أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شيء من الرومنسية لغد مرتقب ... ليلى ايت سعيد

الحب في أروع تجلياته ، الحب في أروع قصصه وأخباره كان ذلك الذي وصلنا من قرون مضت واكل عليها تسونامي المعلوميات وشرب ، كان الحب وحده دستورا يحكم أمصارا وأمصارا فيما مضى ، حين انتهى مفعوله مع تطور قلب الإنسان تغير الحب وأضاف إليه الغرباء حرفا فصار لوحده قانونا لا يحدد من ينتصر ، ولكنه يحدد من يبقى على قيد الحياة ، حين أضافوا للحب حرفا حرفوا بذلك كل تلك المعاني الجميلة والنبيلة والسامية التي قرانا عنها في كتب التاريخ والأدب ،والتي ذكرها مؤرخو الشعر والنقد والأدب في قرون ما بعد التدوين ،حين أصبح الحب حربا لُعنت الراء وصار يستشهد في محيطها ألف عاشق وعاشقة .. لم يكن المجنون الذي مات حبا ليرضى بهذا المصير الذي آل إليه الحب في قرون ما بعد الثورة وما بعد العصر الحديث ، ولم يكن عنترة الذي جاء ب100 ناقة حمراء في سبيل حبه لعبلة ليرضى ، ولم يكن كل العشاق ليرضوا بهذا المصير الذي أل إليه حب العصر الحديث ، حتى السيد فالنتاين الذي اعدم بسبب تحريضه أولئك الجنود على فعل الحب الذي اعتُبر شنيعا في ذلك الوقت ويمنع الجنود عن ممارسة مهامهم الحربية، لم يكن ليرضيه مصير الحب الحديث ،حيت اختزلت المشاعر والأحاسيس تعرضت لعملية رجيم قاسية جدا قللت من تراكماتها في القلب ، كان السيد نزا قباني يدعوا إلى النقصان والتقليل من كل شيء ، رأى أن مشاعر الحب صارت كالجلباب الفضفاض وعليها أن تتعرض لعملية قص ولصق حتى تصير ممشوقة القوام على شكل عارضات الأزياء العالميات : لا مؤخرة بارزة ولا أنهاد متدلية ولا بطون فضفاضة ، والأكل بمواعيد يحددها العرض وسوق الموضة ، هكذا أصبحت مشاعرنا وحواراتنا وشعاراتنا عن الحب ....لكن الجميل في الأمر أننا يمكن أن نعيش برومانسية ، لا يهم كيف تكون فلكل رومانسيته الخاصة أو بالأحرى لكل نظرته الخاصة عن الرومانسية حسب موقعه الاعرابي من ظروف الجملة ،وباستطاعة أي واحد أن يحظر هذه الرومانسية ، فمثلا يمكن أن تجعل صباحك رومانسيا باستماعك إلى أغنية بصوت مغنيك المفضل وأنت تتناول إفطارك ،ويمكنك إعادة التجربة في أي وقت تشاء، يمكنك أيضا أن تقوم بأعمال رغم تفاهتها فإنها تبدو أكثر رومانسية لصباح متعب ، كان تقوم مثلا بقطف بعض الأزهار وزرعها والاعتناء بها يوميا فهذا يعتبر قمة الرمنسية ، أن تقوم بالابتسام في وجوه الناس دون أن تعلن تدمرك من رئيسك في العمل الذي وصل متأخرا وقام باهانتك لأنك وصلت قبله.. فهذا أمر لا يهم الآخرين بشيء، فقط ابتسم ، فالابتسامة من مفاتيح الرومانسية العصية، حين أفكر مرارا بأمر الرومانسية أجد أنها تاهت وسط زحام التفاصيل الصغيرة التي تعيق حياتنا البدائية المليئة بجميع تداعيات سبل العيش المريرة، وسط غلاء الأسعار وغياب الدعم والإمدادات التي من شانها أن تمنع عنا قليلا صفعات تدني فيمة كل شيء طبيعي ، وارتفاع الأسعار الحارق ، وسط لهيب الشمس التي تحرقنا لساعات ونحن ننتظر الحافلة عل السائق يحن علينا ويأتي في الوقت...إلا انه برغم كل ذلك مازال بإمكاننا أن نعيش برومانسية لبعض الوقت، بالنسبة لي مشاهدة الأفلام هي قمة الرومانسية ، وبيني وبينكم احب مشاهدة افلام الرعب التي لم تعد ترعبني اكثر من اخبار القتل والاغتصاب والموت الفجائي التي اسمعها او اقرا عنها في الجرائد او التلفاز او تصلني الى بريدي ..قليل من الوقت بدل الضائع لكي نكون رومانسيين برغم ظروف العيش التي تمنعنا من ذلك ،تقول صديقتي بان الرومانسية تبقى لقائنا الغير متوقع بشخص تكتشف انه توأم روحك ، ليس بالضرورة أن يكون حبيبا ربما يكون صديقا مثلا.. الرومانسية حين يعانقك وتحس انك بعيد على كل تفاهات العالم ، ويقول لك عيوبك دون خجل. المهم أن الرومانسية إحساس مختلف قد نقدر على خلقه بدون قيد أو شرط ، هكذا يمكننا أن نخلق لأنفسنا في كل لحظة شيئا من الرومانسية لغد مرتقب ..بعيدا عن الحب الذي تحول إلى حرب في عصر السرعة ......والصداقات الفارغة...

 

المغرب
(112)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي