طز الربيع العربي
دَخَلَت كلمة (طز) عالم السياسة قادمة من جوف المخزون الأدبي للعقيد معمر القذافي عندما قذفها في آذان الأمريكان، الذين فتشوا معاجم العرب و العجم ليفهموا رسالة زعيم الجماهيرية، ولكن عبثاً، لم يعثروا على الكلمة اللغز، فاقتضت مصالحهم أن يردّوا بلغتهم النارية"البليغة"، فدكّوا حصون باب العزيزية، إلا أن القدر أراد للأخ القائد الاستمرار باستخدام باقي الاحتياطي اللغوي الأخضر "الظريف"لقيادة الجماهيرية ربع قرن إضافياً.
و للعلم فإن كلمة( طز) عثمانية قديمة تعني الملح، وبعد الترقية و الرقرقة صارت حالياً"توز"، و يعود تداولها بين العرب عندما كانوا يذهبون لمبادلة العثمانيين القمح بالملح، فيمرّ العربي خلال بوابة العسكري التركي و هو يحمل أكياس الملح، مردداً "طز يا فندم طز" أي أنه ليس ممنوعاً و لا يستوجب ضريبة جمركية، فيهمله العسكري ليدخل دون تفتيش.
و لم يكن "القائد الراحل" القذافي وحيداً ممن استخدمها بين زملاء الاستبداد و الديكتاتورية، فكان للزميل القائد صدام حسين شرف صدم الأمريكان بكلمة (طز) أيضاً، فظنوها نوعاً من أخطر أنواع أسلحة الدمار الشامل، ليجيشوا جيوشهم مع عساكر من ثلاثين جيشاً حليفاً، و يدعسوا على "فيتو" روسيا و تحفّظ الصين في طريقهم إلى العراق، وبعد تدميرهم ونهبهم وتخريبهم بلاد الرافدين، لم يعثروا على الأسلحة المزعومة كما لو أنها فص طز وذاب!!
الأخوة الزملاء زين العابدين بن علي و حسني مبارك و علي عبدالله صالح لم يستخدموا الكلمة أيضاً لانشغالهم بمحاولات ثني شعوبهم عما أرادوا، بالترهيب تارة، وبالترغيب تارة أخرى مذكّرين الشعب بضرورة الحفاظ على الخبز و الملح أي (الطز) بعد ربع قرن و أكثر من العشرة و المعاشرة و إلا.....!
أما الزميل المتبقي، فقد أظهر حرصاً على عدم ذكر كلمة (طز) في خطاباته ليس خوفاً من أمريكا الامبريالية التي كلما سمعت الكلمة جهزت الجيوش و الأساطيل و لم تحتفظ بحق الرد، و إنما لحرصه ألا يتسبب زج ال(طز) في الخطاب برفع ضغط الجماهير عندما أصرّ على أن يفسد الملح و يخون الخبز بالدم.
عاصي بن الميماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية