فجأة اكتشفت المعارضة أن الأمم المتحدة تمول الشبيحة... بأموال المانحين العرب والأجانب من أصدقاء سورية.
هناك 130 دولة تعترف بالائتلاف ولكن أياً منها لم يحاول أن يترجم اعترافه إلى إجراءات عملية ملموسة، لا على مستوى الأرض السورية المحررة ولا على مستوى المجتمع الدولي ككل. لا من حيث الدعم بالسلاح ولا من حيث الدعم الإغاثي. فالدعم بالسلاح يبقى محظوراً والدعم الإغاثي يذهب عبر الأمم المتحدة وعن طريق النظام المجرم. هذه هي الحقيقة المرّة التي يتعين علينا أن نواجهها بصدق وأن نعمل بشجاعة على تغييرها.
الأمم المتحدة لا تعترف بنا ولن تعترف بنا إلا بعد أن نحقق نصراً مبيناً على الأرض لا يمكنها ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهله.
من الذي يمثل سوريا لدى الأمم المتحدة؟ من المضحك المبكي أن المنظمة الدولية لا تزال بعد سنتين من الثورة لا تعترف إلا بالجعفري ممثلاً "وحيداً" للشعب السوري... وليس هذا بعجز من الثورة بل بعجز من جانب الذين يدعون أنهم أصدقاء للشعب السوري.
منذ أشهر طويلة أقول، وغيري، لقياديي المعارضة هذا الكلام... وقد قلته بوجودهم لممثلي الأمين العام في اجتماعهم الأخير بالمعارضة في نيويورك قبل إعداد خطة الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية بأكثر من شهر. قلت لهم بالحرف الواحد إن المنظمة الدولية تمول شبيحة الأسد، وقالوا لنا عندها إنهم لا يستطيعون الدخول إلى سوريا إلا بموافقة النظام، واعتبر البعضُ يومها أنني تطاولت بعض الشيء على الأعراف الدبلوماسية فالأمم المتحدة لديها "ضوابط"...
أما عن "ضوابط" الأمم المتحدة فإني أتساءل: أية ضوابط تلك التي تستند إلى الهلال الأحمر الحكومي السوري والمنظمات الأخرى "غير" الحكومية وإلى مصداقية رئيس الهلال الأحمر عبد الرحمن عطار وأمثاله من طفيليي النظام. وبالطبع فإن الرئيس الأعلى للهلال الأحمر السوري، بموجب ميثاقه، هو بشار الأسد!!!
وأما بالنسبة لما تستطيعه الأمم المتحدة وما لا تستطيعه فإني أرى أنه ليس صحيحاً أن الأمم المتحدة لا تستطيع الدخول إلى سوريا إلا بموافقة النظام. فقد دخلوا إلى بلدان أكثر خطورة، منها مثلاً إندونيسيا وبعض البلدان الأفريقية التي نكبت بحروب أهلية، دون موافقة أنظمتها بل ضد تلك الأنظمة. بوسع الأمم المتحدة ووكالاتها، بقرار على مستوى أمانتها العامة تتخذه على أساس القرار الذي صدر فعلاً عن الجمعية العامة، أن تقدم خدماتها الإغاثية إلى المناطق السورية المحررة عبر تركيا وبحماية الجيش الحر. أما لماذا لا يتم ذلك فلأنه يتطلب قرارات سياسية ورؤى "إبداعية" لا تتوفر اليوم لدى قيادة المنظمة الدولية التي ترهن نفسها بغياب التوافق الدولي. حتى اعتراف المعترفين بالائتلاف السوري لم يتحول إلى ضغط على المنظمة الدولية لأنه، وأكرر هنا ما أصبح معروفاً لدى الجميع، بقي مجرد إجراء دعائي ورقي رماه أصحابه في سلة المهملات منذ اليوم التالي لإطلاقه.
الدول العربية الخليجية الشقيقة والغربية الصديقة تـُسـكت ضميرها لا بمساعدة الثورة بل بتمويل أنشطة الأمم المتحدة "الموجهة لدعم جهود الحكومة السورية لتوفير المساعدة الإنسانية للسكان المتضررين"... وكأن الحكومة السورية العتيدة ليست أداة تنفيذية طيعة في يد نظام مجرم ينتهك جميع الأعراف الدولية الحقوقية والإنسانية بما فيها ما ترسخ في الأمم المتحدة نفسها... هكذا صرفت الأموال التي سمعنا بها، ومنها المئتا مليون التي ما فتئ الأمريكيون يقولون لنا إنهم تبرعوا بها للثورة السورية، وهكذا ستصرف الأموال الأخرى التي لا تزال ترد إلى الأمم المتحدة. هكذا بكل استهتار تتدفق الأموال الغربية والعربية – أموال أصدقاء الشعب السوري - على النظام وكأنها "نيران صديقة" تنصب على رأس الشعب السوري، وكأن ما يتلقاه النظام من تمويل وتسليح من أعداء الشعب السوري من إيرانيين وروس لا يكفيه لمواصلة القتل والتنكيل بل والإبادة الجماعية.
أدرج أدناه ملخصاً عن القنوات التي تعتزم الأمم المتحدة إنفاق الأموال في سوريا عن طريقها (وتتجاوز قيمة هذه الأموال النصف مليار من الدولارات أي نحو 45 مليار ليرة سورية خلال النصف الأول من عام 2013 وحده). لم أجد في وثائق الأمم المتحدة أن أياً من هذه الأموال سيقدم إلى وزارة الدفاع. على أني على يقين من أن النظام السوري لن يعدم وسيلة لاستخدام بعضها في بناء منظمة الشبيحة الجديدة التي سيطلق عليها اسم "جيش الدفاع الوطني":
• وزارة الخارجية والمغتربين –– ستتلقى 9,438,752 دولاراً.لأغراض التنسيق العام.
• •وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل –– ستتلقى 20,547,692 دولاراً لأغراض الخدمات المجتمعية.
• •وزارة التربية –– ستتلقى23,024,800 دولار لإنفاقها على التعليم والدعم النفسي للأطفال.
• •وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي –– ستتلقى 196,896,716 دولاراً لتأمين الغذاء.
• •وزارة الصحة –– ستتلقى 81,905,133 دولاراً لتأمين الخدمات الصحية والمستشفيات والدواء للجميع والدعم النفسي للنساء والأطفال.
• •وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الإدارة المحلية –– ستتلقى19,670,111 دولاراً لتأمين سبل العيش وأسباب الرزق.
• •وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الداخلية ووزارة الإدارة المحلية والمحافظات المتضررة –– ستتلقى5,500,000 دولار لتأمين اللوجستيات والاتصالات للعمليات الإنسانية .
• وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الإدارة المحلية والبلديات –– ستتلقى 110,771,867 دولاراً لتأمين السلع غير الغذائية والمأوى.
• وزارة الداخلية و"الأجهزة"المعنية –– ستتلقى 8,454,837 دولاراً لتوفير الأمن والسلامة لموظفي الأمم المتحدة.
• •وزارة الإدارة المحلية والهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في ج ع س –– ستتلقى 43,417,139 دولاراً لتوفير المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.
أما أكثر ما لفت انتباهي في المشاريع الأممية المخصصة لسوريا فهو تلك المشاريع التي تُعنى بتقديم "الدعم النفساني لأطفال سوريا ونسائها".حتى العلاج النفسي لم ينسونه. فقلع الأظافر والاغتصاب والتشريد يتطلب دعماً نفسانياً.كم هي متحضرة وحنونة هذه الأمم المتحدة.
الآن تدعو فرنسا المعارضة السورية للاجتماع على عجل في باريس، ولا شك أنهم سيتطرقون هناك لمسائل الإغاثة. على أن الهدف من الاجتماع على ما يبدو هو أن تدفع فرنسا قدماً بعجلة تشكيل الحكومة المؤقتة...... ولعلّ في اجتماع كهذا أن يعيد لمدينة الأنوار بعضاً من البريق الذي تلطخ في مالي.
الآن نعلق الآمال على اجتماع باريس ... فلتنتظر الثورة أسبوعاً آخر ..
.
بئست المنظمة الدولية وبئس المجتمع الدولي وبئس عملنا كمعارضين لا نصدق ما هو ماثل أمام أعيننا إلا بعد أن تزكم رائحته الأنوف.
نعم، الأمم المتحدة لا تعترف بنا...سمير الشيشكلي

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية