من سنة الكون والأعراف العالمية السائدة أن تكون قيادة الدولة بيد الأغلبية ، والدساتير الحديثة عرفت الأغلبية بالأغلبية السياسية ،أي إن الحزب الذي يفوز فإن أتباعه هم الأكثرية، وهو الذي يقود الدولة،وهذا لا يعني اضطهادا للأحزاب الأقل عددا.
وهذا التعريف ينسحب على الأغلبية الدينية والعرقية حسب الأعراف المتبعة ،فهي التي تقود الدول، لا فرق في ذلك بين جميع الدول على اختلاف أعراقها وأديانها واتجاهاتها السياسية ، وانظروا مقال د.فيصل القاسم ـ وهو من الدروز الأفاضل ـ حول الموضوع ، وهذا جزء منه ( في كل البلاد الديمقراطية يكون رأس السلطة من الأغلبية الدينية والعرقية حسب الدستور أو العرف،وهذا لا يعني إنقاص حقوق الأقليات، وهذا مطبق في أمريكا ودول أوربا وغيرها، مثلا في إسبانيا تنص المادة السابعة من الدستور على أنه يجب أن يكون الرئيس كاثوليكيا.
وفي السويد، فالدستور ينص على أنه يجب أن يكون الملك من البروتستانت ، ومعظم الدول تتضمن بنودا مشابهة ،أليس من حق الناس في البلدان العربية في ضوء ذلك أن يجادلوا بأن الغلبة السياسية يجب أن تكون للأغلبية المسلمة؟. عملاً بمبدأ الديموقراطية، وبأن لا تـُستخدم شماعة الأقليات للانتقاص من حقوق الأكثرية).انتهى
وفي سوريا فإن نسبة العرب السنة هي الأكثر ،فالقيادة يجب أن تكون لهم ، وهذا يعطي استقرارا وإحساسا بالعدالة حتى للأقليات،فهل يحس كردي بالغبن لأن القيادة لعربي إذا لم تهضم حقوقه الأخرى ،كذلك لا يحس مثلا أي مواطن درزي أو علوي أو اسماعيلي أو مسيحي… بالغبن فكلهم سواء تحت مظلة الديمقراطية .
شيء آخر يدعو لهذا المبدأ هو أن كل أقلية في كل الدول تتعصب لأتباعها أو فلنقل أنها تتكتل، وتميز بعضها وتتجمع وهذا ليس عيبا ، ونحن في سوريا لا نشذ عن هذه القاعدة فالدروز والعلويون الخ يميزون بعضهم بتصرفات ولهجات يتحرونها لمعرفة انتماء من يحادثونه ، وبذلك يتكتلون، وكذلك الأكراد يتحرون اللغة وبشكل متشدد.
والتجمع ليس عيبا إذا لم يكن موجها لأخذ حقوق الآخرين ولكنه قد يجلب المصائب إذا لم يكن هناك تشريع يحد من طمع الإنسان بأخذ ما ليس من حقه. وهذا ما حدث عند تكتل إحدى الطوائف السورية في الستينيات ،فأي مجموعة تسنح لها الفرصة لن تقاوم المغريات باستلام السلطة، ويتبع ذلك تفرقة وحقد نحن بغنى عنه .
أما الأكثرية فلا خوف منهم لسببين
1 ـ إن كثرتهم لا تسمح لهم بتمييز بعضهم .
2 ـ هم لا يحتاجون للتكتل بل ولا يمكنهم ذلك عمليا. ، والدليل ما حدث مؤخرا في سوريا، فمعظم الأقلية تكتلت وراء الدكتاتور رغم أنها على الخطأ بمساندتها لظالم مستبد، بينما بقي العرب السنة بدون تكتل مع أن مطالبهم بالحرية على صواب أسوة ببقية الشعوب ،نعم لم يتكتل منهم سوى الذين تعرضوا للظلم والتمييز مباشرة والاضهاد في حمص وادلب والساحل وحماة، وبقي البعيدون عن الاضهاد المباشر في حلب والجزيرة وغيرهم شبه صامتين وغير مبالين حتى أقحموا إقحاما بعد فترة طويلة من التفرج ، وقد كانت ثورة درعا لأسباب معروفة لا علاقة لها بالتكتل الطائفي من قريب أو بعيد فقد كانت مع الرستن من أشد حماة النظام ، لذلك فيجب أن يكون الأمر مشرعا بقوانين تنص على أن القيادة للفئة المستغنية عن التكتل الطائفي وهي الاغلبية أي للعرب السنة دون هضم لحق أحد .
وقد يقول قائل معنى ذلك ان الآخرين يصبحون من الدرجة الثانية ومن الأفضل لهم أن يبحثوا عن العدالة والرقي في دولة أخرى ؟
والرد هو أن رأس السلطة ستكون صلاحياته محددة بقانون، وحقوق الجميع محفوظة ، كما أن المرء لو هاجر إلى سويسرافسيجد نفس المبدأ فهذا هو المبدأ المعمول به في معظم دول العالم ، أي ضرورة أن يكون رأس السلطة من الأكثرية .
كما أن هذا الأمر ليس طعنا بدرجتهم فأنا أعتبر مثلا القائد (صلاح الدين) وهو من الأكراد الكرام خير قائد للجميع عربا وكردا ، ولكن من أين تأتي الآن بصلاح الدين أو فارس الخوري أو سلطان الأطرش أو صالح العلي ،فهؤلاء كانوا في زمن تغير، والخوف ليس من الشخص نفسه ولكن الإنسان يضعف أمام طائفته،وأمام مغريات المناصب والسلطة ،وسيجلب مشاكل نحن بغنى عنها، وهذا لا يحدث مع فئة لا تميز أفرادها ولا تتكتل وهي كتلة الأكثرية.
كما أن الأقليات قد تكون هي المرجح للفائز فالدروز في لبنان غالبا ما يرجحون كفة الفائز ،ومثل ذلك حدث أيضا في العراق عندما فاز علاوي وهو مرشح تدعمه الأقليات وليس الأكثريةوذلك قبل المؤامرة عليه.
ثم هل سيكون الجميع رؤساء ،إنه رئيس واحد وباقي الملايين متساوون كأسنان المشط
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية