"زمان الوصل" تحضر محاكمة "ثورية" في درعا... "العدل أساس الثورة"

متسارعة في حيثيات إنشائها، وجدت المحاكم الشرعية الثورية طريقاً لها في بعض الوحدات الإدارية في محافظة درعا خصوصاً المدن الشرقية منها، والتي باتت عصيّة على القوات الأمنية فنالت حضوراً لافتاً، وقبولاً اجتماعياً وقولاً فاصلاً في العديد من القضايا المطروحة أمامها، خصوصاً ما يتعلق منها بتوطيد منظومة الأمن الاجتماعي، والتي تركها النظام فارغة لخلق مزيد من القضايا العالقة وتراكمها، وبالتالي خلق رغبة التحسر على أيامه ومخافره بما فيها من رشى وسلطوية وإهدار لكرامات الناس.
آلية العمل
في بلدة معربة شرق مدينة درعا ب/40كم / حضرنا جانباً من القضايا المنظورة أمام الهيئة الشرعية القضائية أو المحكمة الثورية كما يحب أن يسميها الناس في قريتهم المنكوبة بفعل الغزو الأسدي مؤخراً وحرق جميع بيوتها والتنكيل قتلاً وتعذيباً بمن بقي منهم لتعود حيثيات الحياة إليها بعد مغادرة القوات الغازية.
يقول الشاب الأربعيني أحمد فارس المقداد القائم بالنظر في دعوى السرقة المنظورة أمامه :" يقوم عملنا على تدقيق أقوال المتهمين ممن ضبطهم عناصر الجيش الحر متلبسين بالواقعة وحرصاً من الجميع على إظهار الحق والبيّنة وتجنيب كتائب الحر من اتهامات فلول النظام الأسدي يتم تسليم المتهم لنا، وبعد إيداعه في أحد السجون المخصصة لإجراءات التحقيق نحضر الشهود وأصحاب المسروقات للتعرف على موادهم ونواجه في بعض الأحيان عناصر الجيش الحر بالمتهم لتأكيد الأدلة وزيادتها إضافة إلى شهود يتبرعون للشهادة والقسم على كتاب الله بقول الحق.
ويضيف "العقيد"- بحسب الدارج بالبلدة- أنهم يعانون كثيراً لا سيما في قضايا ذات أبعاد اجتماعية، إذ يصرّ المتهم خصوصاً إذا كان من أبناء القرية أو القرى المجاورة على الإنكار، ما يدفعنا لمحاصرته بالأدلة أكثر وينتهي دورنا بإعادة الحقوق إلى أهلها ويجري ترحيله عن القرية أو منع دخولها بتذكيره أن العقوبة ستكون أقسى وقد تصل إلى قطع اليد السارقة إذا تكررت الحالة.
فضيلة الاعتذار
ويروي الشاب المتطوع في المحكمة تيسير الهويدي من عناصر الجيش الحر إن تجاربهم الأولية في بداية نشوء المحكمة كان يشوبها الكثير من الأخطاء وقد توجهت هيئة المحكمة الى الاعتذار العلني من أحد شباب البلدة بعد أن أصدرت قرارها بتوجيه التهمة له و إنزال العقوبة به جرّاء عمله لصالح فرع المخابرات الجوية بدرعا كمخبر يدلي ببعض المعلومات، وتم سجنه وترحيله إلى سجن اللجاة لكن سرعان ما تبيّن الحق بعد مراجعات من أشقائه والاستماع لأقوال زوجته في الحيثيات التي نظرت بها المحكمة.
ولتلافي بعض الوقائع المشابهة عمدت المحكمة إلى الاستعانة بخبرات بعض الحقوقيين من شباب البلدة، إضافة للجوء إلى بعض كبار السن ممن علّمتهم الحياة تجارب مشابهة، وهو ما وفر للمحكمة لجنة استشارية تضم ما يقارب خمسة أعضاء تعرض عليهم القضايا الشائكة ما يتعلق بحكم المقبوض عليهم من شبيحة النظام ومارسوا أعمال القتل بحق الناس.
استعانة بالشرع دون تطبيق الحد
ولا ينكر العاملون في المحكمة اعتمادهم غالباً على رأي بعض رجال الدين الثقاة لكنهم يصرون على أن الاستماع إلى الرأي الشرعي لا يعني تطبيقه كالحد، بل يؤخذ القرار بالمشاورة، فالسارق حكمه قطع اليد ورغم ذلك لم تقدم المحكمة على فعل ذلك خلال العشر دعاوى التي فصلت بها نظراً لتردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الناس خصوصاً الشباب منهم وهو ما يعتبرونه ظروفاً مخفّفة.
وتترك المحكمة الكثير من أوراقها للعرض في قادم الأيام على الهيئات القضائية الأوسع التي تتوقع لها أن تنشئ بمجرد خلاص المدن المركزية من طغيان النظام معتبرة أن حق استكمال التقاضي أمامها محفوظ للجميع فهي تعد أحكامها وتطلب من كل الأطراف التوقيع وصولاً للبصمة لضمان سير عملها بالشكل الأمثل ولتجنب رفع دعوى عليها شخصية أو كيدية.
محمد المقداد - درعا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية