أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد أو نحرق البلد...كيف ولماذا ؟!

ما أحوجنا كسوريين، كل السوريين لحل يبعد من وما تبقى منا عن احتمال التلاشي، بيد أن" أو نحرق البلد " سكنتني في واقع ما يقال عن تسويات، ربما لثقتي أن لا حل سلمياً يمكن أن يجنح له النظام، نظراً لما تراكم من أمراض السلطة عبر سنين وهاكم المقاربة.

" الأسد أو نحرق البلد " و "الأسد أو لا أحد " ترى هل جاءت هذه المقولات الممتدة لسابقاتها مصادفة وعلى لسان جندي محب أو إقليمي أو حتى شويعر تغريه القوافي ومهووس بالجناس والطباق، فنالت إعجاب أصحاب القرار فععموها على الساحات والدبابات وجدران البيوت بعد تهديمها وسلب واغتصاب من فيها. أم تراها صيغت بعناية عارف ماذا ولماذا ومتى يقول.

أظن، وظني من البعض الذي لا إثم فيه، أنها جاءت نتيجة وسبباً في آن، النتيجة كما خطفت خلفاً، نتيجة الخنوع والصمت والأحذ بيد فرعون ليفرعن، لتتنوع الأسباب، مباشرة لأن المزارعين والمرابعين طلبوا ما يتعدى حقوقهم "حرية وكرامة وعيش شريف " ما أثار حفيظة وغضب صاحب المزرعة من تمرد "عبيده " فذكرهم قبل طردهم أو قتلهم، إن اقتضت الضرورة " الأسد أو نحرق البلد ".

وغير مباشرة وهي على غاية الوجاهة والأهمية على ما أعتقد، ف"الأسد أو نحرق البلد" لأن غير ذلك من تداول سلس وطبيعي وسلمي للسلطة قد، بل أكيد، ستأتي بسوري آخر ما يعني فتح كل الأوراق والعقود والصفقات ما يغيّر من مفاهيم تكرست بعناية عبرعقود، من صمود وتصدي واشتراكية ومقاومة وممانعة وقومية وأمة عربية واحدة، فحرق البلد لتحرق معه كل أسرار الماضي وتضيع حقوق البلد بمن فيها، وتدفن أسرار قد تشكك، فيما لو كشفت، حتى بعدالة الله على الأرض.

و"الأسد أو نحرق البلد" لأن للكرسي تبعاته من استعلاء وفوقية، فما بالكم لو دام لعقود وغدا حقاً مكتسباً وطبيعياً، فلو مستأجر لبيت منذ أربعين عاماً وجاء ملاك البيت وأرادوا رفع قيمة الإيجار أو إخراج المستأجر، فماذا سيكون رد المستأجر، فما بالكم لو أن أصحاب الملك- الشعب وممثليه – صمغوا أذني المستأجر أن البيت له، بل " ويجب أن تحكم العالم يا سيدي الرئيس " فوقتها سيتشبث المستأجر حتى لو حرق البلد.
وأيضاً "الأسد أو نحرق البلد"، لأن البعض وصل في عبوديته لدرجة عبادة الأشخاص- إن بفعل التخويف أو التغييب أو بعض روحانيات - بعد اختزال الوطن بهم، ولم يعد يتصور أن تحكم البلاد بغيرهم...بل والبعض منح صفة الخلود ورفض أن تطال القائد حقيقة الموت.

خلاصة القول، كل ما يدفعه السوريون من قهر وتهجير وقلق و تنكيل ودم، إنما هو ثمن وربما مخفف لسكوت آبائهم عن "بالروح بالدم نفديك " و " للأبد " و "حلك يا الله حلك " فأن تختصر الأوطان برجل ويختزل التاريخ الممتد- كما نتشدق – لخمسة آلاف سنة بما بعد "التصحيح المجيد"، ونتناسى غصباً حيناً ومصفقين معظم الأحايين، كل ما لسوريتنا من عراقة وحضارة وما فيها من رجال، وما لها علينا من حقوق وما لأولادنا من مصائر، فذاك وحده كافٍ ليصعّب من التحول وليرفع أثمان الانعتاق ونيل الحرية. 

يا أيها الناس، من أبسط حقوقنا أن نعيش بحرية وكرامة، ألا نعمل عملين وثلاثة لنسد مطالب وحاجات أسرنا ونحافظ على مظهرنا وبقائنا، ألا ندفع رشى كي نحصل على وظيفة في وطننا، أن لا نعمل لدى دول الخليج الشقيق الذي يتمتع بعض أهليه بإذلالنا، أن نستطيع تعليم أولادنا وامتلاك أبسط شروط حياتنا والادخار لمستقبلنا، أيها الناس سوريتكم ملأى بمن قد يأخذ ها إلى حيث يستحق أهلوها، من عيش كريم وتطور وحضارة، لأني أظنكم شبعتم شعارات وأحلاماً وانتظاراً، وليس شرطاً أن يكون ممن طفا على السطح بعض الانتفاضة الشعبية، لأن في بعضهم وربما معظمهم، من الجهالة والإقصائية وربما النزوع للاستبداد ما يفوق " الأسد أو نحرق البلد " فسوريا التي تعج بالتنوع والاختلاف، لا يمكن أن تُحكم لاحقاً إلا بما يتناسب وتنوعها واختلافها، وإلا ستكون أمام ثورات ارتدادية قد لا تقل دموية عن انتفاضتها الحالية التي وصلت بالتهديم- وللأسف الشديد – إلى البنى الفوقية وبدأت آثارها تظهر على الذهنيات والعقول والأنفس.

عدنان عبد الرزاق - أمين تحرير صحيفة البعث المنشق
(272)    هل أعجبتك المقالة (250)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي