مناقصة ساسة معارضين
إن كانت المعارضة، أو اللابسون عباءتها، تعلن عن مناقصة لشراء غذاء يأكله اللاجئون أو ألبسة يلبسونها أو أحذية ينتعلونها، أوليس الأَولى الإعلان عن مناقصة لاختيار قائد لها، يصوّب ويصلح مساراتها ويقلل من هفواتها التي أوصلت البعض للكفر بهكذا ثورات يتّمها أهلوها.
مناقصة قادة، أجل وهذا ما قصدته تماماً، إذ ليس من قبيل التعقيد والإحباط الاعتراف أن الثورة السورية دخلت غياهب المجهول، وتحولت إثر تشرذم وفرقة المعارضة والضلوع في التبعية وتفشي الرشى، وأخص السياسية والمالية منها، وبفضل الأشقاء والداعمين من جهة أخرى، إلى قضية لاجئين وحكاية جوع وتشرّد..
كما ليس من باب التغرير القول:إن النظام أُنهك وفقد جلّ عوامل قوته وأسباب بقائه، وسيرحل لا محالة ولو بعد حين، لأن شعباً خرج ليقول لا للظلم والاستبداد، فلا بد منتصر، رغم أن من ورث ملكاً وأدمن الكرسي، لن يتركهما- فقط - لأن الشارع طالبه الرحيل، بل ثمة تصميم ودماء في الداخل، وعدم جرأة الخارج على ترك سوريا تصل لدولة فاشلة، نظراً لجغرافيتها على الأقل، ستلزم النظام التخلي عن أوهام معاكسة سياق وإثبات أن لكل قاعدة شواذا.
لذا، وفي واقع الاختلاط هذا، ونظراً لما بدأ يرشح عن خلافات ضمن المعارضة قد تودي لفراغ أو ربما أكثر، لا بد من البحث عن قيادة كارزمية وصاحبة رؤية تعيد لملمة العقد وإعادة الأمل لشعب دفع أثماناً عن أمة ربما، ليخوض حرباً بالإنابة عن غيره بمواجهة تزييف تاريخ ولعنة جغرافيا ومنع مد مخططات روحية وقومية وأيضاً استعمارية، لأن وصول أي قائد نفعي أو أحمق، يمكنه جعل القضية أكثر تعقيداً، في حين أن قائداً وطنياً عبقرياً، يستطيع تحويلها عكس ذلك.
ولكن، لأن العبقرية تسوّق عبر الشاشات والوطنية شعار مطاط، لابد من الإعلان عن مناقصة لاختيار قيادة للمعارضة السياسية أولاً، على اعتبارها الحلقة الأكثر ضعفاً وانكشافاً، وتعمم المناقصة على العسكرية والإغاثية والإعلامية، لتنضوي كل القيادات تحت لواء مؤسسي يعلن عن مناقصة أخرى، أو تتم عملية انتخاب، لاختيار قائده.
قد تبدو الفكرة هزلية في شكلها، لكنها الأكثر عدالة في مضمونها، إن قُدمت وشُرحت بشكل متكامل، ابتداءً من تقديم كل متقدم لرؤيته في انتشال الانتفاضة مما وقعت فيه، وآلية الانتشال والإطار الزمني اللازم لعودتها لألقها ونقائها وثوريتها ومن ثم تحقيق أهدافها، مروراً بحسن انتقاء لجنة فض العروض، تمثل القوى المعارضة وأولها من هم على الأرض، وصولاً لتعهد المتقدم بتنفيذ رؤيته والسماح للجنة فض العروض بالكشف الدائم على الفواتير المالية والتوجهات السياسية، ومحاسبته إن شطّ عن سكة العرض.
في المقابل، لا يسمح للجنة فض العروض الإعاقة أو التدخل، إلا وفق الشروط التعاقدية، أو إرغام المتقدمين-بالتعاون مع الحلفاء-على القبول بشروط ومواقف وتمويلات من خارج بنود وشروط المناقصة، فوقتها قد نخسر الزمن ونترحم على السلف.
•ولاضير إن استعان من وصل بمناقصة بآراء وأفكار السوريين من خارج مؤسسة القيادة، وعبر مناقصات يتكفل متقدموها بواقعيتها استناداً للأرض وإمكانية تنفيذها على الواقع...شريطة منح الحرية لشعب خرج على مصادرتها، لأن كل فعل عظيم وملهم صنعه إنسان عمل بحرية، وقد من خلال عدالة مناقصات....لا مزايدات . .
مقال ينشر كل أحد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية