستعادة زمام المبادرة الشعبية التي دشنتها الثورة في آذار 2011، وهي روح الثورة الشعبية ضد الظلم و الفساد والاستبداد للانتقال إلى بناء دولة مدنية يتساوى الجميع فيها وتخليص هذه الثورة من الدموية و العنف التي جرّ النظام البلاد والعباد إليها وجعلت الثورة الشعبية أسيرة عقلية النظام القائمة على القمع والوحشية، والعقلية التي أنتجها النظام كرد فعل على همجيته و تسببت بهذا الحجم من التشرد و اللجوء و الخوف و الفاقة و الاعتقال و القتل.
بات من المسلم به في الأوساط السياسية ضرورة وجود سياسة للمعارضة لأن الثورات لا تعرف السياسة رغم الانتقادات الموجهة للشيخ معاذ الخطيب حول الطريقة إلا أن الأهم البحث في المبادرة نفسها وتوصيف الأزمة وآفاق الحل ورسم السياسة العامة للمبادرة ودراسة جدواها و الفائدة التي تحققها الثورة مقارنة بالأخطار وفي هذا السياق لا بد من الآخذ بنظر الاعتبار المحددات التالية:
- استقبال الدول الكبرى لتصريح الخطيب برضى وانفتاح وإن كان مجرد فعل دبلوماسي لكن يمكن البناء عليه واستثماره في خط الثورة ووضع المسار للانتقال السلمي للسلطة وتحديداً من طرف حلفاء النظام إيران و روسيا.
- يمكن تطويرها – مبادرة الخطيب - للالتقاء مع جميع القوى السياسية والمدنية في سوريا و على رأسها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي التي تلتقي مع المعارضة بإسقاط النظام بكافة رموزه.
- مخاطبة الرأي العام الأكاديمي والذين ما يزال شخوصه في الدولة ويمسكون بنظرية فصل الدولة عن النظام وهؤلاء يشكلون قطاعاً واسعاً بعد رسم الخطوط العريضة التي يتفق عليها الجميع.
- إدراك عقلية النظام التي لا تمتلك أي حل سياسي وهنا لا نتحدث عن رؤى سياسية الحديث عن رفض وهروب النظام من أي حل سياسي الذي سيعريه ويكشف عوراته السياسية والأخلاقية أمام حلفائه و مؤيديه ويعري رواياته الكاذبة وإجرامه و ستخلق المبادرة السياسية اختلافات عميقة داخل النظام تفكك الخندق الذي وضع نفسه فيها والمكونات التي اختطفها معه.
- استعادة زخم الثورة الأكبر وتأييد المؤمنين بالتغيير بعد أن أصاب قطاعاً كبيراً من الناس الخوفُ من المجهول والضياع والتشرد والنقص الحاد في ابسط وسائل الاستمرار في الحياة.
- تساهم المبادرة في الفرز الاجتماعي بعد الطلاسم العديدة التي تسللت إلى الثورة وتمتين الوعي الثوري عن طريق وسائل الإعلام و الحراك الثقافي و المدني الحر والفعال.
- أهم ما تولده المبادرة السياسية إيقاف نزيف الدم الذي يمارسه النظام بوحشية غير مسبوقة في التاريخ الإنساني.
- آخر ما تقدمه المبادرة السياسة إعادة تموضع القوى السياسية وبلورة الرؤى السياسية والفكرية و الاجتماعية.
إن ما تحتاجه تصريحات أو مبادرة الخطيب هو بلورتها في صيغة سياسية شاملة لا تهمل أي جانب في الحياة المستقبلية لسوريا والترويج الصحيح لها أمام الرأي العام الذي يرفض لمجرد الرفض أي حديث عن السياسة لأنه يعتقد عودة النظام و ما يزال يردد مقولاته بالمؤامرة الكونية غير مدرك للعبة الدولية التي يتوفر فيها الهامش الكبير من المناورة والاقتناع بضرورة الحلول التدريجية التي تستطيع الدول الإقليمية و الدولية ابتلاعها في تعاملها مع المتغيرات التي تولدها سوريا الجديدة، وتضمينها المعيار الشعبي في الحلول المستقبلية لأن الشعب ما يزال خائفاً من تهميش إرادته كما كان يفعل النظام الذي تعامل دائماً مع الثورة وتطلعات الشعب من منظار الصفقات الخارجية وما يزال رهيناً لهذه العقلية. وكل ذلك يحتاج لإعلام فاعل ومهني يستطيع الوصول إلى الرأي العام.
زمان الوصل - الحقوق محفوظة للزميل صائغ النص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية