أيعيد التاريخ نفسه ليوم لن يخرج عن ذاكرة السوريين بسهولة، وقت انتظروا بوطنية، كلمة الرئيس أمام مجلس الشعب بعد انتفاضة درعا بقليل(30-3-2011)، وكلهم أمل بإبعاد سوريتهم عن دائرة النار، للاعتذار إلى كرام درعا على ما لحق بهم من حيف وظلم من"عاطف نجيب وفيصل كلثوم " ليخرج الرئيس ويقول دونما أن يقول، في خطاب خرج عما اتفق عليه مع القيادة القطرية، وتمحور-الخطاب- أن سوريا تتعرض لمؤامرة - وقيل وقتها أنه تغيّر في الساعات الأخيرة نظراً لطلب من رأى أن أي اعتذار سيزيد من مطالب الشعب الذي ينقصه الأدب وليس من حل سوى بالعنف والضرب بيد من حديد.
هذه الآونة، و بعد مباركة الروس للرؤية السورية التي حملها فيصل المقداد بُعيد زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي فيما اتفق على تسميته جينيف 2( وقف إطلاق النار، حضور مراقبين دوليين إلى سوريا للإشراف على تطبيقه، إنشاء لجنة تأسيسية لتعديل الدستور، تأليف حكومة وحدة وطنية و انتخاب مجلس نواب عبر انتخابات حرّة بمراقبة دولية )،بات يتردد عن ضرورة الرد العلاني وعلى لسان رئيس الدولة، وإن جاء الرد ضمن خطبة عصماء عمومية تمزج الذاتي السوري بالموضوعي العربي والدولي، وأسباب الثورة بالتآمر على سوريا الممانعة، لخلط الأوراق وشراء الزمن ربما وبعض تأييد، ليس إلا.
ما تسرب عبر صحيفة "الأخبار" التي عبر خلالها نائب الرئيس عن رأيه الشخصي كونه مواطناً سورياً كما قال وزير إعلام النظام، يوحي بالإحباط لكل قارئ، لأن الصحيفة جعلت من ضرورة ترشيح الرئيس لنفسه عام 2014 ركناً من الخطاب، ومن قدرة النظام على الحسم العسكري- وإن بعد حين- مبرراً ليفرض شروطه في واقع- بحسب الصحيفة- تراجع الثورة على الأرض،"وصلابة الموقف الروسي والإيراني والصيني " الرافض للتدخل الخارجي. في حين أرجأ محلل الصحيفة سبب التخاذل الدولي وعدم وجود قرار نصرة الشعب والثورة السورية إلى "ثانياً " في سبب أبله "خشية واشنطن من الجماعات المسلحة التكفيرية" وكأن تلك الجماعات، والتي إن وجدت في سوريا، تخرج عن القرار والتمويل الأمريكي، التي اتخذت من "الإسلام " فزاعة للغرب قبل دافعي الضرائب لديها، وطريقة ابتزاز دولي، تستخدمها كلما استدعى الوضع الأمريكي الداخلي، والاقتصادي تحديداً، والدولي للتأجيج الجيوسياسي، بغرض سرقة مقدرات منتجي النفط حيناً، وإعادة التموضع والوجود الأمريكي بقية الأحايين.
الصحيفة اللبنانية الممولة من مال شيعي مهاجر، وصلت في نبوءاتها حدود تحديد تفاصيل الخطاب لجهة "تذليل خطوة تنحي الرئيس على اعتبارها شأناً داخلياً، وتطرقه للشؤون العربية والدولية وضرورة الاعتراف بحق سوريا بالممانعة والمقاومة حتى في دول الجوار، لبنان وفلسطين، بل وإضافة تحرير اللواء المغتصب من العدو التركي الجديد ".
وتابعت الصحيفة- نقلا عن مصادر خصتها دون غيرها- أن مبادرة الحل التي من المتوقع أن ينقلها الرئيس الأسد للشعب على الهواء مباشرة، إن لم تجد طريقاً للتوافق والقبول، فثمة أوراق قوة لدى النظام، إن كانت قوته على الأرض وقدرته على كسب المعركة أولها، لن يكون التوافق الأمريكي الروسي بالحل السياسي وبيع ثورة السوريين في بورصة مصالحهما، آخرها. لأن الأيام المقبلة- منتصف الشهر الجاري - ستجمع وزيري الخارجية الأمريكي والروسي، اللذين اتفقت بلادهما على الحل السياسي، ليضعا مسودة الحل التي ستبيّض خلال لقاء الزعيمين أوباما وبوتين المرتقب.
حقيقة الأمر، لاشيء مستبعداً في واقع العهر الدولي الذي لمسه السوري، لتتلاشى الخطوط الحمر التي وزعها الزعماء ولاءات عواصم القرار أدراج الرياح و"يجبات"كلينتون معها إلى المشفى واجتماعات العرب والغرب وأصدقاء سوريا إلى كتب التاريخ، ولكن على الصعيد النظري والمؤامراتي على ما أحسب، لأن من سقط على الأرض السورية منذ نحو عامين، لا أعتقد لأحد الحق في المساومة عليه وبيع دمه لإعادة توازنات أو ولادة أقطاب، أو حتى لتربية شعوب المنطقة من خلال الدم السوري كي لا يقوموا على حكامهم واقتسام غنائم الجغرافيا الجديدة، وإن لم تمس الحدود، وهذا لا يعني الرفض المطلق لحل سياسي من شأنه أن يوقف نزيف الدم السوري، ولكن حل لا يساوي بين الجاني وشعب متطلع لكرامته ثانياً ولا يترك النظام الذي أساء للسوريين وقتل أهليهم ليخرج كبطل أوقف مد المشروع" الصهيو أمريكي " من خلال قتل أكثر من مئة ألف سوري وتهديم البلد وترك مقدراتها لمن يقدم طوق النجاة، أولاً.
خلاصة القول: إن خطب الرئيس الأسد ولم تك هذه التسريبة الصحافية بالون اختبار لموقف المعارضة بكليتها والدول الداعمة على قلتها، فسيكون بمثابة زيت إضافي على دائرة النار السورية، وخاصة إن غرق في "الفذلكة " بحسب ما قالت الأخبار اللبنانية.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية