بدكن حرية ..أجل بدنا
ألم تدعُ وزارة الداخلية اللاجئيين السوريين الذين فروا من أعمال العنف، بصرف النظر لماذا فروا ومن "فرفرهم" وإن تبقى لهم مأوى أو لم يتبقَّ ولا تبحثوا إن سيقتلون في طريق عودتهم أو بعد وصولهم، للعودة إلى منازلهم وعدم الالتفات للدعايات والأخبار المضللة.
وألم تدعُ اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة مبادرة القائد الملهم الوطنية لحل الأزمة السورية، القوى السياسية المعارضة التي ترغب بالمشاركة بالحل الوطني للعودة إلى سوريا، ولا تميّعوا الطرح بأنهم سيعتقلون بالمطار أو سيقتلون بالخطأ أو سيؤخذون رهائن، لمبادلتهم بالأشقّاء الإيرانيين الذين وقفوا معنا في حربنا الكونية.
ألم تستمر حكومتنا، طبعاً بعد التوجيهات الحكيمة من القائد التاريخي، بصرف رواتب وأجور للعاملين في الدولة وتأمين الكهرباء والماء والهواء، وإن بالحدود الدنيا، لشعب تمرد وعصا وطالب بالحرية وإسقاط السيد الرئيس.
ألا تعتبر تلك الدعوات تنازلاً من سيادته للحوار مع شريك أعلن على الملأ أنه لا يناسبه للزواج..فماذا تريدون؟!
ألم يتم التأكد وبالأدلة القاطعة أن ما سُميت ثورة أو انتفاضة، ما هي إلا حرب عالمية ومؤامرة كونية هدفها النيل من صمود سوريا الأسد وممانعتها للعدو الصهيوني المحتل وللمشروع الأمريكي التقسيمي، وكل ما قيل عن مطالب ماهي إلا ذرائع وحوامل للمؤامرة.
هل من مشكك الآن أن الثورة إسلامية وطائفية وما وجود المسيحيين والدروز والعلويين فيها إلا للتمويه، هذا إن فرضنا معكم جدلاً أن ميشيل كيلو وجورج صبرا لم يُسلما وأن برهان غليون ومنذر ماخوس لم يتركا علمانيتهما ويترددا في إطالة لحيتهما للتضليل واستكمال الأدوار ليس إلا.
ألم يتم التعامل بوطنية ورؤية شمولية مع من تجرأ على "مقام الرئاسة" بعدم ضربه والحواضن التي يتفاخر بها بالكيميائي والصواريخ بعيدة المدى، رغم أننا أخذنا ضوءاً أخضر ممن تظنون أنهم إلى جانب ثورتكم، و رغم أننا كشفنا المؤامرة والدوافع الطائفية منذ البداية وقالتها الدكتورة المناضلة بثينة شعبان بعد أيام فقط من خروج الدرعاويين.
هل ستستوردون الحرية من قطر الأميرية والعدالة الاجتماعية من السعودية الوهابية، أم راقت لكم ديمقراطية الغرب الذي يرشيكم ويحجز لكم في فنادق خمس وست نجوم، وقد أعلن القائد الأسد ل"وول ستريت جورنال " قبيل ثورتكم بأيام أن الشعب السوري لم يرقَ بعد لمستوى منحه الحرية.
ألا يكفيكم الأمن والأمان اللذان كنتم تنعمون بهما في سوريا منذ التصحيح المجيد حتى وسوست لكم الدول الاستعمارية بالنبش على رؤوسكم لتهدمّوا كل منجزات التطوير والتحديث.
وغير ذلك من نقاشات موجعة، تختلف قليلاً بحسب من يحاججك و ارتضى لنفسه صفة شبيح واختزل سوريتنا بفرد أو عصابة، ونال منه التخويف لرؤية حقوق شعب هجمة دولية على بلد صامد ورئيس يقف بوجه مشروع شرق أوسطي جديد، أو من آثر الصمت ومسك العصا من المنتصف حتى الآن، للمحافظة على فتات ..أو لغاية في نفس يعقوب.
ما يعني أيها السوري أن دود الخل في الداخل أولاً، و أنك محكوم بذهنية وليس بمافيا فقط، ذهنية تستنكر عليك العيش بإنسانية وتطلعات وأحلام، ذهنية استساغت النفعية وأدمنت الفوقية عبر حكم متوارث، أو تأصلت وتراكمت عبر عقود من التخويف والشخصنة والشعاراتية والمنّة، وأن حرمانك من حقوقك كمواطن، إن لجهة الحريات أو التساوي في منح الفرص أو حتى العيش في بلد يتمتع بالعدالة الاجتماعية والسلاسة في تداول السلطة، هو قدر أزلي، عليك القبول به، أو الاستمرار في دفع الدم ثمناً لنيله، في واقع مختلط ومركب، ليس على المستوى الذاتي فحسب، بعد أن أراد القريب قبل البعيد لسوريتك أن تكون ساحة لتصفية الحسابات وإعادة رسم الجغرافيا والتوازنات، بل ودرساً لتأديب من يتجرأ من دول الجوار المستلبة حقوق أهليها، على المطالبة بالحرية والكرامة.
خلاصة القول: ثمة من ركب على انتفاضة شعب حر، فبيّض بعفويتها ومشروعيتها أمواله وماضيه، أو يظن، وثمة من باع ويبيع ويتلوّن، وثمة أيضاً من استورد مشروعاتٍ روحيةً ومخططاتٍ كارثيةً كرمى لرشى وأوهام، لكن السوري الذي قال لا وعرف سلفاً أثمان تلك المحرمة، لن يعود لكتابة نعم بالدم على أوراق المبايعة بعد الآن، وإن بقي أبد الدهر يسطر للتاريخ عبراً بالدم ...لأنه بالفعل هجر إلى غير رجعة زمن الاستعباد ..وأجل يريد حرية.
* زاوية اسبوعية للزميل عدنان عبدالرزاق تنشر كل أحد..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية