تسير أم محمد وسط 32 جثة لشبان في مقتبل العمر ممددة على أرض مدرسة في مدينة حلب، بعدما تم دفن شبان آخرين قُتلوا مثل هؤلاء بدم بارد قبل إلقائهم في نهر قويق في المدينة الواقعة في شمال سوريا.
تتوقف أم محمد وتركع وتزيح الغطاء عن وجه شاب يصعب التعرف عليه. ويقوم مقاتل إلى جانبها بإبعاد الغطاء بشكل كامل ليكشف وشماً على الذراع اليمنى للشاب. تغطي أم محمد وجهها بيديها الاثنيتن وتجهش بالبكاء.
ويقول زوجها الذي يقف قربها "هذا أحد أقربائها، وهو طبيب من بلدة مراح اختفى في تموز/يوليو".
وكان الزوج موجوداً الثلاثاء على ضفة نهر قويق في حي بستان القصر في حلب وقد ساعد في انتشال جثث 78 شاباً، بحسب ما ذكر أحد المقاتلين على الأرض، كما تم سحب جثة إضافية ليل الثلاثاء الأربعاء.
ومعظم الشبان في العشرينات، بحسب شهود، وبعضهم فتية، وهم مصابون برصاصات في الرأس أو في أنحاء أخرى من أجسادهم، وصعب التعرف على عدد منهم، بسبب التشويه والانتفاخ. بينما أكد متطوعون ساهموا في انتشال الجثث أن بعض الضحايا قتلوا قبل أيام، وآخرين منذ وقت قصير.
*خبر قاتل
ويوضح الرجل أنه هو من قام بسحب جثة قريب زوجته، مضيفاً "كنت متأكداً أنه هو. الاسوأ هو كيفية إبلاغ أمه بالأمر. فهي لا تزال تأمل أن يكون على قيد الحياة".
واتهمت المعارضة السورية النظام بالمجزرة، بينما أكد مصدر إعلامي سوري رسمي أن جبهة النصرة قتلت هؤلاء وأنهم كانوا مخطوفين.
في مدرسة اليرموك حيث نقلت الجثث، لا يشك أحد بأن ما حصل من فعل النظام.
ويقول مسؤول عن مجموعة مقاتلة لفرانس برس "جميع المدنيين الذين يعيشون في المناطق المحررة يعتبرهم النظام أعداء. الأسد مستعد للقضاء على كل شعبه من أجل البقاء في السلطة".
ويضيف "سنثأر لما حصل. لن يمر قتل هؤلاء الأبرياء من دون عقاب".
*فورة الدم
وفي شريط فيديو منشور على موقع "يوتيوب"، توعد العقيد عبد الجبار العكيدي، رئيس المجلس العسكري في محافظة حلب التابع للجيش السوري الحر، بدوره "هذا النظام المجرم بالرد السريع والمزيد من الضربات الموجعة والانتقام الشديد لدماء شهدائنا الأبرار".
وأضاف "نقول لهذا النظام المجرم بأن هذه المجازر لن تزيدنا إلا إصراراً على المضي بثورتنا المباركة حتى تحرير كامل التراب السوري من دنس هذه العصابات الأسدية".
خارج المدرسة، تجمّعَ مئات الشبان وسط استعدادات لدفن الجثث الباقية، وكانوا يهتفون "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله".
ثم خرج بضعة رجال وهم يحملون جثة من المدرسة وقد لفت بعلم الثورة. وحياها المقاتلون بطلقات من بنادقهم الرشاشة وصرخات "الله أكبر".
*مقبرة جماعية بالانتظار
ويقول القائد الميداني في الجيش الحر أبو سيف "هناك بعض الجثث التي لا تزال تسبح في النهر، ولم يتم انتشالها بسبب وجودها في منطقة يطالها قناصة تابعون للنظام"، موضحاً أن بعض الجثث المتبقية تعود لأطفال ونساء.
وتم التعرف حتى الآن على 46 من الضحايا. وأشار أبو سيف إلى أنه إذا لم يتم التعرف على الضحايا الآخرين، فسيتم دفنهم في مقبرة جماعية خارج حلب".
وفي العالم، ارتفعت الأربعاء أصوات منددة بالمجزرة ومطالبة باحالتها على المحكمة الجنائية الدولية.
وندد الائتلاف الوطني بالمجزرة أمس معلناً بوم حداد على الضحايا البالغ عددهم 81 شخصاً حسب آخر الإحصائيات، و اعتبر الائتلاف أن تلك المجزرة ما كانت لتحصل لولا الصمت الدولي إزاء نظام تزداد جرائمه يوماً بعد يوم، مجدداً دعوة المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن لإحالة مرتكبي المجازر من النظام السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، الأمر الذي لا تتردد روسيا والصين عن معارضته معلنتين الاستعداد لاستخدام الفيتو للمرة الثالثة لاتخاذ قرار ضد نظام دمشق.
الفرنسية - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية