أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

د.بشارة: النظام يمثل بجثة شرعيته وسط لعبة الغرب القذرة مع الثورة

قدم الدكتور عزمي بشارة ملاحظاته حول التدخل الأجنبي، مستنداً إلى مفارقة بين الوضعين في مالي وسوريا.

ولم يستغرب بشارة في نص نشره في صفحته الشخصية على (الفيس بوك) دعم روسيا ليس للتدخل في مالي وحسب، بل و دعمه فنياً، معتبراً أن ذلك أمر طبيعي و"أقل من عادي لأن المواقف من التدخل الأجنبي ما كانت يوماً مبدئية".

واتهم الغرب بأنه لعب لعبة مزدوجة قذرة مع الثورة السورية عندما "تشدّق بتأييدها لكي يخترقها من دون أن يدعمها فعلياً."موضحاً أن "القوة الأساسية التي يستند إليها حالياً نظام الأسد هو دعم محور دولي، والأهم من ذلك صمت محور آخر".

و تابع"الدعم بالمال والسلاح من جهة، والصمت من جهة أخرى، يتيح له أن يستخدم العنف من دون سقف، سوى سقف السلاح الكيماوي. وهو سقف وهمي، لأن القوة التدميرية لما استخدمه ضد مدن سورية المأهولة حتى الآن تتفوق على أي سلاح كيماوي".

و نحن في "زمان الوصل" ننشر النص الكامل للدكتور بشارة لنحيط القارئ بالصورة من كل الجهات، متيقنين من أن نصوصاً من هذا النوع لكتاب و مفكرين بمقام د.عزمي بشارة تساهم في تحليل ما يجري في بلد عربي تكاد تمزقه أهواء و مصالح قوى عالمية وإقليمية لم تتوقف يوماً عن دعم القوة التدميرية لنظام يحرق الأخضر واليابس، مقابل نظراء لتلك القوى يدعون دعم ثورة سوريا و صداقة شعبها، ولا يقدمون سوى الدعم اللفظي لشعب ملّ كلام الهواء و وعود الهراء.

ولم يخرج د.بشارة عن إطار ما أسلفنا في تحليله وإليكم ما كتب:

1". وقع في النهاية تدخل عسكري خارجي ولكن في مالي وضد الإسلاميين، وليس في سوريا التي يتهم نظامها الإسلاميين بالعمالة لأميركا.

2. الأمر الذي يراه البعض ملفتاً، وأعتبره أقل من عادي، هو أن من عارض التدخل العسكري في ليبيا ضد القذافي، ملأ فمه ماء حول التدخل العسكري في مالي، بل وأيّده (وتقترح روسيا أن تساهم في دعم التدخل الفرنسي هناك فنياً). نقول أن هذا أمر غير ملفت وأقل من عادي لأن المواقف من التدخل الأجنبي ما كانت يوماً مبدئية، بل كانت دائماً تحدد بموجب المصلحة، وذلك منذ التدخل الأميركي في كوريا وفيتنام، والتدخل الروسي في تشيكوسلوفاكيا وأفغانستان، ثم الأميركي في أفغانستان والعراق. وبعض القوى التي تعارض مثل هذا التدخل، أو تختلقه لكي تعارضة على الرغم من أنه غير مطروح في سورية، سبق أن أيدت تدخلاً استعمارياً في العراق صمتاً أو علناً، وأيدته علناً في أفغانستان... وهي الآن تدّعي معارضة تدخل أجنبي عسكري غير قائم في سورية.

3. لقد لعب الغرب عموماً لعبة مزدوجة قذرة مع الثورة السورية إذ تشدّق بتأييدها لكي يخترقها من دون أن يدعمها فعلياً. فماذا يضيره أن يكون له وكلاء محسوبون عليه يأتمرون بأمره من دون أن يدعم الثورة السورية؟! وكان النقاش داخل المعارضة السورية حول التدخل الأجنبي نقاشاً عقيماً مثل نقاشات عقيمة أخرى ناجمة عن قلة الخبرة السياسية والمناكفات التي لا تنتهي. 

4. إن القوة الأساسية التي يستند إليها حالياً نظام الأسد هو دعم محور دولي، والأهم من ذلك صمت محور آخر. الدعم بالمال والسلاح من جهة، والصمت من جهة أخرى، يتيح له أن يستخدم العنف من دون سقف، سوى سقف السلاح الكيماوي. وهو سقف وهمي، لأن القوة التدميرية لما استخدمه ضد مدن سورية المأهولة حتى الآن تتفوق على أي سلاح كيماوي. وما من شك لدينا أن التخوف الإسرائيلي من المستقبل غير الواضح بعد مرحلة استقرار الحدود السورية الإسرائيلية منذ العام 1973، وحذّر الإدارة الأميركية من أي تدخل جديد في المنطقة بعد العراق هي من عناصر الصمت الدولي على عملية هدم سورية. ونقول أن هذا الصمت هو مصدر قوة النظام الأساسية حالياً. ويعود ذلك إلى أنه لم تطلق يد نظام في استخدام العنف ضد شعبه منذ ثورة الاتصالات كما أطلقت يد النظام السوري، ولأنه لو حددت القوى الدولية سقف استخدامه للعنف، ولو بحظر جوي، لانفضّ عنه حتى ما تبقى حوله من عصبيّات طائفية.

5. هذا لا يعني أنه يمكن للدول التي أعلنت موقفاً داعياً لتنحي الأسد أن تتراجع عن موقفها هذا بسبب هذا العنف. فالعنف المستخدم يقوض أي شرعية سياسية دولية أو إقليمية لهذا النظام، هذا موضوع حسم. أما شرعية النظام عند الشعب السوري فقد هلكت وتعفنت، ولا يمكن إحياؤها. وما يقوم به النظام حالياً هو التمثيل بجثة شرعيته ذاتها. لقد حُسم أمر هذا النظام سياسياً، ومسألة مغادرته حلبة التاريخ مخزياً، ملطخاً بالعار وبدماء شعبه مسألة وقت فقط. 

6. إن هذا الاستخدام للعنف سوف يستنفذ قريباً، ليس بفضل اشمئزاز العالم منه، (فقد تجاوز الناس حتى الإشمئزاز إلى الاندهاش من عبثية العنف والتدمير)، ولكن بفضل صمود الشعب السوري وتضحياته، وبطولته الأسطورية، وبفضل توليده المستمر لقوى تقاتل النظام. وإن مطلب الشعب السوري بإيجاد الطرق لحمايته من القصف الجوي هو مطلب شرعي.

7. سوف ينتصر الشعب السوري في ظل تواطؤ دولي ضده، وبدعم فقط من دول عربية معدودة (تقدم دعماً ضرورياً لا غنى عنه)، وهو بالكاد يتجاوز الحد الأدنى المطلوب للصمود، حتى في الإغاثة الإنسانية لشعب منكوب فعلاً. وسوف نتذكر ذلك حين تميل الكفة وتبدأ الدول بالانضمام لقطف ثمار نضال وطني وتضحيات وطنية من ألفها إلى يائها.

8. تقضي المسؤولية الوطنية للقيادات السياسية والجيش الحر أن ترتقي لمستوى تضحيات هذا الشعب، وتحافظ على سيادة البلد من إملاءات خارجية من دول لم تدعم الثورة، ولا تسأل إلا عن السلاح الكيماوي و"الإرهاب"، وأن تحافظ في الوقت نفسه على سورية من فوضى الجماعات المسلحة بضبط الوضع تنظيمياً بأسرع وقت، واحتواء من يمكن احتواؤه من هذه الجماعات، والوقوف بحزم ضد أي خطاب طائفي تقسيمي يرى في سوريا مجموعة طوائف (ويفيد أن يعرف أصحاب هذا الخطاب الطائفي من أي جهة كانوا أن الخطاب الطائفي غير بعيد عن الرؤية الروسية والأميركية لسورية وشعبها كطوائف،فالطائفية والاستعمار في المشرق صنوان. وهي الرؤية التي يتمرد عليها الشعب العراقي حالياً بعد عقد من النزف الناجم عنها)."

زمان الوصل
(110)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي