اجهت الأردن مشكلة النازحين الفلسطينيين وتحمّلت أعباءهم الاقتصادية وتكاليف حياتهم كاملة, الدخل الإجمالي للدولة أصبح يُقسَّم على عشرة بعد أن كان من الممكن أن يقسم على خمسة, نصف السكان تقريباً هم من النازحين الفلسطينيين الذين دخلوا الأردن بعد الكارثة التي أصابت بلدهم الحبيب, استضافت العديد من الدول الفلسطينيين وانتشر هؤلاء في كل أنحاء العالم وكان للجارة الأردن النصيب الأكبر, نعم لقد تحملت الأردن –جزاها الله خيراً- تبعات استضافة اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم والمبالغ التي قدمت لها كمساعدات قد لا تكون كافية لإعالتهم بالشكل المطلوب.
لقد سكن الفلسطينيون في مخيمات في البداية ثم تطورت هذه المخيمات إلى مجتمعات كاملة مصغرة ثم أصبحت مدناً كاملة مع طول الأزمة الفلسطينية.
يتخوف الأردن اليوم وحكومته من تكرار الأمر مع الأزمة السورية و يتخوفون من أن تتحول المخيمات الجديدة إلى تجمعات بشرية دائمة وأن تعجب السوريين خاصة الفقراء منهم عيشة الأردن وتغريهم المساعدات, تحاول حكومة الأردن أن تقوم بواجبها لكن بأقل التكاليف من الناحية الأولى وبالحد الأدنى للمعيشة لكي لا يستمر اللاجئون في السكن طويلاً, الحكومة الأردنية تحاول أن ترسل للاجئين رسائل معيشية أن حضورهم مؤقت وأن سكنهم لن يطول حتى أن البعض يستطيع أن يطلق على المخيم اسم مخيم "تطفيش".
في تركيا أحوال المخيمات جيّدة وتعمل الحكومة التركية على تلبية احتياجات اللاجئين على الرغم من أن أعداهم أكبر ربما لم تمر تركيا بتجربة الأردن التاريخية مع اللاجئين لكن أيضاً الحكومة التركية تحسب الأمور جيداً وتستطيع أن تقيس الموضوع بمقياس المستقبل, الأتراك يعلمون أن "الأزمة السورية" مؤقتة -وتعمل على هذا- وأنها ستنتهي عاجلاً غير آجل بينما تتمنى الحكومة الأردنية أن تُحل الأزمة بأسلوب سياسي وبالتي قد لا يعود الوضع في سورية كما كان وقد يتحول اللاجئون إلى سكان.
على الحكومة الأردنية أن تراعي فارق القياس بين الأزمتين الفلسطينية والسورية وأن تسعى بدورها لإنهاء الأزمة لأنها دولة جارة ومعنية بالأمر وما مظاهرات إصلاح النظام وصولاً إلى إسقاطه إلا محاولات تحمل في طياتها الكثير من العدوى التي وصلت للأردنيين.
إن تعامل الحكومة الأردنية مع اللاجئين بأسلوب مخيم الزعتري لن يحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ولن يسهم في حل أزمة اللاجئين السورين ويشبه كثيراً في التعامل من يوصد بابه أمام النار التي تأكل منزل جاره, على الأردنيين حكومة وملكاً أن يعلموا هذا جيداً وأن ينتقلوا إلى جانب الحل والمشاركة في إنهاء القضية السورية, عليهم أن يكرموا ضيوفهم كما يليق بالمملكة الأردنية الهاشمية وكما أكرم أجدادهم الوفود وكما تعود الجميع منهم وأن يسارعوا فوراً لحل الأزمة السورية والإقبال بكلية بعيداً عن مشاركة الإطلاع والتصريحات التي لا تتعدى التكلف والتفرج, الأردن دولة شقيقة ومن عائلاتها نفس العائلات السورية وبالتالي إكرام اللاجئين من إكرام المواطنين وعلى الأردن أن تعي هذا الأمر أيضاً, فعلاً على الأردن أن تسارع بتصحيح الوضع في مخيم الزعتري وفي كل تعاملاتها مع الضيوف السوريين المؤقتين وأن تسعى لأن يكونوا مؤقتين وأن تدرك كما يدرك الضيوف أن سورية الحرة على الأبواب.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية