أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هنا حمص القديمة... شواهد على الثورتين ضد الاستعمار والاستبداد

800 عائلة في مهب البرد والحصار

في القلب من مدينة حمص تقع أبنية متكئة على كتف بعضها، وحجارة البيوت القديمة السوداء المدمّرة على طرفي الشارع تعلن هويتها: هنا حمص القديمة. 

هنا في الأحياء الحمصيّة القديمة قصص كثيرة تناقلها الأهالي عن ثورة قامت ضد الاستعمار، وثوار ولدوا من رحم حجارتها السوداء.

في هذا الحي وُلد نظير النشيواتي وفي ذاك عاش خيرو الشهلا، ومعركة باب الدريب ضد المستعمر الفرنسي تشهد عليهما.

التاريخ يعيد ثورة الأمس إلى اليوم مع فارق طفيف بين الثورتين، في الأمس كانت ثورة ضد الاستعمار من أجل الاستقلال الأول، واليوم الثورة ضد الاستبداد والديكتاتورية في سبيل الاستقلال الثاني.

في الأزقة القديمة

ستدرك فوراً أنك في حمص القديمة، تعرف ذلك من مساجدها القديمة وبيوتها العتيقة وأطلال من أزقة ضيّقة، فرق كبير عمّا كانت عليه منذ أشهر خمسة والآن، قبل الحصار وبعده، قبل الدمار وبعد الدمار. 

عند "كنيسة أم الزنار" يبدأ درب الجلجلة، حفرة كبيرة جرّاء صاروخ في مدخلها وآثار لقرميد أحمر كان يعلو بناءها، ويزداد الدمار دماراً في البيوت العربية القريبة منها، والتي تحوّل معظمها إلى مطاعم كانت فيما مضى مقصداً للسيّاح.

في شارع بستان الديوان القريب سترى مئذنة مسجد ذي الكلاع الحميري الآثرية المربعة وقد تهدّم جزء منها، وفي الورشة سيشهد لك جامع السراج الأثري على همجية القذائف والصواريخ.
يزداد الألم ألماً كلما توغّلت أكثر في تلك الأحياء، باب الدريب وباب تدمر والصفصافة، كلها باتت متشابهة، تغيّرت جغرافية المكان حتى أمست متماثلة، اللون الأسود صبغ الأمكنة فالبيوت محروقة والأبنية مهدمة.. كيف لا ولغة القذائف لا تعرف سوى الهدم.

موت لا يغيب
مات فلان .. استشهد قنصاً.. قتل جراء قذيفة، لم تعد كلمة "موت" غريبة عن أذهان أهل حمص، فقدت ذاك الألق الذي كانت عليه قبل بدء الثورة السورية، وازدادت هلامية مع بدء الحصار وكأنها لم تعد موجودة.

هكذا يتعامل القابعون تحت الحصار مع الموضوع، سواء كانوا مدنيين ويزيد عددهم عن 800 عائلة، أو كانوا من الكتائب المقاتلة على الأرض، يتجاهلون الموت المحيط بهم من كل حدب وصوب وكأنه أمر اعتيادي ويحاولون ما استطاعوا البحث عن أسباب الحياة.

خبز وحطب وكهرباء
هل مازالت البندورة حمراء؟ يقول أحد عناصر الجيش السوري الحر بسخرية مرّة، فالخضار لم تعد موجودة منذ مدة طويلة، ومادة الطحين المستخدمة في الخبز باتت شحيحة جداً وعلى وشك أن تنتهي، ولم يبق أماهم إلا الحبوب والمعلبات المخزنة لحصار قد يطول، وانتظار مما زرعه قلة من الأهالي في بعض حدائق المنازل علهّم يرون ألوان الخضروات الجميلة من جديد.

ويبقى البحث عن الغذاء أول الأولويات لدى الجميع في حمص القديمة وبقية المناطق المحاصرة، فكل سرية أو مجموعة مسؤولة عن نفسها في هذا الموضوع وبعض الكتائب تكون مسؤولة عن جميع أفراد عناصرها.

والمشكلة الثانية التي خُلقت أمامهم في ظل البرد القارس هي التدفئة في ظل شحّ المحروقات المخبأة لتوليد الكهرباء، خشب بعض الأشجار وبقايا الأثاث المدمر بفعل القصف حلّ المشكلة باستخدامه كحطب يقيهم برد حمص القاسي وشتائها الذي لا يرحم، أما مادة المازوت فاستخدامها اختلف عمّا كان عليه قبل الحصار، فبعد تدمير الشبكة الكهربائية كان لابّد من استخدام المولدات لهذا الخصوص، مما يؤمّن للمحاصرين وسيلة اتصال وحيدة مع العالم الخارجي، قد تختفي باختفاء هذه المادة.

عمر نجم الدين - حمص - زمان الوصل
(178)    هل أعجبتك المقالة (157)

firas

2013-01-22

كان الاجدر بالمراسل ذكر احياء الحميدية و بستان الديوان التي هجرت بكاملها ولم يبقى من 70 الف مسيحي غير 79 شخص .... اما احتلت بيوتهم من قبل المسلحين و عائلاتهم او دمرت و سرقت من قبل طرفي النزاع.


كارول

2013-01-22

هلق نحنا عرفنا انك مسيحي وعم تحكي بنفس لغة النظام مسلحين ومدري شو وما عرفت انو المصير واحد ومو بس جماعتك اللي تهجروا وبيوتهم انتهبت من الشبيحة وأزلام بشار حدد يا رمادي.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي