ليست المسألة رشى سياسية ومالية أو التلويح بالتفقير للاصطفاف الإلزامي، وهي قائمة وماثلة طبعاً، أكثر ما يفعله النظام السوري لاستمالة مموليه ومؤيديه، إذ وصل الأمر- حتى بالسيد الرئيس- للنعت بالتخوين والعمالة، لكل من يقول لا للحل الأمني والعسكري الذي أتى على البشر والحجروالتاريخ والجغرافيا، ووقف إلى جانب شعب طالب، بعد تأميل وانتظار، بالحرية والكرامة والعدالة في منح الفرص وتوزيع الثروات.
مع هذا، وفي الاتجاه نفسه، ثمة مطرقة بيد النظام لا يتوانى عن الطرق فيها على رأس كل من لم يموّل حربه ضد شعبه، بعد أن استمال تجاراً وألزم صناعيين وضغط على مستثمرين، ليساهموا في أكلاف معركة بلانهاية، تحرق السوريين وترفل"بطل الممانعة" بالسعادة وتعيد لنفسيته بعض تعافٍ وتوازن.
لنقل، بادئ ذي بدء، إن الحجز الاحتياطي من الأسلحة القديمة التي استخدمها النظام للإساءة للسمعة ونهي كل من لا يتماشى مع"التطوير والتحديث " ولعل في قضية الحجز على أموال الراحل عصام الزعيم- التي عايشتها وواجهت الرئيس بفداحة خطئها - ماثلة أمام السوريين، والتي- الحجز الاحتياطي- تنامت بُعيد الثورة لتطاول كل من لا يساهم ويموّل الحرب على أهله، وآخر ما حرر الحجز على أموال محمود عنزروتي صاحب منشأة كتاكيت، بحجة تمويله للإرهاب.
في الأمس، أصدرت وزارة المال السورية قراراً"1928و" الذي يقضي بالحجز على أموال عنزروتي "بعد ثبوت قيامه بتمويل المجموعات الإرهابية بالقطر والتآمر على كيان الدولة وزعزعة استقرارها الداخلي، والقيام بأعمال تستهدف إثارة الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي"، وشركة كتاكيت من كبرى الشركات الغذائية السورية يعمل فيها نحو 15 ألف عامل و لها أكثر من 15 ألف متر مربع للتوزيع المباشر ولديها أسطول سيارات يزيد عن 150 سيارة للتوزيع وتصدر لأكثر من 10 دول عربية وإقليمية وأوروبية، ومحمود عنزروتي كان مقترن بالسيدة مجد جدعان أخت زوجة ماهر الأسد منال.
الحجز الاحتياطي ومنذ بداية انتفاضة الشعب السوري على الظلم، لم يقتصر على رجال الأعمال ( سمية حمشو، محمد ربيع ومحمد محي الدين الخياط، خالد المحاميد، محمد رهيف الحاكمي،وليد الزعبي، غسان عبود، عبد القادر السنكري،اسماعيل السعدي، نذير شاهين، حسناء البش، محمد رشاد شاهين، ومحمد معتز الخياط، ورسلان الخياط ..وغيرهم كثيرين) بل وصل الأمر للحجز على أموال المعارضين و السياسيين وأصحاب الرأي وأرباب الشعائر الدينية كميشيل كيلو وزوجته وأولاده وسارية الرفاعي وزوجته وأولاده وسفير سوريا السابق في الإمارات عبد اللطيف الدباغ وزوجته السفيرة السابقة في قبرص لمياء الحريري وغيرهم، والتهمة هنا، قد لا تحتاج عناء البحث، فمن التناقض مع واجبهم الوظيفي وصولاً إلى ضمان حقوق الدولة كما حصل مع رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب.
نهاية القول: جاء الحجز الاحتياطي بالتعريف أنه وضع أموال شخص مؤقتاً تحت تصرف الدولة لمنعه من التصرف بأمواله ريثما يتم إزالة المسببات، ما يعني الإبقاء على الحجز- لما أتينا على ذكرهم آنفاً- ريثما يتخلوا عن وطنيتهم وإنسانيتهم ووقوفهم إلى جانب الشعب الذي يتطلع للعيش الكريم بعد عقود من المصادرة والقمع والإقصاء .
ولكن، ومهما بلغت خسائر من وقف إلى جانب شعب ينشد حريته، من ممتلكات وموجودات لا أظنها تصل لمن دفع حياته ثمناً لكرامة وحرية حجزت إلزامياً وليس احتياطياً منذ عقود.
عدنان عبد الرزاق
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية