أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"زمان الوصل" ترصد أحوال الجرحى السوريين في لبنان: الأمم المتحدة و الشائعات وسوء الإدارة تعمّق جراحهم

لدى زيارتك العديد من مستشفيات مدينة طرابلس اللبنانية يستوقفك العدد الكبير من الجرحى السوريين المولودين من جديد بعد نجاتهم بأعجوبة من قذائف الموت التي ما ميّزت كبيرهم عن صغيرهم، ولا نساءهم عن رجالهم.

صور أجسادهم المتكئة على عكاز أو "ووكر" أو كرسي الإعاقة، تعتبر الناطق الرسمي باسم أوجاعهم الجسمانية و النفسية، والمحظوظ بينهم ذلك الذي أخطأته نيران النظام إلا قليلا، فاقتصر علاجه على تركيب جهاز تثبيت لعظام يديه أو رجليه،أو ما تبقى منها وتلك أخف الإصابات.

و رغم اهتمام مدفوع بحماس الداعمين للوهلة الأولى إلا أن ملامح التراجع بدأت مؤخراً، الأمر الذي ساهم في زيادة انتشار شائعات واتهامات بين صفوف الجرحى لبعض الجهات الطبية المعنية بشؤون علاجهم، حتى صار لسان حال بعضهم "سلاماً على كلّ من مرَّ على جرحي ولمْ يُلقِ التحية"كما يقول الشاعر محمود درويش.

"زمان الوصل" حاولت خلال لقائها بعض الجرحى استكشاف حقيقة ما يُشاع عن اتهامات بحق أطباء و أعضاء لجان طبية، لكن أحداً منهم لم يأتِ بدليل واحد، مكتفياً بأقاويل تناقلتها الألسنة بالتواتر.

اتهامات مجروحة
محمد جريح سوري نكأ الكثير من الجروح عندما حدثنا عن طريقة معاملته من بعض الأطباء، بعدما سبق و أن كال لهم العديد من الاتهامات بالتقصير تجاه الجرحى عموماً و تجاهه بشكل خاص، ولم يجد ابن الثامنة عشرين عاماً حرجاً بتكرار قصص تداولها الكثير من الجرحى حول الطبيب الفلاني و الناشط العلاني الذين يستغلون "آلامنا لتحقيق مكاسب شخصية".

و يردد جريح آخر -رفض الإفصاح عن اسمه- صدى أقوال زميله محمد، متهماً بعض ناشطي الإغاثة بالمناطقية و استخدام الوساطات، حسب انتماء الجريح، من حيث الاهتمام بشؤونه، إلا أن هذا "لايعني -للأمانة- إهمال الحاجات الطبية الإسعافية للجريح فور وصوله"، مضيفاً أن التمييز يأتي بعد ذلك أثناء فترة الاستشفاء، إذ يهتم كل ناشط أو طبيب بشؤون ابن المنطقة من حيث الخدمات و الحاجيات الأساسية كالألبسة والاتصالات و ما إلى ذلك.

ما قاله لنا الجريحان ينطبق على الكثير من زملائهما، باستثناء مخيبر الذي اكتفى بالقول "إذا ما رأيت شيئاً بعيني لا أستطيع اتهام أحد"مؤكداً أن أحاديث من هذا النوع تراجعت حدتها مؤخراً بعد سيطرتها على مجالس تجمعات الجرحى لفترة طويلة عقب اجتياح باباعمرو و بدء قدوم الجرحى بكثافة من سوريا عموماً وحمص على وجه الخصوص.

*بين المتبرع و الجريح دريئة
على الجانب الآخر يدحض الطبيب أبو سيرين تلك الاتهامات جملة وتفصيلاً، مؤكداً أته لا يتقاضى أي مبلغ من المتبرعين إذ يقتصر دورهم في تجمع الجرحى السوريين في لبنان على الوساطة بين الجريح والمتبرع،"و هذا ما جعلنا دريئة لسهام الاتهام والانتقاد".

أبو سيرين الذي كشف عن إنجاز عمليات لجرحى سوريين بقيمة 300 ألف دولار خلال شهر واحد، عزا الاتهامات في الفترة الأخيرة إلى تراجع مستويات الإغاثة والتبرع، مشيراً إلى توقف اتحاد الأطباء العرب عن العمل في لبنان بعدما كان يقدم مبلغ 100 ألف دولار شهرياً في السابق، وهذا ما جفف الموارد هنا ما ترك فراغاً ليس من السهل إملاؤه.

و لفت مدير تجمع الجرحى السوريين إلى توقف عمل هيئة الإغاثة السورية اللبنانية عن العمل، محذراً من من توقف مفوضية الأمم المتحدة أيضاً، يأتي ذلك في ظل تزايد عدد الجرحى و اللاجئين السوريين و رفض المفوضية تسجيل بعض الجرحى.

و أوضح أن التجمع يعتبر الجريح جزءاً من الداخل السوري حتى انتهاء علاجه و نقاهته، كاشفاً عن تحول البعض إثر انتهاء تلك المرحلة إلى "منتفعين برواتب" ما يزيد من صعوبة إقناعه بالتخرج من المشفى، في ظل شح المساعدات التي "قدم معظمها أفراد وليست دولاً".

العبارة الأخيرة للطبيب أبو سيرين قدحت الزناد لدى الناشط أبو يامن ليشن حملة اتهامات بدوره إلى بعض الحكومات "بإساءة استخدام مساعدات السوريين"، مردفاً إن عدم ثقة بعض المتبرعين بوصول التبرع إلى من يستحقه كان سبباً إضافياً بنقص الموارد، ومرد ذلك ما يُشاع من اتهامات بين الجرحى و اللجان الطبية و الإغاثية.

أبو يامن الذي جاء إلى لبنان جريحاً منذ نحو عام و صار عضواً في تجمع الجرحى يعزو الخطأ "التراكمي" إلى عدم متابعة المتبرع لتوزيع ما يتبرع به من قبل شخص موثوق لديه، غير أنه يرجح أن القضية ربما تكون "سوء إدارة أكثر منها اختلاس أو عدم أمانة"، مؤكداً أن التجمع لا يستلم أي مبلغ مالي.

* لاجئون في جبل محسن!
يدخل أبو سيرين على خط الحديث ثانية ليؤكد عدة نقاط فيما يخص سوء الإدارة التي كانت سبباً رئيسياً في توقف أعمال اللجنة الطبية السورية، فأنشبت النزاعات الشخصية أنيابها بين أعضاء فريق اللجنة بعد استشراء أحد الأمراض المسببة للثورة السورية و هو الفساد و عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

و من تجليات سوء إدارة العمل الإغاثي للسوريين في لبنان حسب الطبيب أبو سيرين أيضاً ما قامت به منظمة أطباء بلا حدود عندما فتحت مركزاً للاستقطاب الصحي في في منطقة جبل محسن،" فهل في تلك المنطقة نازحون سوريون؟!"

و يشكو الطبيب معاناة لم تكن تخطر على بال أحد تجسدت بمنافسة عمال سوريين لأصحاب الحاجة الحقيقيين من الجرحى الذين يتصدرون مع عائلاتهم سلم الأولويات، علماً أن هؤلاء العمال موجودون في لبنان قبل الثورة، مشجعاً إياهم وغيرهم من الهاربين من عنف النظام على التسجيل في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين التي ترفض تسجيل الجرحى السوريين،بذريعة عدم امتلاك أوراق ثبوتية، و ليس بخافٍ على أحد الطريقة التي يتم بها إسعاف الجريح السوري إلى لبنان، حيث لا وثيقة تثبت شخصيته سوى جرح و آلام قدم لمعالجتها أو التخفيف منها هرباً من طرق علاج جنود النظام السوري لجروح ما يفترض أن يكونوا أبناء جلدتهم.

طرابلس - زمان الوصل - خاص
(101)    هل أعجبتك المقالة (75)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي